رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

ننشر المقال النادر لـ«ثومة».. أكره الصيف وإجازة الصيف!


27-12-2025 | 09:29

.

طباعة
بقلم: أم كلثوم نشر فى 4 يوليو 1969

لناس جميعًا من الجنسين ومن مختلف الأعمار والأجناس وعلى اختلاف أعمالهم، منهم مَن يحبون الصيف لأنه موسم الإجازات والراحة.. ولكننى أكره الصيف وإجازة الصيف.. إننى أجد راحتى فى العمل، ولذلك لا أعتبر الصيف فترة راحة بل فترة تعب لأننى لا أعمل فيه.

والصيف فترة خمول عندى، تعاودنى خلالها ذكريات الماضى، ومن بينها ذكريات أليمة لا تطفو على سطح ذاكرتى إلا مع خمول الصيف، وأنا بطبعى أحب الهدوء فى حياتى، ولكننى لا أحس بهذا الهدوء فى الصيف، بل أكاد أحسّ بأننى أعيش فى الشارع وسط زحام الحياة وتحت لهيب الشمس المحرقة.. ولا أحسّ بالهدوء الذى أحبه إلا فى رياضتى اليومية التى لا أنقطع عنها أبدا.. رياضة المشى على شاطئ النيل فى الساعات التى تقل فيها حركة المارة أو تكاد تنعدم.

 

 

ومن طريف ما أذكر أننى عند مجيئى إلى القاهرة لأول مرة لم أعرف إن كان الجو صيفا أم شتاء عندما اشترى لى أبى كوب عصير ليمون مثلج من بوفيه المحطة ورفضته، وأصررت على أن يشترى لى «ملبس وطوفي».. فقال لي:

يا بنتى الدنيا حر.. أحسن تشربى حاجة ساقعة.. الحر فى مصر غير الحر فى بلدنا، والصيف هنا أجمد من صيف بلدنا..

واضطررت بالرغم عنى إلى شرب عصير الليمون، وكلى غيظ من عدم تحقيق رغبتى فى “الملبس والطوفي”.. ولعل هذه الحكاية من أصول كراهيتى للصيف.. الأصول القديمة..

وتنبسط كراهيتى للصيف على فاكهة وخضراوات الصيف.. إننى أحب وأفضل فاكهة الشتاء وتكفى الموالح على تنوعها واختلاف مذاقها وما تفيده الصحة منها.. وكل خضراوات الشتاء الكرنب والقرنبيط والقلقاس والسبانخ إلى آخر القائمة غنية كلها بالعناصر الغذائية المفيدة التى لها فى نفس الوقت أثرها فى بث الدفء فى عروق الإنسان.

وما دمنا فى سياق التفرقة بين الصيف والشتاء لا بد أن أقرر تفضيلى أيضا لملابسى الشتاء على ملابس الصيف.. إن ملابس الشتاء تضفى على المرأة وقارًا وأناقة وتغلفها الاحترام بتعدد أجزائها وتنوع ورونق ملحقاتها وزخارفها. وأنا أحبذ مسايرة المرأة للموضة، بشرط أن تستغلها بطريقة سليمة تساعدها على إبراز جمالها.. إن المرأة لا تستطيع أن تبعد عن خطوط الموضة كلية.. ولكن المهم أن تقتبس منها لنفسها فى حدود المناسب والمقبول والمعقول..

وفى نظرى «المينى جيب» زىّ «بايخ» ولا يلائم إلا أجسامًا معينة وأعمارًا معينة.. والسن الموافقة فى رأيى للفتيات بين 7 سنوات و14 سنة.. والمهم حتى عند الفتيات فى هذه المرحلة من العمر هو تناسق أجسامهن وخاصة “الركبة” وقلما يتوفر الجمال فى الركبة، وما أكثر ما تصدم بشكلها المؤذى عند مرتديات المينى جيب، خصوصا السيدات المتقدمات فى السن.

وبالنسبة للألوان أرى أن لكل لون جماله، وأن كل لون يناسب كل سيدة بشرط أن تحسن اختيار الزىّ الذى تستخدمه فيه والذى يناسب صنعه من هذا اللون. وبالمناسبة أودّ أن أسجل ضيقى بسؤال يوجه إلى دائما: ما هو لونى المفضل.. إننى لا أفضل لونًا عن لون. وكل الألوان عندى سواء، والحقيقة أن الناس يظنون أن الفنانات يلبسن ويأكلن ويشربن غير ما يلبس ويأكل ويشرب الناس، مع أننا لا نختلف عن بقية مخلوقات الله فى هذه النواحى، وقد نحسدهم على الصحة الكاملة والشهية المفتوحة والحرية والتحرر من قيود وأعباء الشهرة.

ومن بين مصائفنا كنت أفضل دائما مصيف رأس البر، لأنه مصيف هادئ بعيد عن مظاهر المدينة وضجيجها ومتاعبها، مع توفر الليونة فى أرض شوارعه وخلوها من الزحام بحيث تتهيأ لى ممارسة رياضة المشى، رياضتى المفضلة. عليها فى الوقت الذى يحلو لى، ولكن تزاحمت المبانى، واكتسحت العشش، ورصفت الشوارع وانتشرت الحركة الآن فى رأس البر، بحيث فقد تقريبا كل مزاياه التى كانت تميزه عن الإسكندرية وغيرها من مصائفنا الصاخبة المزدحمة.

وأفضل الآن من شواطئنا “العجمى” وهو شاطئ جميل مثالى قلما يتوفر مثله بين شواطئ العالم كلها.

وأعود من حيث بدأت هذا الحديث عن الصيف.. أعود فأكرر كراهيتى للصيف، واعتبارى أنه فصل الخمول.. أليس هذا صحيحا بصفة عامة.. ألا تؤجل المشروعات الحكومية وتتوقف فى الصيف.. ألا يأخذ الموظفون عطلاتهم السنوية فى الصيف. ألا تقتصد المحال التجارية الكبيرة فى وارداتها ومعروضاتها فى الصيف.. ألا تغلق المسارح فى الصيف.. ولا تدبّ الحياة فى هذا كله إلا فى الشتاء.

وبينى وبينكم الصيف للأطفال والصغار... فهم وحدهم الذين يحبون الصيف لأن المدارس تتعطل خلاله، ولأن مصروفهم يتضاعف فى الصيف، وقبل كل شيء لأنهم لا يفتحون كتابا فى الصيف.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة