أولًا الاعتذار للشعب المصرى: عليكم أن تتوجهوا لعموم الشعب المصرى بكل فئاته، الذين طالبوا بإقصاء التنظيم الشيطانى من المجتمع المصرى، والذين ثبت بالواقع أنهم كانوا أكثر وعيًا من النخب التى ملأت السوشيال ميديا سخرية، فالشعب المصرى البسيط هو فقط مَن يملك شيفرة هذا التنظيم الإرهابى ويعلم كيف يمكن القضاء عليه، هذا الشعب يجب أن تعتذروا له؛ لأنهم فى لحظات تشكك فى قدرته نظرا لحملاتكم على فهمه ووعيه وتشكك بصورة غير مباشرة فى قدرته على الحكم على الجماعة الإرهابية، واليوم تبين للقاصى والدانى أن تنظيم جماعة الإخوان الإرهابى لا يزال يعمل فى سرية، ولا يزال يحمل الحقد لمصر وللمصريين، ولا يزال يجند عناصره ويدربهم على السلاح فى الخارج، ولا يزال عضوا فاعلا فى منظومة عالمية تستهدف أمن مصر واستقرارها، تماما كما أعلنها الشعب المصرى قبل 13 سنة.
ثانيا الاعتذار لأسرة شهيد الفجر: كما عليهم أن يتقدموا بالاعتذار لأسرة شهيد الفجر، المهندس الشاب عريس الجنة بإذن الله، مصطفى أنور أحمد عفيفى، الذى قُتل برصاص الإرهابيين أثناء ذهابه إلى المسجد لصلاة الفجر، قتلوه غدرا ولم يكتفوا، بل أمطروا مَن حاول إنقاذه بوابل من الرصاص، حتى أُصيب إصابات بالغة.
ثالثا الاعتذار لكل مَن صدقكم وردد مقولاتكم: كما عليهم أن يتقدموا بالاعتذار وطلب المسامحة لكل مَن صدقهم الفترة الماضية، ظنا منه أنهم نخب مفكرة قادرة على فرز الأفكار السطحية من الأفكار العميقة، ثم تبين أنهم مجرد ظلال باهتة لأفكار الإخوان الإجرامية، فصنعوا تيارًا صغيرًا يرفض مواجهة الإرهاب، بزعم أن لدينا مشاكل أكبر منها، صحيح أنه لم يوقف الحرب على الإرهاب لكنهم عرقلوا مسيرة المواجهة.
رابعًا الاعتذار لأنفسكم: ثم أخيرا عليكم الاعتذار لأنفسكم، لأنهم سمحوا أن يكونوا مطية وجسرا يعبر عليه الإخوان بأفكارهم، وسمحوا بإغلاق عقولكم ضد المنطق وضد دراسات محكمة، تفيد أن ثمة تحركات فى الخفاء لإعادة الإخوان إلى المشهد فى خطابات الإخوان العاطفية، فانجررتم رويدا رويدا، حتى انتهى بكم المطاف لأن تصطفوا معهم فى لحظة حرجة يمر بها الوطن أمام قوى إقليمية وعالمية لا تحمل الخير لمصر.
هل عاد الإخوان إلى العنـف وهل غادروه حقًا؟
نعود لمقالنا اليوم عن إحدى لجان جماعة الإخوان الإرهابية «حسم» والتى حاولت شن موجة من التفجيرات الإرهابية لولا يقظة رجال الأمن، هذه المحاولة تجرنا للإجابة عن السؤال الأزلى: هل عاد الإخوان للعنف وهل غادروه حقا؟
الإجابة بدون تبسيط مخل أو تعميق معقد، الإخوان جماعة تلقت تربية مغلقة، تم غرس أفكار متطرفة وإرهابية وعدائية داخل عقل ووجدان الفرد الإخوانى من خلال الخلية التنظيمية (الأسرة)، فجعلته كارها لشعبه ووطننه ولمؤسسات الدولة، هذه الكراهية هى الخيط الثابت والحد الأدنى من التربية الإخوانية، وعلى ضوئها يتم بقاؤه فى التنظيم وتصعيده لمناصب قيادية.
هذه الكراهية إذا توفرت لها الظروف وشعر الفرد الإخوانى بالأمان، رفع السلاح فى وجه مَن يقابله، ولو كان أخوه، ولو كان جاره، ولو كان رفيقه فى المسجد، طالما ليس أخًا له فى التنظيم، إذًا العنف «جين» أصيل متأصل ومتوغل فى عقل ووجدان الفرد الإخوانى فى أى مكان، ولا يفرق معهم مؤهلا ولا سنا ولا عملا ولا مكانة اجتماعية.
