رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

نجاح مصرى.. وفى انتظار نتيجة العالم


24-10-2025 | 16:14

.

طباعة
بقلـم: محمد الشافعى

نجحت مصر فى أن تحشد عددًا كبيرًا من أبرز قادة العالم.. لكى يكونوا شهودًا على توقيع اتفاق وقف العدوان البربرى على قطاع غزة.. ذلك الاتفاق الذى انطلق من النقاط العشرين.. التى تضمنتها خطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.. وقد نجحت مصر أيضا فى أن تضع لمساتها.. لكى تقلل انحياز تلك الخطة إلى الكيان المحتل.. ليتوقف العدوان.. ويبدأ على الفور تطبيق مراحل تلك الخطة.. التى يعيبها عدم إشارة أى بند من بنودها بشكل صريح إلى قيام الدولة الفلسطينية.

وجاء مؤتمر شرم الشيخ ليقدم حلقة جديدة من حلقات الدعم المصرى المخلص والصريح للقضية الفلسطينية.. وفى أزمة العدوان الأخير.. وقفت مصر بقوة وشراسة ضد فكرة تهجير الفلسطينيين من أرضهم.. فى محاولة بائسة لتصفية القضية الفلسطينية.. وقد ذهب الكثير من المحللين والمفكرين إلى أن هذا العدوان البربرى.. والإبادة الجماعية.. والتطهير العرقى.. الذى تم على مدى عامين كاملين (أكتوبر 2023 - أكتوبر 2025)، ليس إلا حلقة من الحلقات الأخيرة فى نهاية هذا الكيان المحتل.. تلك النبوءة التى أكدها المفكر الاستراتيجى د. جمال حمدان.. قبل أكثر من ثلاثين عاما.. عندما قال إن زوال هذا الكيان لن يتم إلا من خلال معادلة يقول فيها: زوال إسرائيل «الكيان الصهيونى» يساوى «الإجرام الصهيونى»، مضروبا فى مدى رد الفعل العربى تجاه التحدى الصهيونى.. وتؤكد هذه المعادلة أن النجاحات المصرية تتطلب دعمًا عربيًا حقيقيًا.. ينطلق من أن القضية الفلسطينية هى البوصلة الصادقة لأى موقف عربى من الصراع العربى الصهيونى.

وإذا كانت المواقف المصرية تجاه قضية العرب المركزية تؤكد نجاح مصر.. ذلك النجاح الذى تأكد فى مؤتمر شرم الشيخ الأخير.. ورغم هذا النجاح الواضح.. فإننا ما زلنا فى انتظار معرفة (نتيجة العالم).. ذلك العالم الذى احتشد فى شرم الشيخ من خلال عشرات القادة.. الذين تسابقوا قبل انعقاد مؤتمر شرم الشيخ بالاعتراف بالدولة الفلسطينية؛ ليصل عدد الدول التى اعترفت بالدولة الفلسطينية إلى أكثر من 150 دولة.. أى أن هذه الدولة تمتلك أغلبية كاسحة داخل الأمم المتحدة.. وإذا عدنا بالذاكرة إلى قرار التقسيم 181 الصادر فى 29 نوفمبر 1947.. والذى يمثل الشرعية الوحيدة للكيان المحتل.. لوجدنا أن هذا القرار الظالم قد تم تمريره بأغلبية ثلاث وثلاثين دولة فقط.. مع رفض ثلاث عشرة دولة لهذا القرار وامتناع عشر دول عن التصويت.. أى أن مَن يعترفون بدولة فلسطين يصل عددهم إلى خمسة أضعاف الدول التى منحت شرعية قيام هذا الكيان المحتل.. ورغم هذا يبدو أن تلك الأغلبية الكاسحة، والتى تحوى بين جنباتها أربع دول من الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن.. وهى روسيا - الصين - إنجلترا - فرنسا - لا تمتلك الإرادة التى امتلكتها الدول التى مررت قرار التقسيم.. لتتخلص من الأزمات التى دأب اليهود على صناعتها فى كل أوروبا.. وتصدير تلك الأزمات إلى الوطن العربى.. من خلال غرس ذلك الخنجر المسموم فى خاصرة الدول العربية.

ورغم تغول الكيان المحتل على بنود قرار التقسيم.. الذى منح اليهود 55 فى المائة من مساحة فلسطين التاريخية ومنح الفلسطينيين 44 فى المائة فقط من مساحة وطنهم وجعل مدينة القدس تحت الإشراف الدولى.. فإن العصابات اليهودية، بمساعدة الغرب وخاصة بريطانيا، استطاعت السيطرة على 78 فى المائة من مساحة فلسطين التاريخية.. ولم يتم قبول هذا الكيان عضوًا فى الأمم المتحدة إلا بعد موافقته على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم. ورغم ذلك، واصل اعتداءاته وتغوله على كل الحقوق الفلسطينية.. بل راح يعلن عما يسمى إسرائيل الكبرى.. التى تسعى إلى احتلال أراضٍ من سوريا ولبنان والأردن والعراق ومصر.. وتتم كل هذه الاعتداءات بدعم ومشاركة الولايات المتحدة الأمريكية.. مما يجعلنا نعود إلى كتابات المفكر الكبير جمال حمدان، والذى قال عن أمريكا: الذين يقفون مع العدو دوليا.. ضد كل مبادئ المجتمع الدولى.. ويعطونه السلاح ليقاتلنا.. بل ليقتلنا.. هؤلاء هم أعداؤنا.

وفى ظل هذا الانحياز الواضح والسافر من أمريكا.. ذلك الانحياز الذى دفعها إلى استخدام حق الفيتو ضد كل القرارات التى تدين اعتداءات الكيان المحتل.. كما دفعها لفتح كل مخازن سلاحها لدعم هذا الكيان فى اعتداءاته المتكررة، ليس ضد الفلسطينيين فقط، ولكن ضد كل الدولة العربية. ورغم هذا الانحياز.. يسعى الرئيس الأمريكى الحالى دونالد ترامب لتقديم نفسه كداعية سلام.. بل ويطمح فى الحصول على جائزة نوبل للسلام.. ومن الممكن استغلال تلك الرغبة المحمومة لدى الرجل.. لتدفعه إلى تعديل المواقف الأمريكية لتعمل على إنشاء الدولة الفلسطينية.. ولن يتم تعديل الموقف الأمريكى إلا بضغوطات حقيقية وواضحة عربيا وإقليميا ودوليا.. تلك الضغوط التى يجب أن تكشف للأمريكان بأنهم سيخسرون كثيرا إذا صمموا على هذا الانحياز الأعمى للكيان المحتل.. أما نوعية الضغوط فهى كثيرة ومتنوعة.. والأهم أنها متاحة لدى كل الدوائر العربية والإقليمية والدولية، فالعرب يملكون من أدوات الضغط الكثير والخطير.. ولكنهم بغرابة شديدة يهدرون تلك الأدوات رغم أنهم يعرفون مدى تأثيرها.. فلديهم الثروة والموارد الطبيعية والموقع الجغرافى المؤثر.. ولكنهم يستخدمون تلك الأدوات بطريقة خاطئة.. مما يجعلها مثل الأسلحة الفاسدة.. التى تضرب فى صدورهم.. بدلا من أن تضرب فى صدور عدوهم.

أما إقليميا، فلدينا العديد من القوى المهمة تتزعمها مصر ومعها تركيا وإيران وباكستان.. إلخ... وهذه القوى إذا اجتمعت على رأى واحد.. فمن المؤكد أنها تستطيع الضغط لصالح الحق والحقيقة.

ونفس الشيء موجود دوليا.. فلدينا روسيا والصين. وفى الفترة الأخيرة.. بدأت مواقف الكثير من دول الاتحاد الأوروبى تتغير لصالح القضية الفلسطينية، فلو تم تفعيل كل هذه القوى.. لاكتشفت أمريكا أنها تحولت إلى جزيرة معزولة.. وأنها سجنت نفسها داخل شرنقة من الكراهية.. ستؤدى حتما إلى انهيارها.

فالحق الفلسطينى أوضح من شمس الصيف.. فالشعب الفلسطينى هو الشعب الوحيد الذى لا يمتلك الدولة، والاحتلال الصهيونى هو الاحتلال العسكرى الوحيد فى العالم.. ولذلك يجب أن نستثمر كل ما لدينا من قوى لإقامة دولة فلسطين.. حتى نحقق نبوءة مفكرنا الاستراتيجى الراحل د. جمال حمدان.. عندما قال: إسرائيل تدرك أن الحل السلمى إذا تحقق وأسفر عن دولة فلسطينية مستقلة.. فإن هذا لن يكون نهاية المطاف.. أو نهاية الصراع.. بل نهاية إسرائيل.

 
 
 
    كلمات البحث
  • توقيع
  • اتفاق
  • العدوان
  • قطاع
  • غزة

الاكثر قراءة