رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

2025 عام عنق الزجاجة!


25-12-2025 | 17:30

.

طباعة
بقلـم: عبدالقادر شهيب

الخطاب الحكومى الرسمى يقول إن عامنا الذى يتأهب للرحيل هو عام عنق الزجاجة، وإن الاوضاع سوف تبدأ فى الانفراج والأحوال تشرع فى التحسن مع حلول العام الجديد (2026) والذى سوف يشهد جنى الثمار.. ويستند هذا القول إلى أن معدل النمو الاقتصادى بدأ فى التزايد والارتفاع، ومعدل التضخم أخذ فى الانحسار والتراجع والانخفاض ومعدل البطالة تحت السيطرة.. كما سوف يشهد عامنا الجديد الذى نتأهب للاحتفال بقدومه انتهاء الاتفاق الحالى مع صندوق النقد الدولى الذى تضمن التزامات الحكومة كانت تقضى بتخفيض دعم الطاقة والمواد البترولية، وبالتالى رفع أسعارها التى تؤدى عادة وتلقائيًا إلى زيادة أسعار معظم السلع والخدمات الحكومية.

 

ولا شك أن المؤشرات الاقتصادية مهمة فى تحديد مسار الاقتصاد، أى اقتصاد، كبيرًا أو صغيرًا، ولكن هذه المؤشرات الاقتصادية لا تكفى لتقييم الاقتصاد.. مع هذه المؤشرات يأتى مؤشر لا يلقى اهتمامًا ممن يتابعون أوضاع الاقتصادات، وهو توزيع الدخل بين المواطنين والفئات الاجتماعية المختلفة، وكذلك يأتى معه تفاصيل المؤشرات الاقتصادية.. فمثلاً الاتجاه العام لمعدل التضخم يُبين حالة اتجاه الأسعار فى الأسواق، ولكن رصد هذا المعدل لمجموعات السلع المختلفة مهم جدًا لرصد تأثير أعباء التضخم على فئات وطبقات المجتمع المختلفة.. فإن معدل التضخم حينما ينخفض يشير ذلك إلى انخفاض أعباء ارتفاع الأسعار والغلاء على المواطنين، لكن عندما يكون معدل التضخم فى الغذاء كبيرًا فهذا يفيد أن عبء التضخم ما زال كبيرًا على أصحاب الدخول المحدودة الذين ينفقون القدر الأكبر من دخولهم على الغذاء، وبالتالى تأثرهم أقل بانخفاض معدل التضخم العام، والذى يوضح فى حالتنا إلى انخفاض وتراجع مستمر طوال العام الحالى.

وتأسيسًا على ذلك فإن سردية الحكومة الحالية بأن عام 2025 هو عام الخروج من عنق الزجاجة وعام 2026 هو عام جنى الثمار يمكن قبوله نظريًا، ولكن لتحققه عمليًا يتاح توفر شروط مختلفة ومتنوعة، منها استمرار تراجع حزمة كاملة من المؤشرات الاقتصادية تبدأ بتواصل ارتفاع معدل النمو الاقتصادى، وبالذات النمو ألصناعى والزراعى وليس الخاص بالخدمات فقط، وتراجع عبء الدين الخارجى والمحلى أيضًا، وانخفاض معدل التضخم ومعدل البطالة، وتراجع طبع البنكنوت وأيضًا تراجع عجز الموازنة والذى يقتضى انخفاض الإنفاق العام.

أما أهم الشروط للخروج من عنق الزجاجة والبدء فى جنى الثمار فهو يتعلق بالحفاظ على قيمة الجنيه من الانخفاض، لأن هذا الانخفاض خلال السنوات الثلاث السابقة هو الذى أشعل موجات متتابعة من الغلاء والتضخم، نظرًا لأننا نعتمد على الخارج فى تدبير احتياجاتنا الأساسية والضرورية خاصة الغذاء، فنحن نستورد من الخارج بما يقارب ضعف ما نصدره للخارج.

وبالطبع لا نقصد بذلك تثبيت سعر الجنيه فى السوق المصرفية بينما يتراجع هذا السعر فى السوق السوداء، لأن هذا ليس بالعلاج الناجع والمفيد، بل علاج فاشل لن يجدى، وأنه يؤدى إلى انفجار مضاربات استقرار السوق السوداء على الجنيه الذى تهبط بقيمته كثيرًا، واضطراب الإنتاج، واندلاع أزمات خانقة فى الأسواق واختفاء سلع ضرورية، من الغذاء والدواء ومستلزمات الإنتاج أيضًا، فضلاً عن تراجع تحويلات العاملين بالخارج، التى تعد المصدر الأول والأساسى للنقد الأحنبى لنا والتى تزيد كلما تقلصت السوق السوداء للعملة.

إنما نقصد هنا سد الفجوة الدولارية التى نعانى منها منذ زمن يقاس بعدة عقود مضت.. وسد هذه الفجوة الدولارية يحتاج إلى أمر من أمرين وَيَا حبذا كلاهما معًا.. الأول زيادة مواردنا من النقد الأجنبى بزيادة إنتاجنا الصناعى والزراعى، وهو ما سوف يزيد من صادراتنا ويخفض أيضًا من وارداتنا من الخارج.. والثانى هو ترشيد وارداتنا من الخارج وهو ما يقتضى التخلى لسنوات عن بعض وارداتنا التى لا تمثل أولوية، أى ليست من الغذاء أو الدواء أو مستلزمات الإنتاج .

وهكذا..

لكى يكون العام الحالى هو عام عنق الزجاجة، والعام الذى يليه عام جنى الثمار فعلاً، علينا أن نجد حلاً ناجعًا للفجوة الدولارية لنحافظ على الجنيه من الهبوط، ولا نعتمد على الأموال الساخنة كما فعلنا من قبل. ولم نحصد شيئًا.

 
 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة