رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

مصطفى الشربيني: الدورة السابعة لـ UNEA تشكّل نقطة تحوّل في إدارة القضايا البيئية عالميا

11-12-2025 | 10:52

مصطفى الشربيني

طباعة
أ ش أ

أعلن الدكتور مصطفى الشربيني، الخبير الدولي في الاستدامة وتقييم مخاطر المناخ، واستشاري المناخ بالأمم المتحدة، ومراقب باتفاقية باريس، وعضو مجموعة العمل الثالثة بمنظمة الصحة العالمية، ورئيس الكرسي العلمي للبصمة الكربونية والاستدامة بالألكسو، أن الدورة السابعة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة، التي استضافتها العاصمة الكينية نيروبي، جاءت هذا العام لتشكّل منعطفًا حقيقيًا في مسار الحوكمة البيئية العالمية، وتعكس في الوقت ذاته اللحظة الحرجة التي يمر بها العالم في ظل تفاقم الأزمات البيئية المتداخلة.

وأكد الشربيني، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم/الخميس/،أن هذه الدورة اكتسبت زخماً استثنائياً لأنها شهدت نقاشات غير مسبوقة حول ملفات معقدة مثل الذكاء الاصطناعي والمواد الكيميائية والاقتصاد الدائري، مشيراً إلى أن البيئة لم تعد قضية خضراء أو رفاهية كما كان يُنظر إليها سابقاً، بل أصبحت جزءاً أساسياً من قضايا الأمن القومي والغذاء والطاقة والصحة والاقتصاد العالمي..مشيرا إلى أن UNEA-7 تحولت إلى ما يشبه غرفة عمليات دولية اجتمعت خلالها الحكومات والعلماء لضبط اتجاه العمل البيئي خلال السنوات المقبلة.

وحول تعريف جمعية الأمم المتحدة للبيئة، قال الشربيني إنها تُعد البرلمان البيئي للعالم، حيث تجتمع الدول الـ193 على قدم المساواة كل عامين لرسم التوجهات البيئية الكبرى وتحديد أولويات برنامج الأمم المتحدة للبيئة، موضحاً أن هذه المنصة تمنح جميع الدول صوتاً واحداً في مواجهة التحديات العالمية، وهو ما يجعل قراراتها ذات تأثير مباشر على مستقبل السياسات البيئية.

وأوضح الشربيني، بصفته مراقباً باتفاقية باريس، أن أجواء المفاوضات داخل قاعات UNEA-7 كانت شديدة التوتر، ليس بسبب اختلاف الدول على الهدف، وإنما على آليات التنفيذ ومصادر التمويل ونقل التكنولوجيا، مشيراً إلى أن الدول الصناعية دفعت نحو نصوص طموحة وقوية، بينما طالبت الدول النامية بضمانات مالية وفنية تتيح لها تنفيذ الالتزامات. 

وأضاف أن المفاوضات شهدت لحظات حادة وأخرى اتسمت بمرونة سياسية، وأن إصرار الوفود على الاستمرار حتى اللحظات الأخيرة يعكس إدراكاً جماعياً لخطورة المرحلة.

وحول أبرز الملفات الخلافية، قال الشربيني إن موضوعات المعادن وإدارة الموارد، والذكاء الاصطناعي وتأثيره البيئي، والتلوث البلاستيكي، والتمويل، والاستراتيجية المتوسطة الأجل لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة كانت الأكثر إثارة للجدل، مشيراً إلى أن أزمة طحالب السرجس شكلت إحدى المفاجآت التي جذبت اهتماماً واسعاً، لأنها لم تعد مجرد ظاهرة طبيعية بل تحولت إلى أزمة بيئية واقتصادية وصحية تُهدد الشواطئ والسياحة وصحة السكان في مناطق واسعة من الكاريبي وإفريقيا.

وأشار إلى أن ملف الذكاء الاصطناعي كان أحد أكثر القضايا سخونة، لأن النمو المتسارع للتقنيات الرقمية يفوق قدرة الدول على تنظيمها، مشيراً إلى أن مراكز البيانات الضخمة تستهلك كميات هائلة من الطاقة والمياه، وأن النقاشات دارت بين من طالب بوضع قواعد صارمة لحماية البيئة، ومن رأى أن ذلك قد يؤخر الابتكار. وأكد أنه كان من الداعمين لرؤية متوازنة تضمن التنظيم دون تعطيل التطور التقني.

