بأغلبية 452 عضوًا وافق الاتحاد الأوروبى على إتاحة الشريحة الثانية من حزمة الدعم المالى لمصر ضمن الشراكة الاستراتيجية والشاملة مع مصر، وقد سبق لمصر حصولها على الشريحة الأولى فى ديسمبر 2024 الماضى وقدرها مليار يورو، ويبلغ إجمالى الشراكة 7,4 مليار يورو التى وقّعت عليها مصر مع الاتحاد الأوروبى فى مارس 2024 منقسمة إلى دعم الموازنة العامة بمبلغ 5 مليارات يورو قرضًا ميسّرًا، إلى جانب تدريب ومنح فى حدود 600 مليون يورو، إضافة إلى 1,8 مليار يورو مشروعات واستثمارات، ومن المتوقع أن تحصل مصر على الشريحة الثانية فى آخر شهر أبريل 2025 الحالى.
ولا شك أن دخول الشريحة الثانية فى هذا الوقت سيكون له أثر فعال على مستوى الاحتياطى النقدى المصرى الذى تجاوز 47 مليار دولار من ناحية وأيضا سيساهم فى سدّ جزئى للفجوة التمويلية من العملة الأجنبية التى تحتاج إليها الدولة المصرية لمواجهة التزاماتها، كما سيكون له أثر إيجابى على الاستثمارات لأنه من المتفق عليه أنه جزء من اتفاقية الشراكة «المصرية - الأوروبية»، سوف يتم استثماره فى قطاعات مثل الطاقة النظيفة والتصنيع والأمن الغذائى، مما يعنى زيادة الاستثمارات الأجنبية المتدفقة على الاقتصاد المصرى، وهو أمر مهم يساعد على تشجيع القطاعات الإنتاجية والصادرات، حيث إن زيادة الاستثمارات الأجنبية تؤدى إلى توفير فرص عمل جديدة، مما يساهم فى انخفاض معدلات البطالة البالغة 6,8 فى المائة.
أيضا قد تساهم هذه الشريحة فى استقرار السياسات النقدية وتقليل الضغوط، ولكن تجب مراعاة أن هذه الشريحة ليست بأكملها منحة ولكن هى قرض بفائدة ميسّرة، يجب حُسن استغلالها وإداراتها، بما يساهم ويساعد على تحقيق أعلى استفادة منها ودخولها فى مشروعات تنموية وإنتاجية تحقق عوائد مالية.
حصول مصر على هذه الشريحة سيقلل لجوء مصر للأسواق الدولية لطرح سندات وأذون خزانة بعوائد مرتفعة مما يخفف من أعباء الديون على الموازنة العامة ويزيد من تحسن المؤشرات الاقتصادية، خاصة أن الاقتصاد المصرى رغم التحديات الداخلية والخارجية التى تواجه الدولة المصرية، خاصة الأوضاع الجيوسياسية التى تتعرض لها المنطقة، والتأثير السلبى على إيرادات قناة السويس الذى انخفض إلى أكثر من 60 فى المائة خلال عام 2024، إلا أن هناك تحسنا فى المؤشرات المالية والاقتصادية.
حيث بمتابعة المؤشرات الاقتصادية نجد أن معدل التضخم انخفض إلى 12,8 فى المائة، بعد أن كان قد تجاوز 24 فى المائة فى ديسمبر 2024، كما ارتفع معدل النمو الاقتصادى فى الربع الأول إلى 3.5 فى المائة، ومن المتوقع تحسّنه خلال عام 2025 إلى أكثر من 4 فى المائة.
وزيادة نمو الاقتصاد المصرى ساهم فيها بشكل كبير قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية وأيضا قطاع الصادرات وكذلك قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يشهد نموًا كبيرًا، خاصة فى مجال خدمات التعهيد، حيث أصبحت مصر فى المرتبة الثالثة عالميًا فى مؤشر ثقة خدمات التعهيد العالمية.
كما تحسن أداء مصر فى مؤشر التقدم الاجتماعى العالمي، حيث ارتفع بنحو 5.8 نقطة ليصل إلى 57.56 نقطة فى عام 2024، مقارنة بـ 51.76 نقطة فى عام 2014.
ولا شك أن مصر أحرزت تقدمًا ملحوظًا فى تعزيز العدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة من خلال مبادرات مثل «حياة كريمة» و«بداية» واللتين ساهمتا فى تحسين الظروف المعيشية بالمناطق الريفية عبر توفير الخدمات الأساسية وخلق فرص العمل، حيث إجمالى الاستثمارات المخصصة للمرحلة بلغ 350 مليار جنيه، يستفيد منها 18 مليون مواطن، ومن المستهدف تطوير 1477 قرية داخل 52 مركزًا على مستوى 20 محافظة.
كما سجّل مؤشر مديرى المشتريات ارتفاعًا طفيفًا فى نوفمبر 2024 ليصل إلى 49,2 نقطة، مُقارنة بحوالى 49 نقطة فى شهر أكتوبر، وهو لا يزال قريبًا من المستوى المُحايد (50 نقطة) للشهر الثالث على التوالي، مدفوعًا فى المقام الأول بالتوسع فى أنشطة التصنيع.
كذلك، نجحت مصر فى خفض ديونها الخارجية بحوالى 15 مليار دولار خلال الأشهر الماضية، من خلال توقيع صفقات استثمارية وزيادة موارد النقد الأجنبي.
وأخيرًا.. لا شك أن تحسن الاقتصاد المصرى ينعكس إيجابيًا على حياة المواطنين من خلال فرص عمل أفضل، استقرار الأسعار، وتحسن جودة الخدمات العامة، ولكن من المهم استمرار تنفيذ السياسات الاقتصادية الفعالة لضمان استدامة هذا التحسن.