إذًا، فالعنف لم يغادر الإخوان ولم تغادره الجماعة، يومًا واحدًا، لا أيام الملك، ولا أيام الضباط الأحرار ولا أيام عبد الناصر، ولا أيام السادات، الذى سمح لهم بالعودة فى 1972، ثم فى غضون ثلاث سنوات، أى فى 1975 تآمروا عليه وعلى حكمه وعلى حياته بأحداث الفنية العسكرية، وحتى أيام مبارك الطويلة، مارسوا العنف بأشكال مختلفة أقل بساطة من حمل السلاح الكلاسيكي، فحملوا الحجارة والخوذ والعصى ونصبوا أفخاخا لرجال الشرطة.
وبداية تكوين اللجان الأمنية
تبدأ قصة اللجان الأمنية بعد أحداث يناير 2011، وبعد التنحى، وأثناء استعراض الإسلاميين لقدراتهم ضد المتجمهرين من خلفيات أيديولوجية أخرى، ثم تكونت لجنة (الأمن العام) وكانت تخضع لعضو مكتب الإرشاد -لم يصرح باسمه وقتها- ولكن ظهر فيما بعد أنه محمد كمال، واستمر عمل اللجان الأمنية خافتًا لكن دؤوبًا فى بقية المحافظات، ومع دعاوى حركة تمرد التى ظهرت فى نهاية حكم الإخوان بدأ الإسراع فى تشكيل اللجان فى المحافظات لمواجهة هذه الحركة، ولم يكن التسليح كافيا والتدريب كافيا، واكتفى بحمل العصى الغليظة والخوز والوقوف فى تشكيلات عسكرية أمام المتظاهرين.
مع إعلان 3 يوليو 2013 وبدء التجمع فى «رابعة» و«النهضة» بالقاهرة، ظهرت هذه اللجان، وكانت تدير «رابعة» و«النهضة»، وتشارك أفراد الجماعات الجهادية الأخرى الخبرات، وقبيل فض «رابعة» و«النهضة» اجتمع مكتب الإرشاد لوضع خطط بديلة إذا تم الفض وكان منها إقرار العمل المسلح عبر لجان نوعية بتنظيم عنقودى، وعقب الفض تكونت اللجان التالية (كتائب حلوان أعلنت عن نفسها فى 2013، وحركة المقاومة الشعبية التى أعلنت عن نفسها فى 2014، وحركة العقاب الثورى التى أعلنت عن نفسها فى 2015، ثم حركة سواعد مصر «حسم» أعلنت عن نفسها عام 2015، لواء الثورة التى أعلنت عن نفسها فى 2016).
وشهدت مصر حملة إرهابية إخوانية لإعادة الإخوان ومرسى للحكم، استهدفت قوات الجيش والشرطة فى مختلف محافظات ومدن مصر وفقًا للخطة التى وضعها مكتب الإرشاد، والتى تعمل وفق ثلاثة محاور، هى: عمليات من أجل إرباك الجيش، ثم الدخول فى عمليات ومعارك لإنهاك الجيش، للوصول لمرحلة الحسم النهائى وإسقاط النظام واستلام الحكم من جديد.
وتمكنت الدولة المصرية بأجهزتها من ملاحقة الإخوان أعضاء وقيادات هذه اللجان، وتراجعت عملياتهم، وتفككت اللجان تباعًا، وسقط الكثير من أفرادها فى قبضة الأجهزة الأمنية.
ونجح عدد من كوادرها فى الفرار إلى خارج البلاد إلى تركيا بالتحديد، حيث استقروا فى مدينة إسطنبول، ومع ارتباك الجماعة وانشقاق قياداتهم على بعضهم بعضا ظهرت تلك الكوادر تحت اسم تيار التغيير، وأغلبهم من اللجان النوعية المسلحة التى عملت مع القيادى الإخوانى المقتول محمد كمال، ومنهم: يحيى السيد إبراهيم محمد موسى: محكوم عليه بالعديد من القضايا بالإعدام، ومحمد رفيق إبراهيم مناع: محكوم عليه بالسجن المؤبد فى القضية رقم 64/2017، وعلاء على على السماحى: محكوم عليه بعدة أحكام بالسجن المؤبد فى قضايا عدة، ومحمد عبدالحفيظ عبدالله عبدالحفيظ: محكوم عليه بالسجن المؤبد، وعلى محمود محمد عبدالونيس: محكوم عليه بالسجن المؤبد.
«سوريا الجولانى» والمتغير الجديد
أثار تمكن أبو محمد الجولاني شهية الإخوان للعودة للحكم، ولو على دبابة أمريكية أو إسرائيلية، وتواصلوا مع مخابرات دول عالمية وإقليمية لتكرار تجربة «جبهة النصرة»، فكونوا كيانا أطلقوا عليه «ميدان» كبداية لحراك إرهابى جديد، وقرروا الاكتفاء باسم من أسماء اللجان النوعية ليكون دليلهم للحكم، وهي: حركة «سواعد مصر» واختصارها «حسم».
وعادت «حسم» للظهور مجددًا عبر مقطع فيديو لتدريبات عناصرها فى منطقة صحراوية لدولة مجاورة، وبرسالة واضحة ومباشرة، مفادها: «نحن نتدرب لإعادة موجة العنف والإرهاب بمصر من جديد، وأن توقفهم كان مجرد لملمة عناصرهم والبحث عن راعٍ وممول يستخدمهم».
