رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«حكايات الغريب» لجمال الغيطانى


17-10-2025 | 12:13

.

طباعة
بقلـم: يوسف القعيد

شاهدتُ فى إحدى قنوات التليفزيون المصرى فيلم: حكايات الغريب المأخوذ عن القصة الطويلة لصديق العُمر وتوأم الروح جمال الغيطانى، التى كتبها ونشرها إبان مرحلة حرب الاستنزاف التى عِشناها جميعاً، ثم حوَّلتها المخرجة المبدعة إنعام محمد على إلى فيلم سينمائى بنفس العنوان. وصوَّرته فى قلب السويس مع مجموعة من الأبطال يبدو من أدائهم أنهم لا يمثلون فيلماً بقدر ما يعيشون حالة يريدون توصيلها للمُشاهد العادى أياً كان المكان الذى يعيش فيه.

وجمال الغيطانى «9 مايو 1945  18 أكتوبر 2015»، عاش هذه المرحلة عندما كان مراسلاً حربياً لمؤسسة أخبار اليوم، وكتب العديد من الأعمال الأدبية المهمة التى تنقل لنا ما يجعلنا نعيش هذه الأيام، كما لو كنا قد تواجدنا هناك وقت حدوثها. وفضلاً عن أن جمال الغيطانى كان المحرر العسكرى لمؤسسة أخبار اليوم العريقة والمهمة، فإنه أيضاً ابن مصر الذى قرأ تاريخها كلمة كلمة وسطراً سطراً وكتاباً كتاباً.

ومنْ يشاهد فيلم: حكايات الغريب، سيُدرك أن جمال كان هناك فى مدينة السويس الباسلة والعظيمة والعملاقة، والتى كافحت دفاعاً عن مصر كلها خلال فترة حرب الاستنزاف، ثم جاءت انطلاقة أكتوبر لتحررها لنا وتُعيدها إلينا كاملة غير منقوصة.

كان جمال الغيطانى يسافر إلى الجبهة مزوداً بالمصورين الصحفيين من الزملاء الأبرار من أخبار اليوم، ويعود ومعه حكاياته بالكلمة والصوت والصورة؛ ليقدمه للقارئ ما يجعله يطمئن على مستقبل بلاده تجاه الصراع العربى الصهيوني، وقد شهدنا كلنا انتصارنا على العدو فى أكتوبر 1973، وكان جمال وقتها المراسل العسكرى والحربى لمؤسسة أخبار اليوم، يسافر إلى الجبهة ويعود مُحمَّلا بالحكايات التى يكتبها لنا ونقرؤها باستمتاعٍ شديد.

كان جمال الغيطانى يرى أنه عقب هزيمة يونيو 1967، وخروج الجماهير المصرية تطالب جمال عبد الناصر بالبقاء فى الحُكم وتحمل المسئولية، لم يحركها حزب أو تنظيم، لكن الذى حركها خاصية مصرية أبدى تفهمها من خلال دراسة تاريخ المصريين عبر خاصية يُعبِّر عنها القول الفرعونى القديم: الكل فى واحد.

وقد كتب الكثير من المحررين العسكريين حول ذكرياتهم مع الحرب، ولعل أشهرهم جمال الغيطانى فى كتابه: على خط النار، يوميات حرب أكتوبر، حيث تمثل جانباً من رسائله الصحفية التى أمد بها جريدة الأخبار عندما كان على الجبهة محرراً عسكرياً خلال حرب الاستنزاف، ثم حرب ونصر أكتوبر المجيد، خلال الفترة بين عامى 1969 – 1974 والتى رصد فيها الأحداث والتطورات العسكرية على الجبهة.

نجح «الغيطانى» فى إبراز بطولات الرجال ممن جاءوا من مختلف ربوع مصر، وكيف تحول الفلاح والعامل والطبيب والمهندس من مجرد إنسان عادى إلى مقاتل يبذل روحه عن طيب خاطر وإصرار لا يلين فداء للوطن، ونجح فى رصد الجوانب الإنسانية لمقاتلى الجبهة بدرجة مبهرة.

توفى جمال الغيطانى عن عمرٍ ناهز السبعين عاماً فى مستشفى الجلاء العسكري، فكان فى صراعٍ مع المرض إثر إصابته بوعكة صحية أدخلته غيبوبة لأكثر من ثلاثة أشهر، وقد سُمّى أحد شوارع القاهرة الفاطمية باسمه، متفرع من شارع المعز لدين الله الفاطمي، وأطلق اسمه أيضاً على إحدى المدارس بمسقط رأسه فى محافظة سوهاج.

وعن نفسى أطالب ابنه وابنته وشقيقه بأن نكتب عن جمال، فقد كان لديه فهمٌ متميز وخاص للعسكرية المصرية، وكان متبحراً فى تاريخها بداية من مصر الفرعونية حتى حرب أكتوبر المجيدة، وكتب كتاباً مهماً بعنوان: المصريون والحرب من صدمة يونيو إلى يقظة أكتوبر.

إن السيناريو الذى كتبه محمد حلمى هلال لقصة جمال الغيطاني: حكايات الغريب. والفيلم الذى أخرجته إنعام محمد على يُعد جزءاً من تاريخ نضالنا الوطنى ضد العدو الصهيونى وتراثنا السينمائى الفريد والجميل الذى سجَّل لنا تلك الأيام العظيمة التى مرت علينا وما زلنا نذكرها ونعيشها. وأعترف أننى لمستُ تلك المرحة بكل ما جرى فيها، ومشروع جمال الغيطانى الروائى كله من خلال هذا الفيلم المأخوذ عن قصة قصيرة طويلة له.

وفيلم حكايات الغريب يحكى ملحمة وطنية تتضمن أحداثاً تاريخية ما بين نكسة 1967 ويقظة حرب أكتوبر، قام بالبطولة: محمود الجندي، محمد منير، شريف منير، نهلة رأفت، حسين الإمام، ومخلص البحيري.

وأحداث الفيلم متمثلة فى المواطن المصرى عبد الرحمن الذى يشعر بالانهزامية والاستسلام والاكتئاب بعد نكسة 1967، والذى يتصرف بسلبية ولا مبالاة فى كل شئ فى حياته. حتى المواقف التى تحتاج لموقف تجده جامداً إلى أن تحدث المعجزة التى غيرت كل ذلك وهو عبور 1973 وحرب أكتوبر، فتجده يهب مدافعاً عن بلده وكرامتها فيبذل روحه ودمه فداءً لها، إنه الجندى المصرى الذى منحنا شرفاً نستحقه.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة