رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

أن تصف نفسك وحيدًا؟!


25-9-2025 | 17:13

.

طباعة
بقلـم: سحر رشيد

من فوق الأسوار.. من خلف الأسوار.. من غير عنوان.. وحدها روحى ما زالت تقرأ ما كتبته السنين.. لم تفقد كل شىء رغم وجع الألم وعمق الجرح.. رغم هجمات التردى من عدو متربص بالخديعة والمكر.. يقترب ويفشل وما زال يحاول!.. يغتصب ضحكى ومرحى وينكر حرية روحى.. فى صمت المكان تمكث ومن زمهرير الخيانات تهادن الخطى.. لا تعجب فما زلت أخبئها من غبار الغدر!.. تتساءل كيف لروح تسلم رغم الأذى؟!.. وكيف تحلم بنهاية غير محزنة؟!.. كيف وكيف؟!.. لا يختطفها منْ يدركها رغم الفرار والهجير!.. باقية فى شحنة الشتات تُصارع.. ولا تكسر الأشياء بأشياء تلهيها.. بسقوط تتعثر ومن الموت تنجو!. تسقط وترقص وتتراقص وتتعثر وتنام على حلم وتصحو على آخر!.. رغم أنها المسروقة!.. تحيا بين حلم ووهم لعمر ما زال يحلم ببقية ترضيها؟!.

يرددون على مسامعنا دون سأم ولا عذر أن تصل عليك أن تصل!.. تصنع قدرك وتكتب قصتك بالألم.. فقدرك الألم ليأتى النصر!.. بمنظور الاحتمال عشت تراوغ السنين.. وبيقين السنين شحذت الإرادة فى مواجهة القلق.. بعهد المجد منْ يعاند ساعة احتضار طاردت عنفوان أمن بغدر حاول أن يطال.. فكان الجدال والجدال وما كان الهزال والهزل ليوقف محركات الخطى وإنْ تعبت.. فلم يكن هناك وقت لالتقاط نفس أو لحظة أمن تتخفى وراءها من لهث مطارد.. قد كان العقوبة والدافع!. ربما كان الخير فى الإكراه والاضطرار.. يسرق من عبير نفس وحلاوة زهر وعمر من شخص ما كان بعزم الفرار يظن الاحتمال!.. حمل الهم فوق وهن الجسد.. تاهت به الخطى، لكن يقينه وحدسه كان هبة الله لسلامة الطريق.. يُباغت منْ يباغت نفسا فى فرط طرق دون ذنب!.. غير فى اعتدال الصراط ترجو.. اصطدمت واصطدمت وكانت أستار الإله ما تدفع إليها الأيام.. بسند الساعد والكتف من نفسها لنفسها.. طال العصف وطال الصفع وباتت ترجو رفيقا يجود به الزمان؟!.. وما كان!.. فأبت واعتدلت وثارت فى انطلاق وما عاد للضياع مكان!

كم أربكتك الخطى وما كنت من الشجاعة أن تسير وتصحح منْ فرض على نفسه وهن الطريق وعثرته.. حتى وهن الجسد أنت من استدعيته!.. نال منك الجبان الغادر وما زال!.. حينما وصفت نفسك بالوحيدة دفعك الاكتئاب للوحدة.. واستعذبت ذكرياتك وغادرت روحك الحياة وصارت جروحك مؤنسك.. لم تعد تنتظر الصباح وجثم المساء على صدرك وروحك.. ولم تغادر النوم إلا لفصل جديد من النوم دون راحة تدرك!.. مددت الشكوى فدفعت الآخرين بلوم أنت منْ فعلت بنفسك هكذا؟!.. فصار الصمت الأكثر وضوحا وهروبا لحالتك!.

حروب نالت منك فهربت منك أمارات الحياة.. لكن آمال اليقظة ما زالت تراودك رغم إرباك الحياة وملامح الغبن؟!.. تحاول الصعود رغم غصة الجراح.. تحاول الترميم دون استسلام.. مرددا أريد أن أصحو! أريد أن أودع الجبان!.

فى قسوة كلٌّ يردد ماذا فعلنا لينال منا هكذا؟!.. قد تكون الفاعل وقد يكون العقاب أكبر من الجرم!.. وقد يكون الهلاك فى متابعة الخطى للوراء فى عزلة.. باصطياد النفس والعقل بالهفوات اللعينة التى لا يخلو أى منها.. فكل يسبح فى بحر الذنوب عن قصد ودون قصد فى لحظات الطيش والاستهتار.. ولا يعلم أحد أسباب الجرم والعقاب!.. كل يثقل على غيره بما لا يقدر على تحمله.. مواصلا العقاب والتقريع يحاصره، ولا يترك له ثنايا نفوذ أو فوات ولو حتى بغفلة!.

