يزخر تاريخنا الثقافي والفني بنجوم مضيئة، عاشت تتلألأ في حياتنا، من مؤلفين وممثلين ومخرجين، ونجومًا خلف الستار، أضافوا الكثير بالتزامهم وإخلاصهم و مواهبهم وإبداعهم في مسيرة المسرح المصري والعربي، واسعدوا الجمهور بكل ما قدموا، تركوا إرثًا فنيًا في الحركة الفنية المصرية وحفروا أسماءهم في عالم الإبداع بما قدموه بعروض مسرحنا المصري.
ومع بوابة «دار الهلال» نواصل تسليط الضوء يوميًا على رحلة أحد صناع رحلة المسرح المصري على الخشبة، ومن عالم الكواليس، وخلف الستار، ومن المؤلفين والمخرجين، والمشاركين في خلق العرض، و نسافر معه من خلال سطورنا تحت عنوان «نجوم المسرح المصري».
ونلتقي اليوم مع نجمة من نجوم المسرح أيقونة الكوميديا وصانع البهجة الفنان محمد نجم
استطاع أن يصبح أحد أشهر الممثلين في فن الكوميديا في مصر والوطن العربي، واتسم بحضور لافت للجمهور وكان قادرًا على الارتجال والتميز في التنكر بشخصيات درامية عديدة وتقديم الإفيهات، وتحقيق التواصل الكبير مع الجمهور من أدائه الجسدي بحركاته الكوميدية المغايرة والمتنوعة وأدائه الساخر الذي ينتزع الضحكات من قلوب الجماهير إنه الفنان محمد نجم.
ولد الممثل المصري المتميز محمد نجم في 6 مارس عام 1944 بقرية الغار التابعة لمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، بدأ مسيرته الفنية في أوائل السبعينات بأدوار صغيرة في السينما والتليفزيون ثم حقق انطلاقته ولفت الأنظار إليه من خلال فرقة «المسرح الساخر» للفنانة القديرة نجوى سالم، وكانت أولى مسرحياته هى «موزة و3 سكاكين»التي قدمها في عام 1970م، غير أن أول بطولة مسرحية له كانت بمسرحية «حاجة تلخبط»في نهاية نفس العام أيضًا.
حقق محمد نجم من خلال المسرح نجاحه الكبير بعمله بعدة فرق من بينها فرق:«عمر الخيام»، «الكوميدي شو»، و«المدبوليزم» للفنان القدير عبد المنعم مدبولي الذي فجر كثيرا من طاقاته.
قرر محمد نجم بعد ذلك تأسيس فرقته الخاصة والتي تحمل اسمه، وقدم من خلالها العديد من المسرحيات الناجحة، وكان ذلك بعدما حقق البطولة المطلقة والنجاح من خلال مسرحيته الأكثر شهرة بين أعماله الفنية «عش المجانين»، والتي قدم من خلالها أشهر إفيهاته المسرحية ولازمته الفنية الكوميدية «شفيق ياراجل» والتي كانت تفجر الضحكات على وجوه الجماهير.
محمد نجم وفرقته المسرحية
وتميز «نجم» عن غيره كثيرًا بالمسرح المصري من أبناء جيله، كما نجح في بناء دار عرض خاص بفرقته أطلق عليها اسمه، ووفق فى شراء دار صيفي للعرض السينمائي بمنطقة الدقي واتخاذها مقرا لفرقته، وحولها سريعا لدار عرض مسرحي لتقديم عروضه، وبعض العروض لفرق أخرى أحيانا وافتتح المسرح في ديسمبر عام 1982م بمسرحيته الشهيرة «واد النمس» من تأليف مجدي الإبياري وإخراج عبد المنعم مدبولي وبطولته مع هياتم، زين العشماوي، وعلي الشريف.
أزمة وإرادة قوية
تعرض مسرح محمد نجم بعد عدة سنوات لحريق كبير في أبريل عام 1986م، التهم خشبة المسرح وأيضًا غرف الكواليس، واحترقت ديكورات وملابس مسرحية «القشاش»، ولكن استطاع وإرادته خلال فصل الصيف إجراء الإصلاحات الشاملة لإزالة آثار الحريق، واستأنف المسرح نشاطه في نهاية السنة نفسها بمسرحية «الخوافين» تأليف ماهر ميلاد وإخراج عبد الغني زكي، واستمر المسرح يعمل بانتظام وحقق شهرة كبيرة.
قدم محمد نجم من خلال فرقته نحو 20 عرضًا مسرحيًا، إضافة إلى العروض التي شارك في إنتاجها مع بعض الجهات الإنتاجية الأخرى، هذا وكان أفضل فترات تألق فرقته فنيا وجماهيريا - وتألقه خلال فترة الثمانينات والنصف الأول من تسعينيات القرن الماضي.
وفي هذه الفترة قدمت المسرحيات الجماهيرية التالية: «طار فوق عش المجرمين، أنا أجدع منه، الواد النمس، دول عصابة يا بابا، إعقل يا مجنون، البلدوزر، الخوافين، أصل وخمسة، عبده يتحدى رامبو، الكدابين قوي، أولاد دراكولا، منور يا باشا.
