رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

أدب الحرب الباردة.. منْ يذكر تلك الأيام؟


27-6-2025 | 12:23

.

طباعة
بقلـم: يوسف القعيد

كنتُ أمارس عادتى التى أحبها جداً وهى التنقيب بين الكتُب، إلى أن وجدت نفسى أمام كتاب: أدب الحرب الباردة، الذى كتبه أندرو هاموند، وترجمه الصديق المرحوم طلعت الشايب، الذى يُعد من أهم منْ ترجموا لنا الأدب المكتوب بلغاتٍ لا نقرأ بها، ومكّنونا من ذلك. إنه صاحب فضل أساسي، خاصة أنه نقل لنا العديد من الأعمال التى تُرجِمت عن اللغة الإنجليزية.

كانت الترجمة بالنسبة له رسالة حياة ومبرر وجود، وكان يسعد جداً عند القيام بها سعادة غير عادية. اختطفه الموت مبكراً رغم أنه رحل عن دنيانا فى الخامسة والسبعين من عمره،

 

ولكن جيلنا كله كان ينظر إلى نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم نظرة إعجاب لأنهما رحلا بعد التسعين من عمريهما. رغم أن الرحيل إرادة الله سبحانه وتعالى، لكنهما افترقا فى التسعينيات.

أما طلعت الشايب المترجم الجميل الذى مازال ينتظر رغم كل هذه السنوات أن نتذكره وأن نكتُب عنه، وأن نُذكِّر الأجيال الجديدة به، فهو مثال يُمكن أن يُقدم لهم جميعاً لأنه فعل ما لم يفعله أحدٌ غيره. ليرحمه الله رحمة واسعة ولنتذكره الآن بشكلٍ كامل، فهذا حقه علينا.

طلعت الشايب “1942 – 2017” هو كاتب ومترجم ومفكر، ترجم وراجع أكثر من عمل أدبى من الأعمال الأدبية العالمية. ولد فى قرية البتانون، إحدى قرى شبين الكوم بمحافظة المنوفية عام 1942، درس فى كلية المعلمين جامعة القاهرة عام 1958.

يُعد طلعت الشايب من أبرز المترجمين المصريين الذين ترجموا من الإنجليزية إلى العربية فى مصر بشكلٍ خاص، وفى الوطن العربى بشكلٍ عام، حيث كان يمتاز باختياره موضوعات الكُتُب التى يترجمها. كان الشايب مهتماً بموضوعات علم الاجتماع السياسى والتنمية، بالإضافة إلى الموضوعات التى تتناول العالم الثالث والحوار بين الثقافات والحضارات.

ترجم الشايب العديد من الكُتُب والروايات لعدة لغات مثل الفرنسية والإنجليزية والروسية إلى اللغة العربية، حيث بلغت الأعمال التى ترجمها أكثر من 20 عملاً، ومنها روايات: فتاة عادية لآرثر ميللر، الحرير لأليساندرو باريكو، وعارية أمام الآلهة للكاتب شيف كومار، ورواية: الملاك الصامت لهينريش بول، ورواية اتبعى قلبك للإيطالية سوزانا تامارو، ورواية: البطء لميلان كونديرا، ورواية: الحمامة للألمانى باتريك زوسكند.

ومن الكتب التى ترجمها: صدام الحضارات وإعادة صنع النظام العالمى للكاتب صمويل هنتنجتون، وكتاب: فكرة الاضمحلال فى التاريخ الغربى لآرثر هيمان، وكتاب: الحرب الباردة الثقافية: دور المخابرات المركزية الأمريكية فى الآداب والفنون لفرانسيس ستونر سوندرز، كما ترجم كتاب: فى طفولتي، وهى دراسة فى السيرة الذاتية العربية، حيث تمتاز بأنها ترجمة ذات مذاق أدبى وسردى كاملة لأطروحة الدكتوراه فى الأدب العربى للباحث السويسرى تيتز رووكي.

بالإضافة إلى مختارات من الشعر العالمى منها ديوان شعر: أصوات الضمير، الذى يُعد من الأعمال الشعرية المترجمة المميزة للشايب، حيث يضم الديوان خمسين قصيدة باللغة الإنجليزية من ديوان الشعر العالمى لعدة شعراء، بعضها مترجم عن لغات شعرائها الأصليين قبل أن يترجمها الشايب للغة العربية، وتمتاز هذه القصائد أنها كُتِبت ضد الإرهاب والعنف المادى والرمزى والاستغلال والقهر والسجن والاضطهاد العنصرى والتهميش بأشكاله سواء التهميش الاجتماعى أو التهميش السياسى سواء كان موجها من أفراد أو جماعات أو دول.

كما قام الشايب بتحرير موسوعة الأعمال الكاملة لرئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد، بالإضافة إلى ترجمة 3 كتب منها: الإسلام والأمة الإسلامية، خطة جديدة لآسيا والتحدي. كان لطلعت الشايب مكانة فى مجال الأدب والترجمة فى المجتمع الثقافى المصرى والعربى، مما أهَّله لتولى منصب مساعد مدير المركز القومى للترجمة المصرى منذ بداية إنشائه عام 2007، وظل فى هذا المنصب لمدة أربعة أعوام ثم تفرَّغ للقراءة والترجمة ومشاركاته فى المؤتمرات والمحافل، والمحافل الثقافية المحلية والدولية.