وننادى بصوت مبحوح ألا من عالم بلا أثر يحفر الحزن فينا.. عسى أن تمر فصول الحزن فى مسرحية الحياة.. نحتوى المحنة ويذهب الأمس ويمر الغد ويستقر تحت الأنقاض مانحا الملجأ وباب الخروج.. وحينها نردد تجاوزنا لحظات الألم.. وفينا نصيبنا منه فلم يعد فى العمر الكثير.. ربما تناقص الألم مع باقى السنين؟!.. تجمعنا حول الألم وأحكمنا قبضتنا.. وما عاد غير قصص تنسينا همنا أو كانت للعبرة فى الذكرى فى متابعة أخبار الزمان.. صرنا منْ نعتدل فى جلستنا ونسعد برواية قصتنا من الصبر.. فخرا وسعادة بقوة احتمال فاقت الرجال شدة.. فى حلو الكلام رغم مرارته نكرر الحكاية!.. والهدوء طابعنا بتوقف الألم والجرح والأسئلة بلماذا وكيف؟!.. تنقضى عقوبة البراءة.. ولاتزال الرأس فى كبرياء والعقل فى نشوة المنطق يتضخم ويتكبر.. ليجيب عن كل سؤال!.. ويصير كل شىء على ما يرام!.. ونتعحب كيف مر كل ما كان ممكنا وغير ممكن؟!.. كيف انقلب الحال لحال؟!.. كيف صرنا من أصحاب الرواية والعبرة؟!.. هل صالحنا الزمان؟!.. هل قطعنا المسافة بأمان؟!.. أين التعب والإرهاق؟!.. ربما وصلنا بسلام المفاجأة؟!.

نمر بين الصعاب وفوقها ولا تحلو الحياة إلا برحيل منْ يعكر صفوها ونعود ندرك للحياة حبا بعيدا عن موطن الحزن.. بأمل ألا يعود وأن يصفو لنا ما بقى من أيام.. مهما خرجنا من معركة الشقاء بعينين ذابلتين وشفاه نسيت الابتسام.. أو حتى بأقدام صارت لا تقوى على الوقوف!.. فالفارّ يسمح بالبتر ويرضى بالبواقى.. علَّ أن تدب فيه البركة.. فقد كان كاملا يعانى وتساقط قطعة قطعة مع كل غدر! .

والآن لم يعد يصرخ بترا!.. اختلفت الأحوال عاد ينعم بالبواقى فى هدوء وصخب!.. بل صار منْ يطلب الصخب رمز الحياة والحيوية!.. صار يقرن من كل شىء يدب فى جسده الحياة!.. بات المحارب فى استراحة!.. منْ نجا كريما؟!.. ودع الأدوية والمسكنات.. منْ يصدق أن رحلته إلى القبر قد تأجلت بعدما توقفت أعضاؤه عن الحركة، وصار الكل يتمنى له الراحة واستعد لمرافقة جثته للمقبرة!.. فقد أغلقت المقبرة إلى حين، قد يحين موعدها من رب العالمين.

الآن يشعر ويشعر ويسعد بإضاءة المصابيح ولا يهرب بالطعام والنوم.. فقد الكثير من أعراض الموت متقنا فن الحياة.. يودع أمراض بعد طول أنس بإذن خروج للمعافى حتى بالمزمن من المرض بعد طول التصاق.. قد لا يحتاج بعدها لمهدئات أو منوم يستدعى به الأحلام أو لكبح جماح عصبية لمتناقض العشرة !.

تحرر من كل انتظار نهب راحته وآماله، فصار الوحيد المعلق على رضاه وأفراحه.. يعانده ويطيل أمد النيل ولا يجد السبيل لما يغير وجهته.. أضل ذاته وصار يجهلها.. وعجز معها وكأن مجيئه يمنحنه الحياة!.. يصارع ويصارع بغباء ليتعجل ما لا حيلة له به.. فخسر الهدوء والثقة بانتظار يحطم كل حياة لديه!.

