هذا ليس سيناريو مستقبلياً للأحداث ولكنه سيناريو متكرر عدة مرات ورغم ذلك أتعجب من موقف الدول العربية من الانغماس فى نفس السيناريو التاريخى الذى لا يتغير
هل تنتظر الدول العربية أن يقوم الكيان الصهيونى بالترحيب بالهدنة وإعلان إنهاء حالة العدوان على غزة والسماح بإنفاذ المساعدات وفتح جميع المعابر وإخراج جميع الأسرى والمحبوسين الفلسطينيين والعودة إلى جلسة المفاوضات لإقرار السلام مع فلسطين والتعايش فى سلام دائم !
على الدول العربية أن تغير من استراتيجيتها فى التعامل مع الكيان الصهيونى كما تفعل مصر إن كانت تريد حقاً مساندة القضية والبداية يجب أن تكون الإعلان أن القضية ليست غزة ولكنها القضية الفلسطينية فهى كل لا يتجزأ وأن الدولة الفلسطينية لها رئيس منتخب يجب أن يكون موجوداً فى كل المباحثات التى تجرى وإلا ننساق إلى فكرة تمزيق القضية وتفريغها من خلال تقسيم دولة فلسطين المحتلة بأيدينا أو حتى بموافقة الدول العربية على إجراء مباحثات بدون وجود السلطة الفلسطينية المتمثلة فى رئيسها محمود عباس أبو مازن وحتى نصل لتلك المرحلة على الجميع العمل على توحيد الجبهة الداخلية فى فلسطين المحتلة وإنهاء حالة الصراع والانشقاق الداخلى بين فتح وحماس لأن المستفيد الوحيد منها هو الكيان المحتل؛ فكلما زادت الخلافات الداخلية استطاع المحتل كسب مزيد من الأرض والتوسع فى الاستيطان مثلما حدث كثيرا فى الماضى ؛ والعمل على توحيد الجبهة الداخلية ليس أمرا سهلا هينا ولكنه يحتاج إلى مجهود كبير من الدول العربية التى تسعى حقا للوصول إلى حل حقيقى ؛ وعندما نصل لتلك المرحلة سوف يتغير أسلوب التعامل مع الكيان المحتل والعودة للجلوس على طاولة المفاوضات بين الدول وليس بين حركات ووسطاء .
والتساؤل لماذا الحديث الآن عن توحيد الجبهة الداخلية فى فلسطين رغم المحاولات السابقة من عدد من الدول وأولها مصر التى تسعى دائما لذلك من سنوات كثيرة ؟
والإجابة على هذا التساؤل أن هناك حالة اهتمام عالمى بما يقوم به الكيان المحتل من انتهاكات وتجويع وإبادة جماعية فى فلسطين وهناك حالة (تعاطف شعبى عالمى ) بالإضافة إلى اعتراف عدد من دول العالم بدولة فلسطين وإعلان عدد آخر من الدول عزمها على الاعتراف بدولة فلسطين المحتلة وهذا مكسب عظيم يجب استغلاله بشكل أمثل لصالح القضية
وهو الدور الذى تقوم به مصر من سنوات طويلة ومازالت مستمرة بل هناك اهتمام شخصى من الرئيس السيسي لتدويل القضية الفلسطينية ككل وليس غزة كجزء فقط فى كل اللقاءات الرسمية والمكالمات المتبادلة مع قادة العالم وفى أى محفل عالمى تجد القضية الفلسطينية جزءاً مهماً من كلمة الرئيس السيسي بجانب إعلان الرئيس السيسي مراراً وتكراراً رفض مصر تهجير أهالى القطاع ليس هذا فحسب بل فتح قنوات الاتصال مع أى دولة يتردد أنها على استعداد لاستقبال أهالى القطاع لتوضيح الأمور وبعدها تصدر تلك الدول نفياً عن استقبالها أهالى غزة ؛ ودور مصر لا يتوقف عن رفض تهجير أهالى غزة لمصر ولكن رفض تهجير أهالى غزة من أرضهم عموماً بل مصر تحبط مخطط الكيان الصهيونى بوضع خطة لإعادة إعمار غزة فى ظل وجود أهالى القطاع أنفسهم ؛ ولا يقتصر الدور المصرى على قطاع غزة لأنها تعرف أنه جزء من الكل وأن القضية الأصيلة هى القضية الفلسطينية ككل لذا نجد موقف مصر الثابت دائما والداعى للسلام من خلال حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 67
ولأن مصر تعى جيداً تاريخ الصراع مع الكيان المحتل فهى دائما تستبق بخطوة الأحداث كما فعلت باستضافة القاهرة لاجتماعات اليوم التالى للحرب والتى جمعت بين حركتى حماس وفتح وبمشاركة جهاز المخابرات العامة المصرية، للوصول إلى توافق فلسطيني حول اللجنة المجتمعية التي ستتولى إدارة قطاع غزة والتى توقفت فى ديسمبر من العام الماضى بعد التوصل إلى نتائج مبشرة للتوافق بين الجانبين وأتمنى أن تعود تلك الاجتماعات مرة أخرى والبناء على آخر التوافقات لسرعة توحيد الجبهة الداخلية الفلسطينية خاصة مع اقتراب إعلان الهدنة .
الدور المصرى فى مساندة القضية الفلسطينية لم يتوقف يوماً ولا يقتصر على إدخال المساعدات لأهلنا بالقطاع بكل شكل متاح أو حتى علاج المصابين فى مصر فقط ولكنه دور كبير ومهم جداً يعرفة الآخرون جيداً وهو دور يؤرق البعض ويثير غيرة البعض لذا عزيزى القارئ لا تتعجب عندما تجد حملات هجوم منظمة على مصرسواء من جماعات إرهابية توافقت مصلحتها مع مصالح الكيان الصهيونى أو حتى تستفيد من الدعمين المالى والمعنوى لإعادة إحياء تلك الجماعات الإرهابية التى فضحتها وكشفتها مصر أمام العالم أو حتى لبعض الدول التى تريد أن يعتقد العالم أنها دولة مؤثرة وأن لها دوراً بالمنطقة على حساب مصر ولكنه اعتقاد خاطئ فلا يمكن لمليارات الدولارات أن تمنح دولة تاريخاً أو دوراً لم تلعبه