رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

جولة اولى من مباحثات«عمان».. هل تتخلى إيران عن برنامجها النووي ؟


19-4-2025 | 19:05

مباحثات عمان

طباعة
تقرير: أمانى عاطف

بعد تصاعد التوترات بين تهديدات وحرب كلامية مع إيران بدأت الولايات المتحدة هذا الأسبوع محادثاتٍ بالغة الأهمية للتوصل إلى اتفاق نووى جديد، فى ظل تهديد الرئيس ترامب بشن ضربات عسكرية فى حال فشل المفاوضات، وتحذير طهران من أن أى هجوم عليها سيجر الولايات المتحدة إلى صراع أوسع فى الشرق الأوسط. ويبقى السؤال: هل يستطيع ترامب إقناع إيران بالتخلى عن برنامجها النووى؟

 

بدأت المباحثات غير المباشرة بين وزير الخارجية الإيرانى عباس عراقجى ومبعوث إدارة ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، وبوساطة وزير الخارجية العمانى بدر البوسعيدي. وتعد المحادثات خطوة أولى مهمة فى تحديد إمكانية التوصل إلى اتفاق، وأشادت الولايات المتحدة بـ«التواصل المباشر» باعتباره مفتاحًا للتوصل إلى اتفاق محتمل.

 

وستعقد المزيد من المفاوضات الأسبوع المقبل بشأن برنامج طهران النووى الذى يشهد تقدمًا سريعًا. وفى بيانٍ صدر عقب المحادثات، قال البيت الأبيض إن المناقشات كانت «إيجابية وبناءة للغاية»، مشيرًا إلى أن ويتكوف أكد لإيران أنه تلقى تعليماتٍ بحل «خلافات الخصوم من خلال الحوار والدبلوماسية، إن أمكن».

 

تعد هذه المحادثات الأكثر أهمية منذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووى الإيرانى لعام 2015 خلال ولايته الأولى. وتأتى بعد أن شهدت الجمهورية الإسلامية ضعفًا ملحوظًا فى نفوذها الإقليمى خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية بسبب الضربات الإسرائيلية على وكلائها، وإسقاط نظام بشار الأسد فى سوريا، والهجمات غير المسبوقة داخل حدودها.

 

تتوالى المؤشرات على دخول العلاقات بين إيران والولايات المتحدة مرحلة جديدة، حيث هدد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إيران بشن ضربات مباشرة وفرض رسوم جمركية ثانوية؛ إذا لم تتوصل طهران إلى اتفاق مع واشنطن بشأن برنامجها النووي. فى الأسابيع الأخيرة، شهدت المنطقة عددًا من التحركات العسكرية من الطرفين؛ حيث نُقلت ما يصل إلى ست قاذفات بي-۲ إلى قاعدة عسكرية أمريكية بريطانية فى جزيرة دييجو جارسيا بالمحيط الهندى، وهى واحدة من أهم القواعد العسكرية الأمريكية حول العالم، وهددت إيران الولايات المتحدة بقصفها حال تعرضها لأى هجوم.

رفضت القيادة الاستراتيجية للجيش الأمريكى الإفصاح عن عدد طائرات بي-۲ التى وصلت إلى دييجو جارسيا، وأشارت إلى أنها لا تُعلق على التدريبات أو العمليات التى تشمل طائرات بي-2. كما أعلنت واشنطن تعزيز وجودها العسكرى وإرسال حاملة الطائرات «يو أس أس هارى ترومان» إلى المنطقة. تعد دييجو قاعدة عسكرية استراتيجية أمريكية –وهى أكبر جزر أرخبيل شاغوس فى وسط المحيط الهندي، وتقع الجزيرة فى منتصف المسافة بين ساحل الهند وجزيرة موريشيوس. وتلعب دورا رئيسيا فى تعزيز الهيمنة الأمريكية على المحيط الهندي، مما يضمن لها سيطرة على طرق الشحن العالمية، وتوفير قاعدة انطلاق للعمليات العسكرية فى الشرق الأوسط، وجنوب آسيا، وشرق إفريقيا.