بإصرار يردد لن أعود لنفس المكان.. فكم داهمه التردد وأوقعه فى فخ العودة حتى تملك الجنون منه.. بهوس لسرعة منال فانفلت الزمان من قبضته.. فصار لا يطيق انتظارا أو طاقة له بصبر.. فكل شىء سرق منه بوعيه وتحت عينيه.. وكأن الانتظار ما يقطع كل المسافات!.. ما عاد يدرك أى شىء فى متاهة الأشياء.. فات الأوان وما عاد يرضى غير نهاية تليق.. بداية لما رفض الاكتمال والآن فليكتمل بأمره مهما كان!.. فاليوم لم يعد وجود لفراغ.. كل سيلقى هنا وسيطرح كل هم أرضا.. فقد أجاد العراك ورفض الهزيمة.. وألا يموت على غير رضى.

بعدما اعتاد الركود والخمول، اليوم يعتاد النهوض باكرا.. يسهر الليل كله يخشى أن يأخذ النوم من رصيد عمره.. يمضى إلى ساعات العمل بخطى الفرحة والاستقرار.. يردد على نفسه هذا العمر ما زال مستمرا وما زال الدرس موجودا.. وما زال فى الاختبار فرصة للامتياز درجة.. صار الغريب المألوف.. رغم تثاقل الخيبة وخوف المفرج عنه بعد طول اعتقال.. مخفيا إحساس الخوف.. رغم أن الخوف كان مالكا لكل جوارحه.. أتقن الخوف وصار لا يهاب الخوف.. ولم يعد للدواء معنى.. فقد كان منْ يستدعيه ويطلب الغفلة علّ المر يمر.. صار الأفضل بزيادة القدرة على الاحتمال ولم يعد بحاجة لتحسس الطريق.. أو أن يغمض عينيه.. أو يتدثر برداء الصمت.. أو ينتظر شيئا فكل شىء ينتظر لا يأتى، هكذا علمته السنين.. فقد قتله الانتظار وقتل معه الحلم.. نسى أحلامه بهوس المقادير دون حراك ثم تفاجأ أنه منْ ضحكت عليه المقادير!.

تحمل اللوم الكبير الذى يكفى ألا يرجعه للوراء.. بلسان حال ما الذى جعلنى أقبل بهذا طوال السنين، فأنا من حملته أعين وحباه الكرام.. ساعيا لميلاد جديد بعدما انتهيت من عبث صنعته بوهم الخير والكرم.. فأرادنى مرقع الثياب والحذاء.. حزين.. وحيد دون رفيق.. ميت يحاول العودة بعنفوان الثأر لنفس رفضت أن تنتهى حكايتها بموت بطل السنين.. فى حزن تطوى رحلة العمر الحزين.. رغم توديع الكثير والكثير من السنين؛ إلا أنها ودعت معها غبار الألم وخلعت الحذاء الضيق، واستبدلت المرآة بأخرى دون شروخ.

لن تحتفى فى هدوء.. سيكون ضجيجا مدويا كما أتيت للدنيا وكما صاحب حضورك.. ما عرفت الصمت إلا لحزن يفوق الكلام مرارة.. وما أصمتها سوى منْ أرادها بخيانة أعجزت اللسان عن الرواية خجلا وخوفا من شماتة الحساد.. دفعت ثمنها فى ميزان حسناتها وأسلمت لرب العالمين وجهتها.. تصافح ليالى الانكسار فى مرارة .

مضيت ومضيت وكلما توقفت رجوت يوما تصرخ نصرا.. تشرب من ملون الكأس والطعم.. أيها الزمن وتلك الصدفة السعيدة ألم يحن موعد التسليم والتسلم.. ساعة تعرج من فوق أستار الليل أو حتى فى وضح النهار.. ترسم قمرا أو نجما أو حتى وميضا يضىء مكانا للمكوث.. من زحام أيام رجوت الله أن تكون منسية.. مطوية تزاحم تطارد ما يفسد الأحلام.

وما زلت أحيا باحثا عن لجوء بعيدا عما راكم معه كل فجور.. فبات الثأر طافحا يعلن عن لون أيام طالت قررت أن تكون دون الذل وحساب الأيام وبخواطر تجبر تكون .. ينهض العليل المتكئ وهنا وضعفا.. يتوضأ.. يتطهر ويستحضر قبلة ويلوح بإصبع الشهادة.. توحيدا من بعد مقاربة الضجر الكفر بالراحة توبة.. يشهد لله ويطلب منه أمنا يحرسه من كيد اللئيم.. تحديا يتحدى الحياة.. يمضى ويقف منتشيا.. ما عاد للوقت ينتظر وللسفيه يحاور.

الاكثر قراءة