ونوه الشربيني إلى أن بعض القرارات وصلت بالفعل إلى حافة الفشل، بينها قرار المعادن وقرار الاستراتيجية متوسطة الأجل، إضافة إلى ملف الذكاء الاصطناعي، إلا أن المرونة الدبلوماسية ساهمت في التوصل إلى حلول توافقية عبر تعديل النصوص وحذف بنود وإعادة صياغة أخرى، لافتاً إلى أن آلية الأمم المتحدة تقوم على الوصول إلى اتفاق مهما تعقدت الخلافات.

وحول أهمية قضايا التنوع البيولوجي والشعاب المرجانية، أكد الشربيني أن الطبيعة لا تعرف الحدود، وأن تدهور الشعاب المرجانية يهدد الأمن الغذائي والاقتصاد العالمي، وأن فقدان التنوع البيولوجي يؤدي إلى اضطرابات بيئية وصحية خطيرة تشمل الأمراض وانهيار النظم الزراعية وتدهور التربة، موضحاً أن ما يحدث في بحار ومحيطات مناطق بعيدة قد يؤثر بشكل مباشر على دولة مثل مصر أو دول أوروبا.

وبيّن الشربيني أن مشاركة الشباب هذا العام كانت بارزة ومؤثرة، واصفاً إياهم بقوة الضغط الناعمة" التي أعادت توجيه النقاشات نحو العدالة البيئية والشمول والاعتماد على العلم، مؤكداً أن خلافاً دبلوماسياً نشأ حول وصف مشاركتهم بصنع القرار، وانتهى بتعديل الصياغة، لكن حضور الشباب ظل محورياً في أعمال الدورة.

وأكد أن UNEA-7 نجحت في تحقيق عدد من الأهداف المهمة، منها تعزيز التناغم بين الاتفاقيات البيئية الدولية، وربط العلم بصنع القرار، ووضع موضوع الذكاء الاصطناعي على الأجندة البيئية العالمية، ودفع مفاوضات معاهدة البلاستيك، وتقديم دعم أكبر للدول النامية من خلال نصوص أكثر إنصافاً، مشدداً على أن الجمعية تمثل خطوة مهمة في مسار طويل يحتاج إلى جهود متواصلة.

وحول موقع العالم بعد هذه القمة، قال الشربيني إن البشرية أصبحت أقرب إلى فهم حجم الأزمة البيئية، لكنها ما زالت بعيدة عن تنفيذ الإجراءات المطلوبة، مشيراً إلى أن التحديات أكبر من قدرة الحكومات على التحرك بوتيرة عاجلة، وأن التمويل والتكنولوجيا يظلان العقبة الأكبر أمام تنفيذ التعهدات.

وأوضح الشربيني أن نتائج UNEA-7 سيكون لها أثر مباشر على مصر، لأنها دولة شديدة الحساسية لتغير المناخ وتعتمد على الزراعة والمياه والبحر، مشيراً إلى أن مخرجات الجمعية ستنعكس على شكل تمويلات إضافية للمشروعات البيئية، وتحسين إدارة النفايات والتلوث، وحماية النظم البيئية، إضافة إلى خلق فرص عمل للشباب في الاقتصاد الأخضر والدائري.

وشدد الشربيني على أن التلوث يمثل الخطر الأكثر إلحاحاً وأنه يقتل 9 ملايين شخص سنوياً، مؤكداً أنه "العدو الخفي" الذي يهدد الصحة والاقتصاد والبيئة في آن واحد، وأن أي تحوّل نحو الطاقة النظيفة أو الاقتصاد الأخضر لن ينجح دون معالجة جذور التلوث.

وختم الشربيني بقوله إن العالم لن يتمكن من مواجهة الأزمة البيئية إذا اعتمد على الحكومات وحدها، داعياً القطاع الخاص والشباب والجامعات والإعلام إلى المشاركة في الحل، وموجهاً رسالة للشباب العربي بأنهم جيل التحول البيئي وصنّاع المستقبل، وأن البيئة ليست مجالاً نخبوياً بل جزء من الحياة اليومية، ومن يفهمها اليوم سيكون قائد الغد في عالم يتغير بسرعة.

أخبار الساعة