رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

عداوة بعد محبة.. ترامب وماسك.. صراع السلطة مع المال


15-6-2025 | 21:12

.

طباعة
تقرير: يمنى الحديدى

نهاية أسبوع صاخبة مرت بها الولايات المتحدة، بعد أن تبادل أقوى رجل فى أمريكا، الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الإهانات مع أغنى رجل فيها، إيلون ماسك، عبر مواقع التواصل الاجتماعى، حتى أعلن ترامب السبت الماضى انتهاء علاقته مع ماسك، الذى موّل حملته الانتخابية، وكان من أقرب مستشاريه منذ توليه منصبه فى يناير الماضى وعلى مدار الأشهر الماضية.

 

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل توعد ترامب، ماسك بأنه ستكون هناك عواقب وخيمة إذا قام بتمويل الديمقراطيين فى مواجهة الجمهوريين، الذين سيصوتون لصالح قانون ترامب الشامل لخفض الضرائب والإنفاق. وكانت القصة قد بدأت عندما انتقد ماسك الأسبوع الماضى مشروع القانون هذا، ووصفه بأنه «عمل بغيض ومثير». حيث كتب ماسك، بعد أيام من انسحابه من واشنطن، على منصة التواصل الاجتماعى «إكس»، أن مشروع القانون «فضيحة»، واتهمه بأنه سيزيد بشكل هائل العجز الموجود بالفعل فى الميزانية، ليصل إلى 2.5 تريليون دولار، ما سيُضاف إلى الدين الأمريكى البالغ 36.2 تريليون دولار، ويثقل كاهل المواطنين الأمريكيين بديون لا يمكن تحملها، وأضاف أن كل مَن يصوت لصالح قانون الإنفاق عليه أن يشعر بالخزى.

وقد أقر مجلس النواب الأمريكى بالفعل هذا القانون، الذى يسميه ترامب «القانون الجميل الكبير»، بأغلبية ضئيلة فى مايو الماضي، ومع ذلك، يعرقل العديد من أعضاء الحزب الجمهورى التابع لترامب مشروع القانون فى مجلس الشيوخ، بمن فى ذلك ماسك، حيث يعترض هؤلاء على الزيادة المخطط لها فى سقف الدين، ويريدون مزيدًا من التخفيض فى الإنفاق بدلًا من ذلك.

ويسعى القانون ذاته إلى تمديد الإعفاءات الضريبية التى أُقرت فى فترة ترامب الأولى بشكل دائم، على أن يتم التعويض عن هذه الأموال عبر تخفيضات فى المزايا الاجتماعية وبرامج الرعاية التى تقدمها الدولة، وهو ما انتقده ماسك، وانضم إليه السيناتور الديمقراطى بيرنى ساندرز، الذى قال إن أغنى الأمريكيين سيحصلون على 665 مليون دولار إعفاءات ضريبية، بينما سيتم اقتطاع 290 مليون دولار من المساعدات الغذائية للمحتاجين. كما أنه سيؤدى إلى تقليص النفقات العامة فى مختلف القطاعات، مثل قطاع التأمين الصحى «ميديك إيد»، الذى يعتمد عليه أكثر من 70 مليون أمريكى من ذوى الدخل المحدود. وبحسب تحليل أجراه مكتب الميزانية العامة فى الكونجرس، فإن هذا البرنامج سيُحرم منه 7.6 مليون شخص بحلول عام 2034.

وقد اندلعت فصول الخلاف الأخيرة بين ترامب على منصات التواصل الاجتماعي، حين وصف ترامب عبر منصة «Truth Social» ماسك بأنه «ناكر للجميل»، زاعمًا أن الأخير لم يكن ليصل أبعد من مكانه دون دعمه وترويج قضيته الانتخابية. وهدد ترامب بإلغاء العقود الحكومية والإعانات لشركات ماسك مثل تسلا وSpaceX. فى المقابل، رد ماسك بشكل حاد على منصة «إكس» واصفًا مشروع قانون الإنفاق الجمهورى بأنه «فضيحة مخزية»، وأضاف أنه دون دعمه المالى -الذى تجاوز 250 مليون دولار فى 2024- لما فاز ترامب فى الانتخابات، مما دفعه لمطالبة الرئيس بالإقالة، متهمًا إياه بأنه منتسب إلى ملفات جيفرى إبستين. كما رد ماسك بأن «SpaceX» سيبدأ بتعليق تشغيل مركبة «Dragon» الفضائية ردًا على تهديد ترامب بقطع العقود، لكنه تراجع عن قراره لاحقًا.

السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، وعضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة، قال فى تصريحات لـ«المصور» إن خلاف ترامب وماسك كان متوقعًا، فهما فى النهاية شخصيتان مختلفتان تمامًا، وتجمعهما المصالح. فقد تحالف ترامب مع ماسك بعد خروجه من السباق الرئاسى 2020، تمهيدًا للانتخابات التالية التى نجح فيها بالفعل، وكان لمؤسسة ماسك دور كبير فى ذلك. لكن بدأت الصدامات عندما اعترض ماسك على العديد من سياسات ترامب، مثل تخفيض المعونات الخارجية، وتقليص عدد موظفى السفارات، وكذلك خفض مخصصات التعليم وغيرها، وحينها قيل لماسك ألا يتدخل، وأنها قرارات فنية. أما الخلاف الأخير فكان القشة التى قصمت ظهر البعير.

فقد كان هناك دائمًا دعم للسيارات الكهربائية فى الميزانية الأمريكية، وكان ترامب قد وعد ماسك بزيادته، لكنه فوجئ بخفضه. وردا على ذلك، بدأ العديد من الأفراد فى حرق السيارات الكهربائية فى مناطق عدة، ما كبّد ماسك خسائر تُقدر بـ120 مليار دولار، فقرر حينها الانسحاب من إدارة ترامب. لكن، وبحسب البعض، فإن انسحاب ماسك بهذه الطريقة قد يكلفه الكثير، فرغم أن ترامب صرح بأنه لن يُلغى عقود تسلا وغيرها من شركات ماسك المتعاملة مع الحكومة، فإن هناك تسريبات تشير إلى أن ترامب ربما لن يجدد تلك العقود.

الأمر الذى دفع ماسك إلى التراجع قليلًا وتهدئة الأمور مع ترامب، فحذف معظم التعليقات التى انتقدت الرئيس من حساباته، وكان أحدها يدعو إلى عزل ترامب وتعيين نائبه جى دى فانس بدلًا منه. وقد اقترح ترامب بالفعل أن تتم مراجعة العقود الفيدرالية مع شركات ماسك، وقال أشخاص مقربون من ماسك إن غضبه بدأ يهدأ، وإنهم يرغبون فى إصلاح العلاقة مع ترامب، رغم تصريح الأخير بأن علاقته مع ماسك «انتهت دون رجعة».

لكن، حسب «حسن»، فإن المصلحة وحدها هى مَن ستحدد شكل العلاقة القادمة بين ماسك وترامب: هل سيتم التصالح بينهما؟ أم سينضم ماسك إلى قائمة المغضوب عليهم من الرئيس الأمريكي، ويمضى حينها قدمًا فى إجراءات تأسيس الحزب الجديد الذى يسعى إليه؟ فقد صرح ماسك بالفعل بأن الوقت قد حان لظهور حزب جديد فى الولايات المتحدة، لتمثيل 80 فى المائة من الطبقة الوسطى. لكن، وكما يقول «حسن»، فإن هذا الحزب الجديد قد يؤدى إلى مزيد من الانقسامات فى الولايات المتحدة، التى تعانى أصلًا انقسامًا حادًا أكثر من أى وقت مضى.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة