رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

نهاد جاد تكشف لـ«المصور» كواليس حل لغز وفاة أطفال المنيا بمبيد قاتل


6-9-2025 | 12:05

.

طباعة
حوار تكتبه: إيمان النجار

الدكتورة نهاد جاد، مدرس واستشارى الطب الشرعى والسموم الإكلينيكية، كلية الطب بجامعة الإسكندرية، كانت حديث السوشيال ميديا خلال الأيام القليلة الماضية، بعدما كشفت لغز وفاة الأشقاء الستة ووالدهم بالمنيا، وللوقوف على تفاصيل مشاركتها بالقضية كان حديثها لمجلة «المصور».

«د. نهاد»، تحدثت عن توقعها بتسمم ناتج عن مبيد حشرى شديد السمية «كلورفينابير» خاصة باطلاعها على حالتى تسمم بنفس المادة خلال العامين الماضيين، وناشدت وزارة الزراعة حظر تداولها أو على الأقل تقنين صرفها، وتحدثت أيضا عن مختلف أنواع السموم وانتشارها واختلاف طبيعتها ما بين المدن الكبرى والقرى والمراكز، وكذلك طبيعة التعامل مع الأنواع المختلفة.
«سبب الوفاة هو تسمم المجنى عليهم بمبيد حشرى شديد السُميّة يُسمى “الكلورفينابير”، حيث أسفرت المعاينة وفحص العينات المأخوذة من أوانى تقديم الطعام وبقايا الخبز عن احتوائها على المبيد السام المشار إليه، كما تبين وجود آثاره بمعدات الطهى وإعداد الخبز فى منزل الزوجة الثانية».. هذه كانت النتيجة التى جاءت فى بيان النيابة العامة بشأن واقعة وفاة ستة أطفال ووالدهم بمركز ديرمواس بمحافظة المنيا.

النتيجة التى أثلجت صدور كثير من المتابعين لقضية أطفال المنيا رغم مرارة وقسوة الحادثة إلا أن معرفة سبب الوفاة كان أمرا مهما، خاصة مع تردد أقاويل ومخاوف فى البداية من وجود مرض معدٍ أو إصابتهم بالتهاب سحائى وهو ما نفته وزارة الصحة فى بيان لها، ليظل لغز الوفاة محيرا حتى إن البعض اتجه للحديث عن سحر وأمور أخرى.

استشارة طلبتها الطبيبة المعالجة للحالات كانت أول الخيط لحل اللغز، بتواصلها عبر مواقع التواصل الاجتماعى «ماسنجر» و«تليجرام» بالدكتورة نهاد جاد، لتضع توقعها بأن الوفاة بسبب تسمم بمبيد حشرى شديد السُميّة يُسمى «كلورفينابير».

«د. نهاد»، تحدثت عن بداية مشاركتها بقضية أطفال المنيا قائلة: تخصصى طب شرعى وسموم وبالأخص السموم الإكلينيكية التى تتعامل مع حالات التسمم الحاد سواء تسمما غذائيا أو كيميائيا أو غيره، حالات الجرعات الزائدة والحادة من الإدمان، حالات اللدغات بأنواعها من عقارب وثعابين وعناكب، كل ذلك يصب فى مركز سموم الإسكندرية، وهو من المراكز الكبرى ويخدم كافة المحافظات المجاورة، وبدأت تباعًا وزارة الصحة تفتتح وحدات سموم ببعض المستشفيات، وهذا قلل الضغط على المركز، منها وحدة سموم مركز حوش عيسى التى أتولى إدارتها، فى واقعة حادثة المنيا بدأت مشاركتى كطبيب سموم من خلال الدكتورة مروة رمضان المسئولة عن علاج الحالات بعد أسبوع من دخول الحالات المستشفى، تواصلت معى عن طريق الماسنجر وقناة التليجرام، ولأن تخصص السموم الإكلينكية نادر أتواصل مع مختلف الأطباء من مصر ومن مختلف الدول العربية عبر «تليجرام».

وتابعت: فى أول تواصل شرحت لى طبيعة الإصابة والأعراض من ترجيع وارتفاع فى درجة الحرارة واضطراب فى درجة الوعى ووفاة 4 حالات وحضرت طفلة أخرى وتوفيت، وقالت إن نتائج التحاليل سلبية للميكروبات وكذلك أنواع التسمم التى أجريت تحاليل لها جاءت سلبية، وهنا المشكلة أنه لا يوجد تحليل معين يظهر مختلف أنواع التسمم، فلا بد من افتراض نوع المادة السامة ثم إجراء التحليل الخاص بها، وكان سؤالها لى هل هذه حالات تسمم؟، وكانت إجابتى إنها بالتأكيد حالات تسمم، وبمراجعة الأعراض بجانب أنها ظهرت بعد يومين من تناولها، وكان تفكيرى كله فى مادة معينة، وهى ليست منتشرة ولم أرَ سوى حالتين فقط منذ عامين تسمم بهذه المادة، وقبل ذكر اسم المادة طلبت منها للتأكد إجراء رنين مغناطيسى على المخ للطفلة الموجودة بالمستشفى ووالدها، وبعد إجراء الرنين تبين وجود تآكل للمادة البيضاء للمخ والنخاع الشوكى، وبهذا تأكدت من أن التسمم ناتج عن وجودة مادة «كلورفينابير»، وهى أكياس مبيد ترش على المحاصيل الموالح وتستخدم كمبيد حشرى، وهى مادة خطيرة تعمل على المخ خلال أيام تدمره ولا يوجد مضاد للتسمم بها ولا بد من التدخل فى أول يوم، وأخبرتنى أن الدكتور المشرف على الحالات د. محمد إسماعيل عبد الحافظ أستاذ السموم بالمنيا والمشرف على علاجها، سيتواصل معى، وتم التواصل وشرحت له تفاصيل المادة.

«د. نهاد»، أضافت: من بعدها تواصل معى د. راضى حماد رئيس قطاع الطب الوقائى بالوزارة، ودعانى لاجتماع عاجل مع نائب وزير الصحة الدكتور عمرو قنديل، بحضور اللجنة المشكلة لعلاج الحالات، وطلبوا دليلا علميا على أن هذه المادة المسببة، وشرحت أن هذه المادة بخلاف مواد التسمم الأخرى تسبب حرارة واضطرابا فى الوعى، ولا تظهر الأعراض مباشرة، فمن خواص المادة أن الأعراض تظهر من بعد يومين إلى أسبوع من تناولها وتستغرق نحو 21 يوما لحدوث الوفاة بحسب الكمية التى تناولها الشخص وسنه ووزنه، أيضا هذه المادة تزيد سميتها بالحرارة، وبالتالى كان التوجه للبحث فى طعام تم طهيه أو خبز، خاصة أن هذه المادة بعد رشها على المحاصيل لو تعرضت لأشعة الشمس لفترة طويلة تتحول لسمية أشد، وكان الرد أنه جاء بالمحضر أن الخبز كان مرا جدا، وكان القرار بالبحث فى الخبز، وكذلك البحث فى أجسام الحالات عن هذه المادة مع العلم أنها تختفى فى الجسم بعد 4 أو 6 ساعات، وبالتالى البحث عن المادة التى تتحول لها داخل الجسم نتيجة الهضم والتكسير سواء فى الدم أو بول بالمثانة أو عينات حشوية من المخ وبالفعل وجدوه وتم حل اللغز.

أخبار الساعة