«الضربات الاستباقية».. الاستراتيجية التى تنفذها الأجهزة الأمنية، والتى أثبتت الفترة الماضية نجاحها، لا سيما وأنها ساهمت بشكل كبير، وبشهادة الخبراء، فى الحد من معدلات الجريمة، وهو ما شهد به الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، فى زيارته الأخيرة لمصر، عندما تحدث عن انخفاض معدلات الجريمة فى مصر وانتشار الأمن بها مقارنة بالولايات المتحدة.
وتأتى تحركات «الداخلية» فى ظل العديد من التحديات التى تواجهها الدولة المصرية على المستويين الخارجى والداخلى، سواء فيما يتعلق بدورها فى التفاوض على ملف «إنهاء الحرب فى غزة» أو محاولة إنهاء الصراع الدائر فى السودان، وداخليًا الاستحقاقات البرلمانية التى نفذتها، والتى تستعد لتنفيذها خلال الفترة المقبلة، هذا فضلًا عن ممارسات أهل الشر فى الترويج للشائعات المغرضة ضد مصر.
على الرغم من كل ما سبق، فإن وزارة الداخلية المصرية تعمل بكل جدية وصمت على جميع محاور منع وضبط الجرائم بمختلف أشكالها وأنواعها، خاصة على ضوء ما يشهده المجتمع المصرى حاليًا من متغيرات سلبية معظمها أخلاقية وقيمية غير مسبوقة ترتب عليها ظهور أنماط غريبة وجديدة على هذا المجتمع، بالإضافة إلى وجود كائنات غادرة ووضيعة تنتظر أى لحظة للانقضاض على المجتمع أو على الأقل تكدير السلم والأمن الذى ننعم به رغم كل ما يدور حولنا من مخاطر على الأمن القومى المصرى.
وفى هذا السياق، أوضح اللواء دكتور محسن الفحام، مساعد وزير الداخلية الأسبق، نائب رئيس جهاز أمن الدولة السابق، أن «أبرز النجاحات والجهود التى تقوم بها وزارة الداخلية والتى نذكرها على سبيل المثال لا الحصر خلال الفترة السابقة الاستمرار فى توجيه ضربات استباقية فى قضايا المخدرات وغسيل الأموال، حيث نجح ضباط النشاط الخارجى بقطاع المخدرات والأسلحة غير المرخصة فى ضبط قضيتين من كبرى القضايا التى تم ضبطها خلال العام الحالى والتى بلغت قيمة المضبوطات فيهما 3 مليارات جنيه.
وأضاف «الفحام»: كانت القضية الأولى ضبط 27 طنًا من نبات الهيدرو المخدر تقدر بنحو مليار و 600 مليون جنيه داخل مزرعة بالظهير الصحراوى بالإسماعيلية، وكان وراء تلك الكميات عصابة قامت بزراعتها فى الصحراء مستغلة تضاريس المنطقة الوعرة، أما القضية الثانية فهى من أخطر قضايا غسيل الأموال، حيث حاول 26 تاجرًا من كبار تجار المخدرات غسل ما قيمته مليار و 300 مليون جنيه، وذلك عبر تأسيس أنشطة تجارية ضخمة فى المدن الجديدة وشراء أراضٍ وعقارات بملايين الجنيهات وكذلك أسطول من السيارات الحديثة، وقد تمكنت فرق المراقبة والتتبع من كشف حقيقة تلك الأموال وضبط القائمين عليها وتقديمهم للعدالة.
مساعد وزير الداخلية الأسبق، تابع: يأتى هذا مع استمرار ضباط النشاط الداخلى لجرائم المخدرات فى جهودهم الناجحة للقضاء على القائمين بتلك الجرائم والتى كان آخرها تصفية 5 منهم فى تبادل للنيران فى محافظة أسوان، وأسفر ذلك عن ضبط 60 كيلو جرامًا من المواد المخدرة المتنوعة وكمية من الأسلحة النارية المختلفة ومبلغ 26 مليون جنيه.
اللواء «الفحام»، أشار أيضًا إلى أن «أجهزة وزارة الداخلية تعمل على مدار الساعة فى رصد وضبط صناع المحتوى المخالفين لقيم وعادات المجتمع المصرى، بعدما أصبحت وسائل التواصل الاجتماعى أحد الأسلحة الموجهة إلى الدولة من الداخل وأيضًا من الخارج، حيث تؤثر فى عقول الشباب وتنعكس على سلوكياتهم فى المجتمعات التى يعيشون فيها، حيث رأينا ظاهرة البلطجة وقد عادت تلقى بمشاكلها وظلالها على الأحياء الشعبية فى محافظات القاهرة والإسكندرية والجيزة، كما تم استغلال منصات التواصل فى نشر فيديوهات تتضمن ألفاظًا خارجة وخادشة للحياء ومخالفة للآداب العامة وتجاوزات تهدد قيم المجتمع».