ومن أعمال طلعت الشايب:

حدود حرية التعبير: تجربة كتاب القصة والرواية فى مصر فى عهدى عبد الناصر والسادات، تأليف مارينا ستاغ، القاهرة، دار شرقيات 1995. صدام الحضارات: إعادة صنع النظام العالمي، صامويل هنتجتون، القاهرة دار سطور للنشر 1998. فتاة عادية، آرثر ميللر، القاهرة، دار شرقيات 1998. المثقفون، بول جونسون، القاهرة، دار شرقيات 1998. اتبعى قلبك، سوزانا تمارو، القاهرة، دار شرقيات للنشر والتوزيع 1999.

أيضاً الخوف من المرايا، تأليف طارق علي، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة، 2000. أنا القمر مختارات من الخرافة الصينية، القاهرة، الهيئة العامة لقصور الثقافة 2000. مكتوب: أن تتخيل قصة جديدة لحياتك، باولو كويلو، القاهرة، دار ميرت للنشر 2002. فى طفولتي: دراسة فى السيرة الذاتية العربية، تيتز رووكى القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة 2002. محنة الكاتب الإفريقي، تشارلز لارسون، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة 2005. الاستشراق الأمريكى: الولايات المتحدة والشرق الأوسط منذ عام 1945، دوجلاس ليتل، القاهرة، المجلس القومى للترجمة 2009.

فكرة الاضمحلال فى التاريخ الغربي، آرثر هيرمان، القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة 2009. منْ يدفع للزمَّار؟: الحرب الباردة الثقافية، فرانسيس ستونور سوندرز، القاهرة، المركز القومى للترجمة 2009. الفنون والآداب تحت ضغط العولمة، جوست سمايرز، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 2009. ربما فى حلب ذات يوم قصص أخرى: مختارات من القصة القصيرة الأمريكية. الحرير، ألساندرو باريكو، القاهرة، الهيئة العامة لقصور الثقافة 2012. العالم قصة قصيرة (مجموعة قصص)، إسماعيل كاداريه وآخرون، القاهرة، الهيئة العامة لقصور الثقافة 2013. أصوات الضمير: خمسون قصيدة من الشعر العالمي، الدوحة، وزارة الثقافة والفنون والتراث 2013.

الحرب الباردة الكونية، أود أرنى ويستاد، القاهرة: المركز القومى للترجمة 2014، الأبيض المتوسط: تاريخ بحر ليس كمثله بحر، جون جوليوس نورويش، القاهرة، المركز القومى للترجمة، 2015، هوس العمق، باتريك زوسكند، القاهرة، دال للنشر والتوزيع 2015. أدب الحرب الباردة: كتابة الصراع الكوني، أندرو هاموند، القاهرة المركز القومى للترجمة 2015. السياسات الخارجية الأوروبية: هل ما زالت أوروبا مهمة؟ جون فان أودينارن، القاهرة، المركز القومى للترجمة 2016. الملاك الصامت، هاينريش بول؛ القاهرة، دار دال للنشر والتوزيع، 2017. من بابل إلى التراجمة: تفسير الشرق الأوسط، القاهرة، المركز القومى للترجمة 2017. الحرب الباردة الثقافية، فرانسيس ستونور سوندريرز، القاهرة، دار رؤية للنشر والتوزيع 2018. تاريخ شعبى للعالم: كما صنعه الجنس البشرى من العصر الحجرى للألفية الجديدة (كتاب من جزأين) كريس هارمان، القاهرة، المركز القومى للترجمة 2019، وكان آخر أعمال طلعت الشايب قبل وفاته وتم نشره بعد وفاته.

أدب الحرب الباردة كتاب عن فكرة الصراع الكونى عندما يُعبِّر عن نفسه بالقصة والرواية والقصيدة والمسرح وفى بعض الأحيان السينما. أى أن الصراع الكونى يُصبح جزءاً من الإبداع الأدبى والفنى فى أكثر من مكانٍ من العالم. وقد طغى هذا الشكل من الكتابة خلال الحرب الباردة بين الشرق والغرب، لكنه يُمكن أن يعود مرة أخرى فى أى ظروفٍ مُغايرة. وإن كنتُ لا أعتقد أبداً أننا سنراه بالطريقة التى عشناه بها من قبل. فلكل زمانٍ أشكاله الأدبية ورؤاه وطرق التعبير عنه.

توفى طلعت الشايب فى الأول من أبريل عام 2017 إثر أزمة صحية مفاجئة خلال مشاركته فى ندوة صالون التورجى الثقافى بدمياط الجديدة، حيث وافته المنية قبل وصوله إلى المستشفى.

يرحمه الله رحمة واسعة.

 
 
 

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة