رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

الملك توت يعود إلى الحياة من بوابة المتحف الكبير


31-10-2025 | 16:12

.

طباعة
بقلم: حمدى رزق

إذا سألت الدكتور «زاهى حواس» الملقب بـ«حارس الأهرامات الأمين»، ما لفتك فى مقتنيات المتحف المصرى الكبير، وقد سألته فأجاب، إنها مجموعة الملك توت عنخ آمون الذهبية .

وفى الوصف التفصيلى، مجموعة نادرة من المقتنيات الذهبية والخشبية، تخطفك، وتدهشك، تغبطك، إنها الأشهر عالميا، يسألون عنها فى أرجاء المعمورة، وقصة الملك الصغير (توت) تسيطر على وجدان العالم، وما من طفل صغير فى المدارس عالميا إلا ولديه صورة للملك بتاجه الذهبي، لعله أجمل تيجان الحضارة المصرية، ويبز جماله كل التيجان فى تاريخ البشرية.

 

لو كان عالم المصريات الإنجليزى العظيم هوارد كارتر (9 مايو 1874 - 2 مارس1939) بين ظهرانينا، حاضرا فى الافتتاح العظيم للمتحف الكبير، لخرج عن وقاره المعهود؛ ولألقى قبعته الشهيرة فى الهواء هاتفا إنه الاكتشاف الثانى المبهر لمجموعة الملك توت الذهبية.. المصريون يكتشفون توت مجددا .

للملك الصغير قصة طويلة رغم عمره القصير (توفى عن عمر يبلغ 18 أو 19 عامًا تقريبًا)، وتشير الدراسات الأثرية إلى أن وفاته كانت فى العام 1323 ق.م تقريبا، ويعتقد الأثريون وعلماء المصريات بأن وفاته كانت نتيجة لعدة عوامل مجتمعة، أبرزها الإصابة بالملاريا مع وجود كسر فى الساق. 

يرجح الدكتور «زاهى حواس» وفاة الملك توت، بالمرض ولم يتعرض للقتل أو الاغتيال كما كان شائعا.

قصة الملك توت تعود إلى بواكير القرن الماضي، تحديدا عام 1907 بعد عدة سنوات قاحلة من الاكتشافات الأثرية الكبيرة والمؤثرة، والملل واليأس يتسرب لنفوس البعثات الأثرية فى لهيب الأقصر وصقيعها، تعرف مكتشف الآثار الشهير هوارد كارتر على اللورد الإنجليزى «كارنارفون»، أحد الهواة المتحمسين والذى أبدى استعدادا لتمويل بعثات كارتر الاستكشافية.

لاحقا، أصبح كارتر المسئول عن كل أعمال التنقيب لصالح كارنافون، وقام كارنافون بتمويل بحث كارتر عن الفرعون المجهول مسبقا (توت عنخ آمون)، والذى اكتشف اسمه على خجل من قبل كارتر.

بعد عدة أشهر من التنقيب والبحث غير المثمر، أصبح اللورد كارنارفون غير راضٍ عن النتائج وفشل استثماراته.

وفى عام 1922، أعطى اللورد كارنارفون، العالم الباحث العظيم هوارد كارتر موسما واحدا أخيرا، فرصة أخيرة لإكمال أعمال التنقيب.. لعل وعسى.

فى الرابع من نوفمبر عام 1922 بعد 15 عاما من البحث وجد كارتر مقبرة توت عنخ آمون «ك.ف 62»، كانت مفاجأة أثرية عالمية اهتزت لها جنبات الكرة الأرضية.

أجمل مقبرة أثرية اكتشفت على مر العصور، مقبرة بكر لم تُمس من قبل بوادى الملوك، لم يمسسها إنس ولا جان.

أرسل كارتر من فوره برقية للورد كارنارفون للمجيء، فى السادس والعشرين من نوفمبر لعام 1922، وحضر كارنارفون على عجل ووجل بصحبة ابنته وآخرين.

أمام الجمع الواجف، المتحسب، المتشوق، قام كارتر بنقر «كسر صغير» فى الزاوية الشمالية لمدخل المقبرة، وأصبحت المقتنيات داخل المقبرة تلمع بادية للعين بواسطة ضوء شمعة.

شاهدت الأعين المفتوحة الحدقات، الآثار الذهبية الخاصة بالمقبرة، والكنوز الأثرية من خشب الأبنوس التى بقيت فى مكانها وعلى حالتها منذ فجر التاريخ.

وحتى ذلك الحين لم يكن كارتر يعلم بعد هل هى «مقبرة أم مجرد مخبأ» ولكنه تأكد عندما شاهد ختما واضحا بأحد الأبواب المحروسة بين تمثالين.

عندما سـأله كارنارفون «هل وجدت شيئا»، قال نعم « إنها أشياء مذهلة». هذه حقيقة وليست خدعة لا يمكن قبولها King

Tutankhamen’s Tomb

وصدح كارتر صحفيا بالكشف الذى ملأ الدنيا.. ودقت وكالات الأنباء الخبر الذى وقفت له البشرية على أطراف أصابعها وإلى الآن.

للقصة فصول أخرى قبل فصل المتحف الكبير..

فى أبريل 2010، أعلن المجلس الأعلى للآثار المصرية أنه بناء على اختبارات الحمض النووى (DNA) تبين أن توت عنخ آمون هو ابن الملك إخناتون.

توت أصبح ملك مصر وهو طفل بعد وفاة أخيه (سمنخ كا رع)، وقد تزوج من (عنخ إسن آمون) .

توفى توت عنخ آمون فى ظروف غامضة ومجهولة، ليحكم بعده وزيره السابق (آى) والذى تزوج من (عنخ إسن آمون) أرملة توت عنخ آمون.

التقرير النهائى لفريق علماء الآثار المصرى جزم أن سبب الوفاة هو تسمم الدم نتيجة الكسر فى عظم الفخذ، الذى تعرض له توت عنخ آمون، والذى أدى إلى الغرغرينا، وتترجم طبيا بموت الخلايا والأنسجة وتحللها نتيجة إفراز إنزيمات من العضلات الميتة بسبب عدم وصول الأكسجين إليها عن طريق الدم.

قبل هذا التقرير كانت هناك محاولات لمعرفة سبب الموت باستعمال أشعة إكس على مومياء توت عنخ آمون جرت فى جامعة ليفربول وجامعة ميشيجان فى 1968 وعام 1978 على التوالى، وتوصلت الجامعتان إلى اكتشاف بقعة داكنة تحت جمجمة توت عنخ آمون من الخلف، والتى تم تفسيرها كنزيف فى الدماغ، مما أدى إلى انتشار فرضية أنه قد تلقى ضربة على رأسه أدت إلى نزيف فى الدماغ ثم الموت.

وفى دراسة نشرت فى مارس عام 2010م أوضحت أن سبب موت توت عنخ آمون هو إصابته بمرض الملاريا ومضاعفات كسر فى الساق، كما أشارت الدراسة إلى وجود بعض الأمراض الوراثية ناتجة عن خلل جينى متوارث فى العائلة.. وهذا ما يؤكده الدكتور زاهى حواس فى حوار خاص معى أخيرا.

يعود الملك توت إلى الحياة، ويستقبل زواره فى المتحف الكبير الذى سيكون موئلا لمجموعة توت الذهبية.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة