رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

الجيـــل الخامـــس.. تكنولوجيــــا المستقبــــل


13-6-2025 | 14:37

.

طباعة
تقرير: رانيا سالم

تكنولوجيا تشغيل الجيل الخامس أو الـ5G تمثل دخول حقبة جديدة من التطور التقنى فى مجال الاتصالات اللاسلكية، كونها توفر سرعات هائلة وغير مسبوقة فى تحميل وتنزيل أعلى وأسرع للبيانات، وتوفير اتصالات أكثر اتساقًا، بل وتعطى موثوقية بشكل أكبر وأعلى جودة وسرعة أيضًا فى خدمات التشغيل مقارنة بالجيل الرابع 4G.

مصر وشركات الاتصالات فى السوق المحلية، تسابقت على إتاحة خدمات شبكات الـ5G، فحصلت الشركة المصرية للاتصالات we منذ 2024 على ترخيص تقديم خدمات تشغيل الجيل الخامس 5G، وبلغت تكلفة الرخصة نحو 150 مليون دولار لمدة 15 عامًا، وبعدها بنحو 5 أشهر وتحديدًا فى مايو 2024 أعلنت عن فترة للتشغيل التجريبى للخدمة قبل طرحها للاستخدام التجارى.. وفى بداية يونيو 2025 أعلنت وزارة الاتصالات عن إطلاق خدمات الجيل الخامس 5G، وهو ما يساهم فى تعزيز دور القاهرة فى مواكبة التطور الرقمى العالمى، وبالتالى زيادة توقعات بجذب استثمارات جديدة فى المجالات التكنولوجية.

فدخول خدمات الـ5G فى مصر كانت أكثر تميزًا وتماشيًا مع إقحام هذه التكنولوجيا على مستوى العالم بعد تحسين البنية التحتية مقارنة بتكنولوجيات خدمات الجيل الثانى والثالث، والتى أخذت فترة زمنية طويلة من أجل تغطية الشبكة كلها، وحتى الجيل الرابع، حيث كانت خدمات 4G أسرع نسبيًا منها، ومع دخول خدمات الجيل الخامس، وجدنا مزيدًا من تطوير وتحديث البنية التحتية.

ومع دخول 5G فى مصر، أكدت كافة التوقعات، حدوث تنامى فى استخدامات التكنولوجيا، التى بلغت 2,5 تريليون جيجا بايت تنتج معلومات فى اليوم الواحد، كما أن حجم البيانات Data التى يمكننا نقلها ستشهد تضاعفًا 500 مرة، كما أن هناك توقعات عالمية أن يصل حجم تأثير خدمات الجيل الخامس فى الاقتصاد العالمى إلى 13.1 تريليون دولار ، وخلق 22.8 مليون فرصة عمل.

فخدمات 5G تتطلب تكنولوجيا وأنظمة مختلفة، أحدث وأكثر تطورًا من الأجيال السابقة وتحديدًا خدمات الجيل الرابع، فخدمات الجيل الخامس لا بد من تواجدها فى أماكن كثيرة متفرقة؛ وذلك حتى تتوفر السرعة المطلوبة فى الخدمة، وبالتالى كان استكمال البنية التحتية أمرًا ضروريًا لإتاحة خدمة جيل 5G.

بالفعل، سيفتح إطلاق خدمات تشغيل الجيل الخامس آفاقًا جديدة، فالأخير ليس مجرد تقنيات لزيادة سرعة الاستخدام، ولكنها تقنية تكنولوجية تُستخدم فى العديد من التطبيقات، كالسيارات الكهربائية ذات القيادة الذاتية، وتقنيات الغامرة كالواقع المعزز والافتراضى.

«ثورة حقيقية فى مجال الاتصالات اللاسلكية»، هكذا قال د.محمد ممدوح، أستاذ مساعد الأمن السيبرانى وتكنولوجيا المعلومات بجامعة النيل، مضيفًا أن تقنية الجيل الخامس تمثل نقلة نوعية فى عالم الاتصالات اللاسلكية، بسبب سرعاتها الفائقة، وزمن استجابتها المنخفض للغاية، وقدرتها الهائلة على توصيل عدد ضخم من الأجهزة، هذه المميزات جعلت من تقنية الجيل الخامس محركًا أساسيًا للعديد من الابتكارات المستقبلية.

وهناك مميزات عدة لخدمة تشغيل تقنيات الجيل الخامس، كما أوضح «ممدوح»، فهى تدعم سرعات أعلىHigh Data Rate، وهو ما ينعكس فى عمليات نقل البيانات وتحميلها لتتم فى جزء بسيط من الوقت عما كانت تستغرقه قبل ذلك، كما أنها توفر سرعات تنزيل وتحميل أعلى بكثير من 4G، قد تصل سرعات الذروة إلى 10 جيجابت فى الثانية، وهو ما يعنى تحميل الأفلام عالية الجودة فى ثوانٍ معدودة، وتصفُح الإنترنت بسلاسة غير مسبوقة.

وأضاف: «تحسين زمن الاستجابة Low Latency، فالسرعات الهائلة التى تقدمها خدمات الجيل الخامس تتسبب فى انخفاض زمن الانتقال الخاص بإرسال المعلومات والبيانات، وهو ما يُقلل زمن الانتقال، وفى الوقت ذاته يُعزز تجربة الاتصالات الحية Live والتفاعلية Interactivity كالألعاب متعددة اللاعبين دون تأخير أو تباطؤ، وتوسيع النطاق الترددى لخدمات الجيل الخامس أو ما يُطلق عليه Higher Network Capacity لتعمل على ثلاثة مستويات - المنخفض والمتوسط والعالى، وهو ما يُتيح استقبال أكبر عدد من المستخدمين والأجهزة بالشبكة فى نفس الوقت، وهو ما يدعم تطبيقات إنترنت الأشياء، التى يتم استخدامها فى المنازل الذكية».

«ممدوح» ذكرى «تتميز خدمات الجيل الخامس بالقدرة الهائلة على توصيل الأجهزة Massive Connectivity عبر دعم اتصال عدد كبير جدًا من الأجهزة فى نفس الوقت، يصل إلى مليون جهاز لكل كيلو متر مربع، وهو ما يدعم بقوة مفهوم «إنترنت الأشياء» (IoT) والمدن الذكية، فيمكن توصيل كل شىء من الأجهزة المنزلية الذكية إلى المستشعرات الصناعية، وتتميز بكفاءة محسنة فى استهلاك الطاقة مع تطوير تقنيات مثل الهوائيات الأصغر حجمًا والخلايا الصغيرة التى يمكن أن تتوقف عن العمل عند عدم الحاجة».

وأوضح أن تقنيات الجيل الخامس تتميز بدعم الابتكارات المستقبلية مثل الواقع الافتراضى (VR) والواقع المعزز (AR)، والذكاء الاصطناعى (AI)، والتصنيع الذكى، والزراعة الذكية، وغيرها الكثير من التطبيقات التى تحتاج إلى سرعات عالية واتصالات موثوقة».

«الأمان والحماية عالية، الميزة الأهم لتقنية تشغيل خدمات الجيل الخامس»، كما أكد «ممدوح»، فهى تعمل بآليات حماية أكثر أمانًا من المستخدمة فى الأجيال السابقة، حيث يتم تأمين جميع مكونات الشبكة فيها بشكلٍ منفصل باستخدام تقنيات تشفير حديثة.

وأضاف أن «المميزات التى تقدمها تقنيات الجيل الخامس يقابلها تحديات يجب معالجتها، أبرز هذه التحديات التكلفة العالية للبنية التحتية، فهى تتطلب استثمارات ضخمة لنشر شبكات 5G، بما فى ذلك بناء أبراج ومحطات قاعدية جديدة، وتحديث الشبكات الحالية، وهذه التكاليف بالتأكيد سيكون لها تأثير على أسعار الخدمات المقدمة للمستخدمين.

وكذا المخاوف الصحية والأمنية، فعلى الرغم من أن الأبحاث العلمية لم تُثبت أى ضرر صحى مباشر من تقنية 5G، إلا أن هناك مخاوف متداولة حول تأثيرها على صحة الإنسان.. كما تثير الشبكات المتصلة بشكل كبير مخاوف أمنية تتعلق بحماية البيانات والخصوصية، مما يستدعى تطوير بروتوكولات أمان قوية، وتحديات الاختراق وتداخل الإشارة، خاصة أن الـ5G تعمل على ترددات أعلى (خاصة موجات المليمتر).

مشيرًا إلى وجود تحديات مرتبطة بالأجهزة الإلكترونية، فهناك متطلبات للأجهزة المتوافقة مع تقنيات الجيل الخامس للاستفادة الكاملة منها، لهذا يحتاج المستخدمون إلى أجهزة تدعم هذه التقنية، قد تكون أغلى من الأجهزة التى تدعم 4G فقط.

وبحسب «ممدوح» فإن مصر تشهد لحظة فارقة فى مسيرة تحولها الرقمى مع الإطلاق الرسمى لخدمات الجيل الخامس، فهذه التقنية تتجاوز مجرد تقديم سرعات إنترنت أعلى، بل تُعد بنية تحتية أساسية تدعم طفرة نوعية فى مختلف القطاعات، وتفتح آفاقًا واسعة للابتكار والتنمية الاقتصادية.

وأشار «ممدوح» إلى أن تقنية الجيل الخامس ستلعب دورًا مهمًا فى الجراحات عن بُعد، فزمن الاستجابة المنخفض للغاية لشبكة الجيل الخامس يُتيح للأطباء إجراء الجراحات المعقدة عن بُعد بدقة وأمان غير مسبوقين، ويُتيح مراقبة المرضى عن بُعد باستخدام أجهزة متصلة بالشبكة.

وأضاف: أن تقنيات الجيل الخامس ستدعم مفهوم «المصانع الذكية» من خلال تمكين الأتمتة الكاملة للعمليات الصناعية، والروبوتات المتصلة، وتحليل البيانات فى الوقت الحقيقى، مما يزيد من كفاءة الإنتاج ويُقلل التكاليف، وتوفر الصيانة التنبؤية، فيمكن للمصانع استخدام 5G لمراقبة أداء الآلات بشكل مستمر وتحديد الأعطال المحتملة قبل حدوثها.

وأكد أن العملية التعليمية من أكثر القطاعات التى ستتأثر بشكل إيجابى عبر الفصول الدراسية الافتراضية التفاعلية وبيئات التعليم عن بُعد بجودة عالية، مما يُتيح تجربة تعليمية أكثر سلاسة وشمولية للطلاب فى جميع أنحاء مصر، كما ستفتح التقنية الجديدة، الباب أمام استخدام الواقع الافتراضى (VR) والواقع المعزز (AR) فى المناهج الدراسية، مما يجعل التعلم أكثر تفاعلية وجاذبية من خلال المحاكاة والتجارب الغامرة.

د. إيمان علي، مدرب الأمن السيبرانى والذكاء الاصطناعى، أكدت أن تقنية الجيل الخامس، هى إحدى أبرز مرتكزات الثورة الصناعية الرابعة، لما تحمله من إمكانات خارقة لإعادة صياغة العلاقة بين الإنسان، والآلة، والمعلومة.

وقالت: إن مصر تخطو خطوات محسوبة ومدروسة نحو تهيئة البنية التحتية اللازمة لاستيعاب هذه الطفرة التكنولوجية، بما يتسق مع مستهدفات الدولة فى بناء اقتصاد رقمى تنافسى ومستدام، وهو ما يتماشى مع الاستراتيجية المصرية نحو التحول البنيوى الرقمى، موازنةً بين طموحات التحديث الشامل ومتطلبات الواقع المحلى، من أجل تهيئة بيئة قادرة على استيعاب هذه الطفرة الرقمية وتوظيفها لخدمة أهدافها التنموية.

ولعلنا نجد مثالًا فى العاصمة الإدارية الجديدة، مشيرة إلى أن الأخيرة تُعد نموذجًا تطبيقيًا للجيل الخامس فى مصر، بعد أن شهدت تجارب متقدمة لتقنية 5G، وإعلان الشركة المصرية للاتصالات بالتعاون مع إريكسون عن نجاح اختبار الجيل الخامس فى عدة مواقع رئيسية داخل العاصمة، باستخدام الطيف الترددى 2.6 جيجاهرتز.

ونوهت بهذه التجارب حققت أعلى سرعة تنزيل بيانات متوافقة مع القيم النظرية للنطاق المستخدم، ولم تقتصر التجارب فقط على شركة «وى» ، بل شاركت كيانات كبرى أخرى مثل فودافون مصر وأورنج و«إى آند مصر» فى مشاريع بنية تحتية ومراكز بيانات متطورة لدعم تطبيقات المدن الذكية، بما فى ذلك إدارة المرافق، وخدمات إنترنت الأشياء، ومنصات الحوسبة السحابية.

«الأمر أبعد من السرعة الفائقة فحسب».. هكذا رفضت «على»، اختزال تقنيات الجيل الخامس فى السرعة، قائلة: «إن اختزال مفهوم 5G فى مجرد زيادة سرعة الإنترنت هو تبسيط يغفل عن جوهر الثورة التى يُحدثها، فالتقنية فى حقيقتها تمثل نقلة نوعية فى بنية الاتصال، وتؤسس لنموذج جديد قائم على ثلاث ركائز تقنية متكاملة: «سرعات إنترنت فائقة، الاستجابة شبه فورية، وربط عدد هائل من الأجهزة» – على حد قولها.

وأضافت: أن هذه القدرات المتكاملة لا تخدم فقط نقل البيانات، بل تشكل ما يمكن وصفه بـ«الجهاز العصبى الرقمى» الذى سيغذى نماذج الذكاء الاصطناعى وتطبيقات الحوسبة المتقدمة، فتحوّل الشبكة من مجرد قناة اتصال إلى منصة حوسبة موزعة (Distributed Computing Platform)، قادرة على إطلاق الجيل القادم من الابتكارات التقنية.

وأكدت أن مصر تتبنى منهجية استراتيجية مدروسة فى تعاملها مع تقنية الجيل الخامس، تتجاوز مجرد السباق الزمنى للحاق بالركب العالمى، بل تتمحور حول الهدف الاستراتيجى لمبدأ «السيادة الرقمية»، الذى يوازن بين ضرورة التحديث التكنولوجى وحتمية الحفاظ على التحكم الوطنى بالبنية التحتية للاتصالات والبيانات.

المهندس هيثم طارق، خبير الذكاء الاصطناعى أوضح أن تقنيات الجيل الخامس قادرة على تفعيل محركات النمو الجديدة، فالتقديرات العالمية تُجمع على الأثر الاقتصادى الهائل لتقنية الجيل الخامس؛ وهو ما أكدته دراسة مؤسسةIHS Markit، وتوقعت أن تُسهم التقنية بـ13.2 تريليون دولار فى الناتج الاقتصادى العالمى بحلول عام 2035، وفى السياق المصرى، يُنظر إلى هذه التقنية باعتبارها رافعة أساسية لتحقيق أهداف «رؤية مصر 2030» واستراتيجية «مصر الرقمية»، حيث أكد رئيس الوزراء ومسؤولو الاتصالات على دورها المحورى كدافع للتنمية.

وأضاف أن تقنيات الجيل الخامس تتجاوز فوائد تحسين الاتصال لتشمل تمكينًا اقتصاديًا شاملًا، يتمثل فى تحفيز الاستثمار ودعم الاقتصاد الكلى: عبر جذب رئيسى للاستثمار الأجنبى المباشر (FDI)، فيتوقع أن تجذب التراخيص وحدها استثمارات مباشرة تُقدر بمئات الملايين من الدولارات، ودعم الابتكار وريادة الأعمال عبر توفير بيئة مثالية لنمو الشركات الناشئة، التى تعمل فى مجالات الذكاء الاصطناعى (AI) وإنترنت الأشياء (IoT)، مما يسرّع من تطوير حلول مبتكرة فى التكنولوجيا المالية والرعاية الصحية والبنية التحتية الذكية، وفى الوقت ذاته تخلق فرص عمل نوعية فى مجالات تحليل البيانات، والأمن السيبرانى، وهندسة الشبكات، مما يخلق فرص عمل جديدة ترتبط بالاقتصاد المعرفى والتقنيات فائقة التخصص.

«5G» أو Fifth Generation Network أو شبكات الجيل الخامس، هى أحدث خدمات تكنولوجيا الاتصالات التى أعلنت عن تقديمها الشركات المصرية المختصة بهذا المجال، الذى شهد تسارعًا وتناميًا كبيرًا لحاجة العالم أجمع إلى دعم تطبيقات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى AI وإنترنت الأشياء IOT والأتمتة Automation والقدرة على مضاعفة حجم البيانات Data التى يتم تناقلها، لتصل إلى مئات الزيتابايت (ZB) خلال الأعوام القادمة، وذلك لتوسيع مجالات استخدام هذه التطبيقات فى شتى مناحى الحياة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة