يعد الانتقال إلى جامعة في محافظة أخرى هو من أكثر التغيرات التي قد تواجه الفتاة وأسرتها، فهو اختبار حقيقي لقدرتها على الاستقلال وتحمل المسؤولية، وكذلك اختبار للأم في كيفية دعمها وتهيئتها نفسيًا لهذا التحول الكبير، الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن أهم سبل التأهيل النفسي للابنة التي ستبدأ عامها الجامعي في محافظة أخرى.
من جهتها، قالت الدكتورة سمية أحمد يوسف أستاذ علم النفس بكلية الآداب، في تصريح خاص لـ "بوابة دار الهلال"، أن تأهيل الفتاة للاستقلال لا يبدأ عند باب الجامعة، بل هو ثمرة سنوات طويلة من التربية الواعية تبدأ منذ الطفولة، حيث أن هناك خطوات عملية ونفسية مهمة يجب على كل أم اتباعها، كي تتمكن ابنتها من الاعتماد على نفسها والنجاح في بيئتها الجديدة بثقة وأمان، والتي يمكن إجمالها في النقاط الاتية:
-تحمل المسؤولية ليس مهارة تكتسب فجأة في مرحلة الجامعة، بل هو سلوك يزرع في الطفل منذ سنواته الأولى، وإذا لم تتعلمه الفتاة في صغرها، فلن تتمكن الأم من غرسه فجأة عند نضجها.
-تعلم المسئولية يبدأ من أعمال بسيطة جدًا في المنزل مثل ترتيب غرفتها، أو اختيار ملابسها، أو طي الغطاء بعد الاستيقاظ، وهي مهام يومية لكنها تعزز الشعور بالاستقلالية، ومع كل إنجاز صغير، يجب أن يحصل الطفل على تعزيز إيجابي يربط بين فعله وتحقيقه لذاته، مما يكون بداخله صورة لشخص قوي، معتمد على نفسه، واثق في قدراته.
- كثيرًا من الأمهات يقعن في فخ الحماية الزائدة، مما ينتج أبناء غير قادرين على اتخاذ قرارات أو مواجهة الحياة بشكل مستقل، أما التربية المتوازنة، فهي التي تعد الطفل ليكون في المستقبل إنسانًا ناجحًا، يعرف كيف يتصرف، ويتحمل نتائج أفعاله، سواء كانت إيجابية أو سلبية.
- الأطفال الذين يمنحون فرصة لتحمل المسؤولية مبكرًا، يكونون أكثر نجاحًا لاحقًا في الدراسة والعمل، ويتمتعون بصحة نفسية أقوى، لأنهم تربوا على أن يكونوا مسؤولين عن أفعالهم منذ الصغر، لا ينتظرون من يقرر عنهم أو يحل مشاكلهم.
-عندما تصل الفتاة إلى مرحلة دخول الجامعة في محافظة جديدة، فإن الخطوة الأهم ليست تعليمها المسؤولية، بل تفعيله، فالأساس قد بني بالفعل في طفولتها، ويبقى الآن أن تدعمها الأم نفسيًا وتمنحها الثقة الكاملة.
-يجب أن يكون الأمهات قدوة لبناتهن في الاعتماد على النفس وتحمل تبعات القرارات، وغرس القيم والمبادئ في الطفلة منذ الصغر، لأن هذه القيم ستكون سلاحها في مواجهة أي بيئة جديدة.
-أظهري لابنتك أنك واثقة فيها، واحكي لها دائمًا أنك مؤمنة بقدراتها، وأنك زرعت فيها قيمًا تحميها أينما ذهبت.
-ضرورة وجود علاقة قوية ومفتوحة بين الأم وابنتها، فكلما شعرت الفتاة أن والدتها هي الصديقة الأقرب، والمستمع الحقيقي، والمصدر الآمن الذي تلجأ إليه عند الأزمات، كلما كانت أقوى نفسيًا وأكثر قدرة على مواجهة أي موقف في بيئتها الجديدة.
-النقد المستمر أو التضييق في الحديث مع الفتاة يجعلها تبحث عمن تصغي له خارج الأسرة، ما يعرضها لخطر التوجيه الخاطئ أو التأثير السلبي من أطراف أخرى، لذلك، فإن الإصغاء، والاحتواء، وتقديم الدعم دون قسوة، هو الأسلوب الأمثل.
-تذكري أن ابنتك، إذا كانت قد تربت منذ صغرها على الاعتماد على نفسها، وتم تعزيز ثقتها بنفسها باستمرار، فهي قادرة على مواجهة أي تحدٍ في حياتها الجامعية الجديدة.
-كوني دائمًا الحاضنة والداعمة، الصديقة والمستشارة، ولا تنسي أن منح الثقة هو أكبر هدية يمكن أن تقدميها لها لتكون ناجحة ومستقلة في حياتها