قال د. أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة القدس، إن قرار الاحتلال بالسيطرة على بقية القطاع، هو بالفعل يسيطر الآن على أكثر من 80 فى المائة منه، وتحديده أن العملية يجب أن تدخل حيز التنفيذ فى السابع من أكتوبر المقبل، قد تحمل دلالتين، الأولى هى أن نتنياهو وحكومته تركوا الباب موارباً للوسطاء عبر الضغط على «حماس» للعودة من جديد إلى المفاوضات بسياسة «العصا والجزرة»، وعبر التهديد باحتلال بقية مناطق قطاع غزة، للذهاب إلى صفقة، وهذا وارد.
والدلالة الثانية وفق "الرقب" ربما يحمل «خديعة» لأننا جميعاً كنا نتوقع أن يبدأ الهجوم على منطقة دير البلح وخان يونس ومنطقة المواصى وليس مدينة غزة وشمالها، فالإعلان عن ذلك قد يكون فيه خديعة ليربك المقاومة التى تنقل قوتها من غزة إلى الجنوب أو الوسط، وبالتالى يتمكن الاحتلال من الانقضاض عليهم بسهولة، وأعتقد أن هذه الأمور فى الخيارين واردة.
عن الوضع فى غزة بعد قرار نتنياهو الأخير، ذكر «الرقب» أولاً إذا دخل الاحتلال بهذه الطريقة، فالرهائن الإسرائيليون والأسرى سيموتون بالتأكيد، لأن الاحتلال سيقتلهم ويقتل المقاومين، نتنياهو فعّل برتوكولا سابقا من خلال «قتل الخاطف والمخطوف»، ولا أعتقد أنه يكترث للمظاهرات التى تخرج فى المدن الإسرائيلية وتطالب بالوصول إلى «صفقة» لوقف الحرب وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، لكن إذا ذهب نتنياهو إلى ذلك، فإنه يغامر بحياة الأسرى.
وأضاف خلال فترة المفاوضات بين إسرائيل و«حماس»، تل أبيب كانت ترغب فى صفقة جزئية، ثم تعود إلى الحرب مرة أخرى، والواضح أن الأمريكان اقتنعوا بالرأى الإسرائيلى، وهو تنفيذ عمليات احتلال كامل لغزة لتغير المعادلة وتهجير جزء كبير جد من سكان القطاع، فالموقف الأمريكى تغير بعد زيارة نتنياهو إلى واشنطن، وواضح أنه أقنعهم بإنشاء «معسكرات اعتقال كبرى» يُطلق عليها «مدن إنسانية» باتجاه مدينة رفح فى منطقة لا تتجاوز مساحتها من 40 إلى 50 كيلو مترا، أى قرابة من 10 إلى 15 فى المائة من مساحة قطاع غزة، يضع فيها 2 مليون نسمة، ولا يكون لديهم سبيل؛ إلا أن يهاجروا من القطاع إلى المجهول، وهذا ما يرغب الاحتلال فى تنفيذه.
وتواصل مصر جهودها للتصدى لقرار إسرائيل باحتلال بقية أراضى قطاع غزة، وأدانت بأشد العبارات قرار المجلس الوزارى الإسرائيلى بوضع خطة احتلال القطاع بالكامل، والتى تهدف إلى ترسيخ الاحتلال غير الشرعى للأراضى الفلسطينية، ومواصلة حرب الإبادة فى غزة.
فيما أكد «الرقب» أن مصر وقطر تتحركان بشكل أساسى لإنهاء عمليات القتل والتجويع بحق الشعب الفلسطينى، والوصول إلى اتفاق تهدئة، خاصة أن حركة «حماس» أبدت مرونة فى جولة المفاوضات، فالحركة توافق بشكل واضح على ألا تكون فى الحكم خلال اليوم التالى، لكنها تريد «صفقة شاملة» ليأخذ الإسرائيليون أسراهم ووقف الحرب بشكل كامل على قطاع غزة.
ويرى أنه بالإمكان طرح أفكار «خارج الصندوق» من خلال «وجود قوات دولية، أو رعاية دولية لقطاع غزة بشكل مؤقت» حتى يتم ترتيب الأوراق، وبعد ذلك تأتى السلطة التى تحتاج إلى إصلاح وترتيبات لتولى الوضع فى غزة، لكن هذا بالتأكيد يحتاج إلى إقناع الاحتلال الإسرائيلى، وقبل ذلك إقناع الأمريكان.
وبحسب «الرقب» فإنه بإمكان أوروبا رغم اللوبى الصهيونى القوى، استخدام أوراق مؤثرة بشكل كبير جدا، وبخاصة ملفات الشراكة الإسرائيلية الأوروبية التجارية أو الأمنية أو الاقتصادية، وهى ملفات عديدة تؤثر بشكل كبير جدا فى دولة الاحتلال، وحتى الآن هناك تلويح باستخدامها، لكن من دون استخدامها بالشكل الحقيقى، وبالإمكان الضغط على الاحتلال لوقف هذه العمليات.
«الرقب» يرى أنه إذا أكمل الاحتلال عملية احتلال قطاع غزة، فهو ذاهب إلى التهجير، والخطة التى نشرت فى ذلك ونشرها إعلاميون بارزون مقربون من نتنياهو، هى إقامة مدينة عازلة أو معسكر اعتقال كبير قيل وقتها فى منطقة رفح بالخيام وزج الكتلة السكانية إلى هناك، ولن يسمح لهذه الكتلة السكانية بالخروج؛ إلا خارج غزة أو خارج فلسطين، وبالتالى لا يكون لديهم سبيل إلا أن يستمروا فى العيش بهذا «المعتقل الكبير» يتلقون الغذاء والدواء دون مستقبل أو حياة، وبالتالى نحن أمام عربدة أمريكية إسرائيلية، وقد يستمر هذا الوضع لسنوات، ومن يتمكن من الهجرة أعتقد أن الاحتلال سوف يسمح له بذلك ويسهل لهم الخروج خارج القطاع.