 

تُصرّ إيران على أن أنشطتها النووية سلمية تمامًا، وأنها لن تسعى أبدًا إلى تطوير أو امتلاك أسلحة نووية. فى أواخر العام الماضي، كانت إيران تنتج حوالى 7 كيلو جرامات من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل من 60 إلى 90 بالمائة، وهو ما يكفى لصنع قنبلتين نوويتين تقريبًا سنويًا إذا زاد تخصيبه. وهى الآن تُركّب أجهزة طرد مركزى أكثر تطورًا، وتُغذّى بعضها باليورانيوم المخصب بالفعل. من جانبهم، يواجه قادة إيران مأزقًا، ففقدان مخزونهم من الصواريخ والدفاعات الجوية وحلفائهم الإقليميين يعنى أن الخيار النووى أكثر ضرورة.

 

ومنذ بدء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ولايته الرئاسية الثانية، وقّع على قرار اعتماد سياسة «الضغوط القصوى» ضد إيران، وخلال فترة وجيزة بدأت واشنطن تنفيذ هذه السياسة عبر العديد من العقوبات الجديدة. ووصلت العقوبات إلى حد إنهاء الاستثناء الممنوح سابقًا للعراق لشراء الغاز الإيرانى من أجل تأمين الكهرباء.

 

يرغب الكثيرون فى إسرائيل فى ضرب المواقع النووية الإيرانية لمنعها من امتلاك قنبلة نووية، لكن إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق الذى دعا سابقًا إلى مثل هذا الإجراء، وسياسيين إسرائيليين سابقين آخرين يُجادلون بأن برنامج إيران أصبح الآن متقدمًا للغاية ومُخبأً فى الأعماق بحيث لا يُمكن القضاء عليه. بينما يُصرّ مسئولون إسرائيليون آخرون -مُشجعين بنجاح ضرباتهم العام الماضي- على أنهم لا يزالون قادرين على إحداث أضرار جسيمة إذا ساعدت أمريكا بتوفير القنابل الخارقة للتحصينات اللازمة، بالإضافة إلى المعلومات الاستخباراتية.

 

تحدث الدكتور محمد خيرى، الباحث فى الفلسفة السياسية والمتخصص فى الشئون الإيرانية لـ«المصور» قائلاً: بالطبع هناك تهديدات وحرب كلامية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، لكن الرئيس ترامب يدرك جيدا أن الضغوط القصوى أو الطريقة التى يضغط بها على النظام الإيرانى حتى يجبره على العودة مرة أخرى إلى طاولة المفوضات والتوقيع على اتفاق نووى جديد يخالف بنود الاتفاق الموقع عام 2015. وبالتالى أتوقع ألا تذهب الأمور إلى أبعد من الحرب الكلامية أو سلسلة الضغوط القصوى؛ حيث تسير الإدارة الأمريكية سواء الجمهوريين أو الديمقراطيين على نفس النهج أو على طريق واحد، وهو سلسلة الضغوط القصوى، وأكبر دليل على ذلك أن الرئيس السابق جو بايدن لم يدخل فى حرب مع إيران، واستمر فى فرض العقوبات والضغوط، وإن كان أقل بكثير من برنامج ترامب فى الضغط الاقتصادى على إيران، ولكن فى النهاية اتفق موقفه مع موقف ترامب فى هذا الإطار. هناك سياسة عامة فى الولايات المتحدة بضرورة فرض العقوبات الاقتصادية على طهران وإجبارها على الخضوع للشروط الأمريكية، ولكن النظام الإيرانى قوى إلى حد ما فى مسألة التفاوض مع واشنطن.

 

وتابع خيرى أن إيران طالبت بأن تكون المفاوضات غير مباشرة بمعنى أن يتم إشراك الدول الأوروبية أو أن تتفاوض طهران مباشرة مع دول أوربا التى بدورها ستنقل وجهة النظر الإيرانية إلى أمريكا. وتابع خيرى أنه وفقا لموقع «أكسيوس» الأمريكى وافق ترامب على المفاوضات مع إيران بشكل عام، وهذا يؤكد أن ترامب لا يرغب فى الدخول فى حرب مع إيران.

 

الأمر الثانى وهو الأهم أن السياسة الأمريكية لا ترغب فى ذلك والشعب الأمريكى أيضًا لا يرغب فى إرسال أبنائه إلى إيران لخوض حرب مع قوة قد تصبح نووية فى القريب العاجل، وبالتالى لن يجد ترامب سوى فرصة التوافق مع النظام الإيرانى بإشراك الأوربيين فى المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق جديد قد يُرضى غروره، وقد تجد فيه إيران فرصة لاستعادة أنفاسها بعد الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها.

 

الاكثر قراءة