مصر قبلة السائحين العرب
وللنجاح الجماهيري الكبير لفرقة محمد نجم، أصبحت مصر خلال فترة الثمانينات قبلة السائحين العرب، و«نجم» عدة جولات فنية خارجية بعروضه المتعددة ببعض الدول العربية الشقيقة ومن بينها: سوريا، لبنان، السعودية، دول الخليج،وقامت الفرقة أيضا بتقديم عدد من مسرحياتها للجاليات العربية ببعض الولايات الأمريكية وكندا وكذلك ببعض الدول الأوربية ومن بينها الدنمارك .
تمثلت المسرحيات التي قدمها محمد نجم للمسرح المصري فيما يلي:
فرق الدولة
المسرح الكوميدي.. النمر 2007 و بفرق القطاع الخاص قدم مع «المسرح الساخر»(نجوى سالم): «موزة وثلاث سكاكين، حاجة تخبط 1970م، صاحبة العصمة 1972م، صديقي اللص، ممنوع لأقل من 30 سنة 1973م
ومع المسرح الفكاهي (أنور عبد الله):«شورت ساخن جدًا» 1971م
«المسرح الجديد» شارك في «سندريلا والمداح» 1973م، ومع «فرقة عمر الخيام» شارك في «إنهم يقتلون الحمير، «لعبة اسمها الحب» بعام 1974، ومع «فرقة الكوميدي شو» قدم مسرحية «الدنيا مزيكة» 1976م
فرقة «المدبوليزم» شارك في «حمار ماشالش حاجة» 1977م، مولود في الوقت الضائع 1978م.
عروض فرقة «نجم»
قدم محمد نجم العديد من المسرحيات المتميزة في رحلته ومنها :« طار فوق عش المجرمين »1981م، أنا أجدع منه 1982، الواد النمس في عام 1983م، دول عصابة يا بابا، إعقل يا مجنون1984م، البلدوزر 1986م، الخوافين، أصل وخمسة 1987م، عبده يتحدى رامبو 1989م
«الكدابين قوي 1990م، أولاد دراكولا 1992، منور يا باشا 1994م، واد عفريت 1998م،أي أند يو هنجننوه 2000 م، عيطة عامل زيطة 2005 م، الأستاذ بطة 2009م، دوحة و حلمبوحة 2010م، عفيفي بقى فيفي 2011 ، البريمو 2015م، الأونطجي 2016» .
فرقة النسور (ممدوح يوسف)
شارك محمد نجم في مسرحية «واحد لمون والتاني مجنون» 1995م،ومع فرقة(عصام الحوت) شارك في مسرحية دربكة همبكة 1998 م
ومع فرقة «مينوش (مدحت الشريف) شارك في «الواد ضبش عامل لبش» 1999م، ومع فرقة السارة للإنتاج الفني شارك في «سلم وبعدين نتكلم» 2002م.
وشارك محمد نجم في مجموعة من «المسرحيات المصورة» التي أنتجت للعرض التلفزيوني ومن بينها:
«دليل الرجل المتزوج، سيرك البلياتشو، غبي في الفضاء، بنسيون الأحلام 1970م وفي عام 1977 شارك في «أنا نسيت اسمي» (نسيت نفسي)، «حماتي والمنديل»، غبي في الفضاء وفي 1978 شارك في صاحبة الملاليم، حسنين يعيش مرتين ، وقدم زوجة واحدة تكفي 1979 م»
وشارك في مسرحيات «في بيتنا مجنون، أغرب زواج في العالم في عام 1981م، إديني عقلك بلعام 1983، حاسب من الستات» في 1995
«كحيون ربح المليون» في 2002م، رابطة المشجعين في 2004م، «مطلوب غبي فورا» عام 2015م، «فتحية بيه في 2018م، وشارك في بعض المسرحيات التي قدمت ببعض الدول العربية ومن بينها: «عفريت في الأكاديمية»، «نجوم سوبر ستار، «زغلول على المحمول».
«النجم» مؤلفًا ومخرجًا
وتميز الفنان محمد نجم خلال ممارسته المسرحية الطويلة بمجالي التأليف والإخراج، فساهم في المسرح المصري بإخراج خمس مسرحيات هي: «المشاغب، عيطة عامل زيطة، الأستاذ بطة، دوحة وحلمبوحة، عفيفي بقى فيفي، كما قام بتأليف مسرحية «الأستاذ بط، وشارك كل من المؤلف طارق عبد الجليل في تأليف مسرحية «الكدابين قوي»، والمؤلف عزت آدم في تأليف مسرحية «واد عفريت».
أثر وتكريم لمحمد «النجم» في سماء المسرح
حصل محمد نجم على العديد من التكريمات والجوائز والأوسمة وشهادات التقدير المحلية والدولية، وبرغم حصوله على بعض الجوائز عن أدواره الثانوية بالسينما، وقيام بعض الجهات بتكريمه لكنه لم يحظ بما يستحق من تكريم تقدير لإسهاماته المهمة و الكثيرة والمتنوعة في المسرح، وقد ظل طوال مسيرته الفنية فخورا بحب الجماهير له الذي يعد له و للمسرح أهم مظاهر التكريم.
رحيل وأثر باق
ورحل محمد نجم عن عالمنا في 5 يونيو عام 2019 م بعد رحلة ومسيرة فنية ستبقى حية في ذاكرتنا ووجداننا ووجدان الشعب العربي كله أثرا لن يزول ليبقى محمد نجمًا في مساء الفن المصري والمسرح العربي.