وأضاف: أجهزة وزارة الداخلية ضبطت العديد من هؤلاء خلال الفترة الأخيرة بناء على ورود العديد من بلاغات المواطنين الشرفاء ضد بعض صانعى المحتوى، حيث كان البلاغ الأول ضد إحدى السيدات من الإسكندرية التى تتهم فيها فنانة بالاتجار فى الأعضاء البشرية، والبلاغ الثانى ضد سيدة تقيم بدائرة قسم المطرية بالقاهرة لاتهامها بنشر مقاطع فيديوهات خادشة للحياء ومخالفة للآداب العامة، وأيضًا بلاغ آخر ضد متهم يقيم بدائرة قسم شرطة القناطر الخيرية وعثر بحيازته على مبالغ مالية كبيرة تحصّل عليها نتيجة زيادة عدد المشاهدات، بالإضافة إلى كميات من مخدرى الحشيش والأفيون، كما تم ضبط سيدة أخرى بمحافظة الجيزة تمارس نفس الأنشطة، ولا تزال جهود أجهزة الوزارة مستمرة للتصدى لتلك الظاهرة التى تشكل خطرًا داهمًا على عقول شبابنا.
كما أكد اللواء محسن الفحام، أن «وزارة الداخلية تخوض حاليًا حربًا دون هوادة هدفها إنسانى واجتماعى من الدرجة الأولى، حيث تبذل جهودًا مضنية لمكافحة ظاهرة التسول واستغلال الأطفال والأحداث من قبل عصابات ومجرمين خارجين عن القانون ويحاولون تحويل براءة الأطفال الى مسخ مشوه يعيش فى عالم الجريمة، وفى هذا الإطار نجحت الوزارة فى اقتحام أوكار إدارة هؤلاء الأطفال، حيث تم ضبط 151 متهمًا لا يعرفون الرحمة استغلوا براءتهم لجنى الأموال بطرق غير مشروعة كالتسول أو الاتجار فى أعضائهم، ومن أبرز تلك القضايا سقوط عصابة الثقب الأسود فى الجيزة والتى كشفت عن 20 شخصًا اتخذوا من أسفل أحد الكبارى فى الهرم وكرًا لجريمة استغلال الأطفال الأحداث فى أعمال التسول، كما نجحت جهود الوزارة من إنقاذ 189 طفلًا على مدار الشهر الماضى من براثن تلك العصابات التى كشفت التحريات أنها تعمل وفق أسلوب منظم يستهدف الأطفال الذين يمرون بظروف اجتماعية مضطربة مع أسرهم أو استغلال ظروفهم المادية، إلى جانب فرض السيطرة على هؤلاء الأطفال الذين قادهم حظهم العثر للوقوع فى براثن هؤلاء المجرمين الذين يجبرونهم على العمل لساعات طويلة فى الشوارع مع فرض حصيلة يومية للطفل الواحد والذى يظل مهددًا باستخدام العنف ضده إذا لم يحققها.
وكشف «الفحام»، عن ظاهرة أخرى بدأت تعاود الظهور مرة أخرى بعدما كان قد تم القضاء عليها منذ عام 2016، وهى ظاهرة الهجرة غير الشرعية وعلى مدار السنوات السابقة لم تتوقف جهود وزارة الداخلية عن محاربة تلك الظاهرة يساعدها فى ذلك قوات حرس الحدود سواء من ناحية غرب البلاد أو جنوبها، وقد تزامنت تلك الجهود مع إطلاق أول إستراتيجية وطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية (2016 – 2026)، بالإضافة إلى إصدار القانون رقم 82 لعام 2016 الذى وضع عقوبات رادعة لتلك الظاهرة بتجريمه لكافة عناصرها سواء القائم بعملية التهريب أو الوسيط أو الهارب، وقد قامت أجهزة الوزارة بالتنسيق مع الهيئات ذات الصلة بالعديد من حملات التوعية لشباب 11 محافظة على مستوى الجمهورية المعروف عنها قيام شبابها بمحاولات الهجرة غير الشرعية، وذلك للحديث معهم حول مخاطر تلك المحاولات والعمل على إيجاد فرص عمل لهم تعود عليهم بالنفع وتمكنهم من الحياة بكرامة دون المخاطرة بأرواحهم.
وأشاد «الفحام» بالدور التوعوى الذى تقوم به وزارة الداخلية، مشددًا على أن «المواجهة يجب أن ترتكز على عدة محاور من بينها محور التوعية، وهنا يجب أن نشير إلى الدور الذى تقوم به أكاديمية الشرطة والتى تتهيأ هذه الأيام لتخريج دفعة جديدة من حماة الجبهة الداخلية للوطن، حيث نظمت الأكاديمية عشرات الدورات وورش العمل لطلبة الجامعات المصرية الحكومية والأهلية والخاصة، وكذلك مجموعات كبيرة من العاملين بأجهزة الدولة المختلفة شارك فيها نخبة متميزة من الأساتذة والخبراء المتخصصين فى مختلف المجالات التى تهتم بها الدولة وتسعى الى تبصير الشباب بالمخاطر التى يتعرضون لها وأيضًا التى تتعرض لها البلاد، وقد أتت تلك الجهود بثمارها فى نشر الوعى والتوعية بين المشاركين فيها، وهو ما يؤكد أن رسالة الشرطة قد توسعت وانتشرت بين شباب الوطن الشرفاء ولم تعد مقصورة على منع وقوع الجريمة أو ضبط مرتكبيها».