رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

فى فصلها الخامس.. «السردية الوطنية».. أمل توطين التنمية الاقتصادية


2-11-2025 | 13:05

.

طباعة
تقرير: رضوى قطرى

«التخطيط الإقليمى لتوطين التنمية الاقتصادية»، عنوان الفصل الخامس من السردية الوطنيــة للتنميــة الاقتصاديــة، والتى تضع تحقيــق التنميــة الإقليميــة المتوازنــة وتــوطين أهــداف التنميــة المســتدامة فى صــدارة أولوياتهــا، وذلك انطلاقًــا مــن قناعــة الحكومة بــأن العدالــة المكانيــة والاجتماعيــة هــى أســاس التنميــة الشــاملة.

 

يرســخ قانــون التخطيــط العــام للدولــة رقــم 18 لســنة 2022 التوجــه الحكومي، وذلك مــن خلال تــوفير إطــار تشريعــى متكامــل للتخطيــط علــى المســتويات القوميــة والقطاعيــة والإقليميــة والمحليــة، ويضمــن ســد الفجــوات التنمويــة وتوزيــع الاســتثمارات العامــة وفــق معــايير علميــة عادلــة، مســتندًا إلى المعادلــة التمويليــة ومبــدأى اللامركزيــة والتنميــة المتوازنــة العادلــة، وفى إطار تكامــل السياســات الاقتصاديــة الكليــة مــع البعــد المــكانى للتنميــة، تــأتى الجهــود الوطنيــة لتــوطين أهــداف التنميــة المســتدامة كامتــداد طبيعــى للاستراتيجيــات المعتمــدة فى جــذب الاســتثمار الأجــنبى المبــاشر، وتنميــة ســوق العمــل، وتعزيــز التجــارة والصناعة. فهــذه السياســات تتقاطــع جميعًـا عنــد هــدف مــشترك يتمثــل فى تحقيــق نمــو شــامل وعــادل ينعكــس علــى مختلــف الأقاليــم.

«توطين التنمية الاقتصادية»، يتم ذلك من خلال ثالوث تنموى متكامل، كما تشير السردية فى فصلها الخامس والأخير، ويبدأ بالتخطيط المنهجى المبنى على الأدلة لتحديد الأولويات التنموية، ثم يعزز بآليات تمويل فعالة تضمن تحويل الخطط إلى واقع ملموس، ويعتمد على بيانات موثوقة للمتابعة والتقييم ورصد الفجوات التنموية بما يوجه التخطيط المستقبلي، ويتبع نهج المشاركة المجتمعية التى تجعل المواطن شريكًا فاعلًا فى عملية التنمية، ويفضى هذا الثالوث إلى مبادرات ومشروعات تنموية ترتقى بمستوى معيشة المواطن وتحقق أثرًا ملموسًا.

ويعتبر «التخطيط المبنى على الأدلة» أساس الثالوث التنموى المتكامل، إذ يتيح تحديد الأولويات ورسم السياسات استنادا إلى بيانات دقيقة ناتجة عن المتابعة والتقييم، ليكون نقطة الانطلاق التى توجه على أساسها موارد التمويل بكفاءة نحو تلك السياسات، بينما يمثل «التمويل» الجسر بين التخطيط والتنفيذ فهو يترجم التخطيط المبنىّ على الأدلة إلى واقع عملى، فهو الأداة التى تضمن كفاءة توجيه الموارد نحو الأولويات التنموية، ومن خلال آليات تمويل فعالة ورشيدة تتحول السياسات والخطط إلى مشروعات قابلة للتنفيذ، بما يعزز من استدامة التنمية ويحقق أثرا ملموسا فى حياة المواطنين.

وتعد البيانات عنصرًا جوهريًا فى هذا الثالوث، إذ تسهم فى المتابعة الدورية والتقييم الموضوعى ورصد الفجوات التنموية، بما يوفر مدخلات دقيقة للتخطيط المستقبلى ويعزز من كفاءة تخصيص الموارد وفاعلية تنفيذ الخطط.

وفى تحليلها للفصل الخامس لـ«السردية الوطنية»، أكدت الدكتورة أمل زكريا، مدير مركز التنمية الإقليميــة بمعهد التخطيط القومي، أن «الدولة المصرية تسعى إلى تحقيق تنمية إقليمية ومحلية متوازنة تضمن العدالة المكانية الاقتصادية والاجتماعية فى توزيع ثمار التنمية» وهذا التوجه يمثل أحد مرتكزات رؤية مصر 2030».

