في ملحمة من البطولات التي سُطرت بحروف من نور في سجل التاريخ، يبرز اسم محمد العباسي كأحد رموز نصر أكتوبر العظيم، وأول جندي استطاع رفع علم مصر على خط بارليف بعد هدمه.
ولد العباسي في مدينة القرين بمحافظة الشرقية، المدينة التي اشتهر أهلها بشجاعتهم ومقاومتهم للمعسكرات البريطانية. بدأ حياته في كتاب القرية حيث حفظ القرآن الكريم، ثم حصل على الشهادتين الابتدائية والإعدادية من مدارس القرين، قبل أن يلتحق بالتجارة والزراعة، ومن بعدها بأداء الخدمة العسكرية التي قادته ليكون جزءًا من أعظم معركة في تاريخ الأمة.
وعندما دقت ساعة الصفر في السادس من أكتوبر 1973، كان العباسي في صفوف المقاتلين الأوائل المتجهين نحو الدشمة الحصينة بخط بارليف، متحديًا الألغام والأسلاك الشائكة، لا يرى أمامه سوى النصر أو الشهادة.
بشجاعة نادرة، أطلق النار على جنود الحراسة الإسرائيليين، وتمكن من اقتحام الموقع الحصين، ومن شدة الفرح بالعبور، صرخ بأعلى صوته: "مبروك يا ناجي! مبروك يا ناجي"
وكان يخاطب قائده المقدم ناجي الذي رد عليه في لحظة نصر لا تُنسى:"مبروك يا عباسي.. وارفع علم مصر يا بطل".
وبكل فخر، أنزل العباسي العلم الإسرائيلي ورفع العلم المصري خفاقًا فوق أول نقطة حصينة تم تحريرها بين منطقتي الكاب والتينة، ليخلّد بذلك لحظة تاريخية لا تُنسى، ويصبح اسمه رمزًا للفداء والانتماء، وأحد أبطال النصر الذين رفعوا راية الوطن في وجه العدو.