روايات عدة أُطلقت على مقام أم الغلام، فهناك شبه إجماع بين الزوار بأن «أم الغلام» هى ابنة الإمام الحسن بن على رضى الله عنه، والتى دُفنت بجوار عمها الإمام الحسين، ورواية أخرى تقول إن المقام لسيدة قدّمت رأس ابنها فداء لرأس الإمام الحسين بن على رضى الله عنه، حينما حاول جنود يزيد بن معاوية الحاكم الأموى خطفها.
ورواية ثالثة تقول إن أم الغلام هى السيدة حورية بنت الحسين، وجاءت فى رحلة السيدة زينب بنت الإمام على إلى مصر فى عهد مسلمة بن مخلد الأنصارى حاكم مصر، عقب هروبهم من الدولة الأموية على إثر معركة كربلاء، واختارت زينب مصر لتستقر بها من أجل أن تحمى رأس الحسين، وتعيش فيها مع أبناء أخيها، وآخر ذرية آل البيت زين الدين العابدين بن على وشقيقته «حورية» أو زينب الصغرى كما كان يُطلق عليها الإمام الحسين، وقيل عن السيدة حورية إنها كانت تعالج المصريين وتقدم لهم الطعام والشراب، لذا صاروا يتبرّكون بها وينشدون مساعدتها.
آثار العمل فى ترميم وتجديد المسجد يمكن ملاحظتها بعد أن أُغلقت أبوابه، لكن المقام مفتوح للزوار، ويشمل شاهدين تغطيهما طرحة من التل الأبيض، وكأنهما عروسان تتزينان للناظرين، وهما أول ما يقابل الزوار عند نزولهم السلالم السبعة ليصلوا لمقام أم الغلام.
الشاهدان على أحدهما اسم فاطمة بنت الحسن بن علي، والضريح الثانى تعددت حوله الروايات التاريخية من بينها أن صاحبته هى ابنة كسرى ملك الفرس، شهربانو جهان شاه بنت يزدجرد، وبعد اعتناقها الإسلام سُميت فاطمة، وهى أشهر زوجات الإمام الحسين بن على رضى الله عنه، واسمها بالفعل هو الاسم المدوّن على الضريح، لكن هذه الرواية غير صحيحة، لأن الإمام الحسين استُشهد عام 60 هـ بكربلاء، بينما أُسست مدينة القاهرة حينما قدم جوهر الصقلى 358هـ.
وحسب ما يقول د. مصطفى محمد عبدالنبى عوض، أستاذ التاريخ والحضارة المساعد بكلية اللغة العربية فى جامعة الأزهر، فإن هذا الضريح هو ضريح رؤيا وليس مقام جسد، فابنة الحسين دُفنت بجوار أبيها، أما أسطورة السيدة التى قطعت رأس ابنها لتفتدى به رأس الحسين فهى محض خيال المصريين، فقيل إن الرأس طار من بغداد إلى مصر، وقيل إنه اختار موقع الدفن.
ومن بين الأساطير كما يسردها «عبدالنبى» تلك الأسطورة لامرأة مسيحية مرت بكربلاء وقت الحرب، وأخذت الرأس الشريف، واستبدلت به رأس غلامها الذى قدّمت رأسه لجنود يزيد، ثم جاءت برأس الحسين إلى مصر، ورغم تعدد الروايات لا يهتم المصريون بالحقيقة وراء المسجد، فالأهم أن رائحة البخور تعبق بالمكان كل يوم، والسلالم الرخامية السبعة تزدحم بالأقدام، وأن باب المقام يبقى مفتوحًا أمام القادمين من كل بقاع مصر.