ومع بدء الحملات الإعلامية ضد مصر والتى شارك فيها كل الإخوان بجبهاتهم المتصارعة، بات من الواضح أن ثمة أحداثا قادمة وعاصفة فى مصر، فالقوى الإقليمية المساندة لإسرائيل لا يمكن أن تترك مصر، ولا الرئيس السيسى أن يُفشل مخططهم فى كل مرة، لذا تحركت أجهزة الأمن بسرعة كعادتهم، ورصدوا تحركاتهم فى الدول الحدودية، والعناصر التى تساعدهم بالداخل.
رصد ناجح وصيد لم يكن سهلا
رصدت الأجهزة الأمنية تحركًا لتسلل الإرهابى أحمد محمد عبدالرازق أحمد غنيم إلى داخل البلاد عبر الدروب الصحراوية بصورة غير شرعية، وهو محكوم عليه بالإعدام فى القضية رقم 479/2018 جنايات مركز أبوكبير، بتهمة استهداف مجموعة من الخفراء النظاميين بالشرقية، والمؤبد فى القضية رقم 3321/2016 جنايات مركز أبوكبير، لاغتيال أمين شرطة على أمين من قطاع الأمن الوطني، والمؤبد فى القضية رقم 120/2022 جنايات عسكرية شرق القاهرة، لمحاولة استهداف الطائرة الرئاسية واغتيال الشهيد المقدم ماجد عبدالرازق.
تسلل الإرهابى إلى قلب القاهرة، معتقدًا أنه نجح فى الهروب من أعين الأمن، ثم اتصل بالعناصر الإرهابية الهاربة فى مصر والتى لم تتمكن من الهروب خارج مصر، فدبروا له وكرًا بمنطقة بولاق الدكرور لاختبائه، تمهيدًا لتنفيذ المخطط الإرهابي، شاركه الإرهابى إيهاب عبداللطيف محمد عبدالقادر، المطلوب ضبطه وإحضاره فى القضية رقم 1126/2025، بتهمة محاولة استهداف عدد من الشخصيات المهمة.
وبعد أن أمسكت الأجهزة الأمنية بكافة الخيوط وعرفت كافة أسرار الخلية الإرهابية التى لم تكن صيدا سهلا، فقد حصلوا على تدريبات على مستوى عالٍ من قِبل آخرين بالخارج، إلا أن أعين الأمن ظلت تلاحقهم إلى أن حانت لحظة الصفر، بعد استصدار إذن من نيابة أمن الدولة العليا، قامت قوة أمنية بمداهمة وكر الإرهابيين، الذين بادرا بإطلاق الأعيرة النارية بشكل عشوائى تجاه القوات وسكان المنطقة، ما اضطر القوات للتعامل معهما، وأسفر تبادل إطلاق النار عن مصرعهما.
وخلال تبادل إطلاق النار، استشهد المواطن الشاب المهندس مصطفى أنور أحمد عفيفى الذى تصادف مروره بمكان الواقعة متأثرًا بإصابته جراء الطلقات العشوائية التى أطلقها الإرهابيان، كما أُصيب ضابط من القوة أثناء محاولته إنقاذه.
دلالات عودة الأندال:
الخيانة والعمالة: أثبتت تلك المحاولة أن جماعة الإخوان ترفل فى ثوب العار والعمالة للدول الأجنبية تحت مسمى العمل الثورى، فالتورط مع مخابرات دول أجنبية والتحريض على الوطن فى كافة وسائل الإعلام العام والشخصى واضح لا تخطئه العين، وهو ما نثبته هنا ونكرره، ولن نمل. فالإخوان جماعة ضد الوطن وضد الدين وضد المجتمع ولا تصالح ولا تسامح معها، أما المتراجعون عن الجماعة والخارجون عنها فلهم شأن آخر وحديث آخر، ليس هذا موضعه ولا وقته.
الفشل والإفلاس: باتت الجماعة مفلسة فكريا، فلم يعد لديها ما تقوله، غير وضع جمل سابقة التجهيز لم تعد تنطلى على البسطاء من الإخوان أنفسهم، أما الفشل فلأن الضربات الأمنية الصحيحة للتنظيم أضعفت قدراته إلى حد بعيد، كما كشفت خباياهم وخلاياهم وكوادرهم وهياكلهم، العمليات الفاشلة للإخوان أكثر بكثير من العمليات الناحجة؛ وذلك لأنهم لا يتحركون من تلقاء أنفسهم، بل بأوامر من جهات أجنبية تستخدمهم لأغراضها الخاصة: مثل الضغط على مصر أثناء المفاوضات حول غزة، أو الضغط على مصر أثناء مفاوضات سد النهضة، وبالتالى سيفشلون دائما.
الدلالة الأخيرة خيبة الأمل: لكل مَن راهن على الإخوان ولم يراهن على الوطن.