وأضافت: «كما تسعى السردية لتحقيق نمو شامل وتوليد فرص عمل لائقة، وذلك من خلال ربط الاستثمارات العامة والخاصة بالمزايا النسبية لكل محافظة، وتعزيز التخطيط القائم على الأدلة والبيانات الإحصائية، ويمثل تعديل الإطار التشريعى نقطة الانطلاق الأساسية لتطوير منهجيات إعداد الخطط وبناء منظومة تخطيطية متكاملة تشمل المستويات القومية والإقليمية والمحلية، وتحديد الأولويات التنموية على المدى القصير والمتوسط والطويل وفق نهج متكامل يضمن الترابط بين الخطط القومية والقطاعية والإقليمية، وتمكين الوحدات المحلية من إعداد وتنفيذ خططها التنموية استنادًا إلى احتياجاتها ومواردها، من خلال قانون التخطيط العام رقم 18 لسنة 2022 الذى تبنى فلسفته على عدد من المبادئ الأساسية وخاصة مبدأ اللامركزية، وما يعنيه من تمكين وحدات الإدارة المحلية من خلال نقل السلطات والمسئوليات من المستوى المركزى إليها، والتنمية المتوازنة العادلة من خلال صياغة سياسات تضمن إحداث توازن بين مستويات التنمية ومعدلاتها بين الوحدات المحلية المختلفة».

«د. أمل»، تابعت: عملت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية والمحافظات، على تطوير وتحديث منظومة التخطيط المحلى؛ لتصبح أكثر مرونة وفعالية واستجابة للاحتياجات المحلية، وذلك من خلال تحسين كفاءة تخصيص الاستثمارات بالاعتماد على مؤشرات كمية لقياس الفجوات التنموية، وتعزيز البعد المكانى للتخطيط عبر أدوات لتحديد الفجوات القطاعية والمكانية، وربط الاستثمارات العامة باحتياجات المحافظات الفعلية لضمان استدامة الأصول العامة، صاحبها إصلاحات مؤسسية وفنية لدمج البنية المعلوماتية المكانية فى عملية التخطيط ومتابعة الأداء، حيث تم تطوير معادلة تمويلية أكثر عدالة لتخصيص الموارد بين دواوين عموم المحافظات لمراعاة الاحتياجات الفعلية وفقًا للممارسات الدولية وبناء على عدد من المعايير المدروسة، تشمل معدلات الفقر وحالة التنمية البشرية وعدد السكان ومتوسط الاستثمارات السابقة مع مراعاة أوزان إضافية لمحافظات الحدود لدعمها استثماريًا.

وأكملت: «كذلك تم تطبيق معادلة تمويلية لتوزيع الاستثمارات ما بين المحافظة ومراكزها وأحيائها لضمان عدالة توزيع الاستثمار على مستوى الوحدات المحلية، وقد أسهمت المعادلة التمويلية بالتزامن مع السقوف المالية منذ تطبيقهما على مستوى المحافظات عام 2021 فى تعزيز قدرة الوحدات المحلية على إعداد وتنفيذ خططها».

مدير مركز التنمية الإقليميــة بمعهد التخطيط القومي، أوضحت أنه «لإحداث تخطيط مكانى مبنى على الأدلة والبيانات، أطلقت الدولة المشروع القومى للبنية المعلوماتية المكانية بهدف تطوير قاعدة بيانات مكانية موحدة لمصر، وإتاحتها فى جميع الجهات الحكومية كمرحلة أولى وصولًا إلى المواطن فى المراحل التالية للمشروع ، بهدف دعم اتخاذ القرار التنموى بناءً على بيانات دقيقة، ورفع كفاءة تخصيص الموارد وعدالة توزيع الاستثمارات، ورصد التغيرات المكانية والمخالفات العمرانية، مع تعزيز الشفافية والحوكمة الرقمية.

وأشارت إلى أن «المشروع يشمل إنشاء المركز الوطنى للبنية المعلوماتية المكانية، ورسم خريطة أساس رقمية موحدة للدولة، وتطوير بوابة مكانية وطنية لتداول البيانات بين الجهات الحكومية، وإنشاء منظومة المتغيرات المكانية لمتابعة التغيرات على الأرض، بالإضافة إلى مجموعة من التطبيقات الرقمية منها المتصفح الجغرافى لخرائط الأساس، وتطبيق متابعة المشروعات بالصور الفضائية، وتطبيق «حياة كريمة» لرصد العدالة التنموية، وتطبيق حصر أصول الدولة غير المستغلة، وقد تم تضمين المشروع فى القوانين المنظمة (قانون التخطيط، قانون التصالح فى مخالفات البناء، قانون الشهر العقاري) لضمان استدامته القانونية.

كما شددت «د. أمل»، على أن «إحداث تنمية محلية متوازنة أمر يعتمد على ثلاثية متكاملة، وهى البرامج المحلية المطورة، وخطط المواطن، والمشاركة المجتمعية، ومن ضمن جهود الدولة لتوسيع قاعدة التنمية، تعمل الحكومة على حوكمة الاستثمارات العامة لتحفيز مشاركة القطاع الخاص وتعزيز النمو الاقتصادى المستدام، فالمحافظات باعتبارها الأقرب لاحتياجات المواطنين والفرص الاستثمارية المتاحة، فإن ذلك يتطلب تطوير آليات تضمن الاستخدام الأمثل للموارد العامة وربطها باحتياجات التنمية الفعلية وتوجيهها لتهيئة بيئة استثمارية جاذبة تستند إلى تحليل تفصيلى للفجوات التنموية الجغرافية وربط الاستثمارات بالأداء ضمن منهجية البرامج والأداء».

وأضافت: ولتحسين كفاءة الاستثمار العام على المستوى المحلى وتحفيز وحدات الإدارة المحلية على الاستفادة القصوى من الاستثمارات المخصصة لها، تم إطلاق نظام «حوافز تميز الأداء فى إدارة الاستثمار العام على المستوى المحلي» ويتضمن النظام منح حافز مالى من الاستثمارات الحكومية المعتمدة لكل محافظة مشروطًا بتحقق عدد من المعايير الأساسية، وقد ساهم هذا النظام الذى تم تطبيقه لمدة 4 دورات متتالية فى تحفيز فكر المنافسة بين المحافظات، بما يضمن التزامها بمعايير الشفافية والمشاركة وتنمية الموارد الذاتية وغيرها.

كذلك، أشارت مدير مركز التنمية الإقليميــة بمعهد التخطيط القومي، إلى أنه «للوفاء بالتزامات مصر الدولية تجاه تحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمية، اعتمدت الدولة نهجا متكاملا لتوطين أهداف التنمية المستدامة وبما يضمن عدم ترك أحد خلف الركب، ويتضمن إطار تفعيل توطين أهداف التنمية المستدامة عددا من الركائز العملية التى تضمن فاعليته واستدامته، وهى ربط التوطين بعملية التخطيط المالى وإشراك الأطراف ذات الصلة من مختلف الجهات، والوصول إلى البيانات والمعلومات من أجل المتابعة وصياغة السياسات».

وقالت: تم إطلاق إصدارين من تقارير توطين أهداف التنمية المستدامة على مستوى المحافظات فى عامى «2021 و2025» ويمثل إعداد تقارير توطين أهداف التنمية المستدامة عملية هامة لتقييم وضع التنمية المستدامة فى جميع المحافظات المصرية؛ حيث تساعد هذه التقارير على التوجيه الفعال لجهود التنمية والاستجابة للاحتياجات المحلية، إلا أن تتبع التقدم فى تحقيق المؤشرات يوضح البعد عن إمكانية تحقيق المستهدفات المنشودة فى كثير منها على مستوى المحافظات وهو ما يمكن إرجاعه إلى الظروف العالمية والإقليمية المحيطة، ولكنه يستلزم اتخاذ الحكومة الإجراءات اللازمة لعلاج الفجوات التنموية ودفع عملية التنمية على المستوى المحلي.

وتابعت: كما تم إعداد التقارير المحلية الطوعية (VLRs) فى عام 2023 على مستوى ثلاث محافظات الفيوم وبورسعيد والبحيرة، لرصد الأداء التنموى ومتابعة التقدم فى مجالات القضاء على الفقر، التعليم والصحة، المساواة بين الجنسين، العمل اللائق والنمو الاقتصادي، الطاقة النظيفة والمناخ. كما يجرى توطين العمل المناخى المحلى من خلال خطط للتكيف والتخفيف من آثار التغير المناخي، وتشجيع الاستثمارات الخضراء والطاقة المتجددة.

«د. أمل»، أكدت أيضا أنه «لا تقــتصر أهمُيــة هــذه المراجعــات علــى كونهــا آليــة للمُتابعــة والتقييــم، بــل إنهــا توفّــر أيضــا فرصــة استراتيجيــة للمُحافظــات مــن أجــل إعــادة النظــر فى أولوياتهــا التنمويــة وتوجيــه مواردهــا بشــكل أكثر كفــاءة. كمــا تســاعد المحافظــات علــى الانخــراط بفاعلية فى عمليــة تــوطين أهــداف التنميــة المســتدامة، مــن خلال مشــاركة مفتوحــة وشــاملة وشــفافة، تســاهم فى تعزيــز الثقــة بين المواطــنين وصنــاع القــرار المحلــيين».

أخبار الساعة

الاكثر قراءة