تشهد مدينة شرم الشيخ، غدًا الاثنين، حدثًا دوليًا استثنائيًا، مع انطلاق قمة للسلام برئاسة مشتركة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبمشاركة قادة أكثر من 20 دولة، لإنهاء الحرب في قطاع غزة، وإرساء سلام دائم في الشرق الأوسط.
وتأتي القمة عقب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس"، خلال محادثات استضافتها شرم الشيخ بوساطة مصرية ـ قطرية ـ أمريكية، في إطار خطة أعدها ترامب لإنهاء الحرب، تضم 20 بندًا، وسط ترحيب دولي واسع.

ضبط إيقاع الصراع
ومن جانبه، أكد الدكتور محمد اليمني، خبير العلاقات الدولية، أهمية قمة شرم الشيخ للسلام التي يحضرها الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مشيرًا إلى أنها تمثل لحظة حاسمة في مسار إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وأوضح اليمني، في تصريح خاص لـ"دار الهلال"، أن القمة لا تأتي في سياق دبلوماسي عابر، بل تعد جزءًا من جهد منسق لإعادة صياغة التوازن في الملف الفلسطيني – الإسرائيلي، وإعادة تثبيت الدورين المصري والأمريكي في إدارة الأزمات الإقليمية، في ظل تشابك المسارات السياسية والعسكرية في المنطقة.
وأضاف أن القمة تنطلق من إدراك القاهرة وواشنطن أن الوقت لا يصب في صالح أي طرف، وأن استمرار الوضع الراهن قد يؤدي إلى تداعيات إنسانية وأمنية يصعب احتواؤها، خاصة على الحدود المصرية – الفلسطينية.
وفي هذا الإطار، شدد خبير العلاقات الدولية على أن قمة شرم الشيخ تمثل فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة ضبط إيقاع الصراع نحو مسار تفاوضي أكثر جدية.
وأكد أن القمة ليست وليدة المجاملة أو البروتوكول، بل ضرورة سياسية ملحّة، إذ تدرك مصر أن استمرار الحرب يهدد أمنها القومي، لاسيما في ظل مخاطر التهجير القسري واحتمال امتداد الفوضى الأمنية إلى سيناء؛ لذلك تعمل القاهرة على تحقيق وقف شامل لإطلاق النار يضمن استقرار حدودها ويحافظ على مكانتها كوسيط رئيسي لا غنى عنه في معادلة غزة.
وفي ما يتعلق بضمانات إنهاء الحرب، أوضح اليمني أن حركة "حماس" تطالب بضمانات مكتوبة، وهي نقطة تدركها الوساطة المصرية وتشكل منطلقًا لتنفيذ مراحل الاتفاق، الذي بدأت مرحلته الأولى بانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي، فيما يجري حاليًا التحضير لتنفيذ عملية تبادل الأسرى.
واختتم خبير العلاقات الدولية تصريحه بالتأكيد على أن مصر تمثل الدولة المراقبة على تنفيذ الاتفاق، وضامنه الأساسي لتحقيقه على أرض الواقع.
ضمانة قوية بوقف الحرب
وفي هذا السياق، أكد الدكتور أحمد العناني، خبير العلاقات الدولية، أهمية القمة المقرر عقدها في مدينة شرم الشيخ غدًا الاثنين، مشيرًا إلى الدور المصري المحوري واستخدام القاهرة لأدواتها السياسية والدبلوماسية بفاعلية، إذ نجحت، بالتعاون مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تحقيق تقدم ملموس نحو إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وأوضح العناني، في تصريح خاص لـ"دار الهلال"، أن إنهاء هذه الأزمة يمثل "اللبنة الأولى" لبناء استقرار دائم في المنطقة، موضحًا أن الرؤية المصرية لا تقتصر على وقف الحرب في غزة فحسب، بل تمتد لتشمل إعادة الاستقرار إلى الشرق الأوسط بأسره.
وفي المقابل، أشار إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى جاهدًا للفوز بجائزة نوبل للسلام، بعد أن أخفق في الحصول عليها هذا العام، ومن ثم يتجه تركيزه إلى العام المقبل، ما يدفعه للعمل بجدية أكبر لترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة.
وشدد خبير العلاقات الدولية على أن "قمة شرم الشيخ تمثل ضمانة مهمة لاستمرار عملية السلام، والضغط على إسرائيل، بفضل الثقل الدولي الذي ستشهده القمة، بمشاركة الرئيس ترامب شخصيًا، إلى جانب عدد من القادة الدوليين".
وأضاف أن "العملية بطبيعتها ليست خالية من العقبات، لاسيما فيما يتعلق بمستقبل حركة حماس في المشهد السياسي وسحب سلاحها"، موضحًا أن الوسطاء يعملون جاهدين على سد أي فجوات قد تعيق مسار التهدئة.
وأكد العناني أن "مصر من جانبها لن تسمح بانهيار الاتفاق، لأن فشله يعني مزيد من الاحتلال للأراضي الفلسطينية، ويفتح الباب أمام مخططات التهجير واستمرار التوتر في الإقليم"، مشيرًا إلى أن إسرائيل كانت تتنصل بطبيعتها من أي تهدئة في قطاع غزة، خصوصًا في عهد الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، فيما لم يختلف الوضع كثيرًا مع ترامب في بدايته، نظرًا لاختلاف رؤيته مع الدول العربية.
واستدرك قائلًا إن "المشهد تغير كليًا بعد قصف إسرائيل للعاصمة القطرية الدوحة، إذ واجهت تلك الخطوة موقفًا عربيًا حازمًا، إلى جانب تهديد خليجي بسحب الاستثمارات من الولايات المتحدة، فضلًا عن ما يشكله استمرار الحرب من تهديد للمصالح الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وفي مقدمتها مصر"، مؤكدًا أن هذه العوامل مجتمعة شكلت ضغطًا قويًا على واشنطن دفعها إلى التحرك لإنهاء الحرب.
واختتم خبير العلاقات الدولية حديثه بالإشارة إلى أن "المرحلة الراهنة تختلف عن المراحل السابقة، إذ تتوافر ضمانات أكثر جدية لإنهاء الحرب، خاصة مع وجود قوات دولية ستتولى الإشراف المؤقت على تنفيذ الاتفاق"، مؤكدًا أن "الوسطاء قدموا ضمانات قوية لوقف إطلاق النار، في ظل وجود رئيس أمريكي معروف بقوة شخصيته، ولن يأتي إلى شرم الشيخ لتوقيع اتفاق يمكن لإسرائيل أن تنقضه في اليوم التالي".