كلما صعّدت إسرائيل من وتيرة عملياتها العسكرية في مدينة غزة شمال القطاع، ارتفع معدل مقتل أسراها المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، الذين تتخذهم ذريعة لمواصلة حربها المستمرة منذ ما يقارب العامين، في دلالة واضحة على أنهم لم يكونوا يومًا ضمن أولوياتها.
مصيرهم الموت
ومع تسارع العمليات الإسرائيلية في المدينة الشمالية وتزايد المخاوف على مصير الأسرى الذين تستخدمهم المقاومة كورقة تفاوض لإنهاء الحرب، أكدت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، أن الأسرى الإسرائيليين موزعون داخل أحياء مدينة غزة، مشددة على أنها لن تكون حريصة على حياتهم طالما أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على قتلهم بعملياته.
وأوضحت الكتائب أن توسع العملية البرية في غزة يعني حرمان الاحتلال من الحصول على أي أسير، حيًا كان أو ميتًا.
ورغم محاولات نتنياهو المتكررة التنصل من مفاوضات وقف إطلاق النار وإفشالها، بما يؤكد عدم رغبته في تحرير الأسرى طوال فترة الحرب، إلا أن المشهد بات أوضح من أي وقت مضى؛ فالمسألة لم تعد تتعلق بعدم سعيه لتحريرهم فحسب، بل أضحت حياتهم نفسها خارج دائرة اهتمامه.
كما تجاهل نتنياهو تقديرات المؤسسة الأمنية التي حذرت من أن احتلال مدينة غزة يشكل تهديدًا على حياة الأسرى، بل اتخذ من ذلك موقفًا عدائيًا بزعم أن أي تراجع يتعارض مع تحقيق "النصر".
وبحسب ما أورده الإعلام العبري، فقد نشب خلاف بين قيادة الجيش ونتنياهو، إذ حذر رئيس الأركان إيال زامير من أن احتلال مدينة غزة سيزيد الخطر على الأسرى المحتجزين هناك، مطالبًا بالتوصل إلى صفقة تبادل مع حركة حماس.
لكن نتنياهو زعم أن "معظم التقديرات تُظهر أن المناورة في غزة ستزيد الضغط على حماس وتؤدي إلى حسم المعركة".
وسلك نتنياهو طريقًا وُصف بـ"إبادة الأسرى"، بعدما استهدف وفد حركة حماس أثناء وجوده في العاصمة القطرية الدوحة للتشاور بشأن مقترح التهدئة الذي قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو ما شكّل اعتداءً على الوسيط في الوقت ذاته.
"تضحية" بالأسرى
من جانبها، اعتبرت عائلات الأسرى الإسرائيليين أن تصعيد الهجوم على مدينة غزة يمثل "تضحية" بالأسرى، سواء كانوا أحياء أو أمواتًا.
وفي السياق ذاته، أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلًا واسعًا بعد ادعائه أن حركة حماس نقلت الأسرى الإسرائيليين إلى أماكن فوق الأرض لاستخدامهم دروعًا بشرية في مواجهة الهجوم الإسرائيلي على غزة.
رد حماس
تصريح ترامب، الذي تجاهل تصاعد جرائم الإبادة التي يرتكبها الاحتلال بحق المدنيين العزّل في القطاع، ردت عليه حركة حماس مؤكدة أن مصير أسرى جيش الاحتلال في غزة تُحَدِّده حكومة نتنياهو، مشيرة إلى أن ما تتعرض له مدينة غزة من تدمير ممنهج وحملة إبادة فاشية يهدد أيضًا حياة الجنود الأسرى.
وقالت حماس في بيانها: "تعلم الإدارة الأمريكية أن مجرم الحرب نتنياهو يعمل على تدمير كل فرص الوصول إلى اتفاق يُفضي إلى الإفراج عن الأسرى ووقف حرب الإبادة الوحشية على القطاع، وآخرها الهجوم الإجرامي على دولة قطر ومحاولة اغتيال الوفد المفاوض أثناء مناقشة ورقة ترامب الأخيرة".