نجح قطاع الكهرباء، فى تجاوز أول اختبار له خلال صيف 2025، عندما ارتفع الحد الأقصى للأحمال ليصل يوم الخميس الماضى إلى 37600 ميجاوات، وارتفعت معه الأحمال المطلوبة من الشبكة بمعدل 500 ميجاوات يوميًا على مدار الأيام الثلاثة السابقة له، وفقًا للمركز القومى للتحكم فى الطاقة.
الاختبار الأول لصيف 2025 تمثل فى استيعاب الشبكة الكهربائية للأحمال الكهربائية المرتفعة، وزيادة الاستهلاك فى ظل زيادة درجات الحرارة، لترتفع مؤشرات الزيادة اليومية فى الاستهلاك والأحمال مقارنة بنفس التوقيت فى العام الماضى 2024.
نجاح قطاع الكهرباء فى التحدى الأول لم يكن من فراغ، ولكن نتاج خطة صيف 2025، منذ أزمة ذروة العام المنقضى، الاستعدادت وضعت نصب أعينها مهمةً محددةً، وهى توفير التغذية الكهربائية اللازمة، واستمرارية التيار الكهربائى على الرغم من ارتفاع حجم الأحمال المطلوبة.
استعدادات صيف 2025 استمرت على مدار الـ 12 شهرًا الماضية، واختتمت برفع درجة الجاهزية على مستوى المنظومة الكهربائية بأكملها «إنتاجًا، ونقلاً، وتوزيعًا»، وتوفير فرق الدعم والمتابعة والصيانة المدربة، وأطقم السلامة والصحة المهنية، ومد ساعات العمل فى مراكز خدمة المواطنين، ودعم منظومة الشكاوى والبلاغات، من أجل ضمان هدف واحد، هو أمن واستقرار الشبكة.
محاور أربعة عمل عليها قطاع الكهرباء فى خطته لاستعدادات الصيف الحالى، كان أولها خفض استهلاكات الوقود، التوسع فى الطاقات المتجددة وبطاريات التخزين والتحكم فى الطاقة عبر أنظمة ذكية للتصدى للفقد الكهربائى، سواء الفنى أو غير الفنى.
رؤية واضحة ومحددة فى تعامل قطاع الطاقة مع «نقص إمدادات الوقود»، وهى سبب الأزمة الحقيقية لصيف 2024، وكان يلزم التغلب على هذا التحدى، عبر إيجاد حلول بديلة لضمان توفير التغذية الكهربائية، واستمرارية التيار، على أن يكون هذا البديل بالاعتماد على عددٍ من المحاور فى مقدمتها مشروعات الطاقات المتجددة وبطاريات التخزين.
ولمزيد من خفض استهلاكات الوقود، تم تحويل المحطات التقليدية لدورات مركبة لضمان نقص استخدام الوقود قدر الإمكان، دون أن يؤثر على كفاءة منظومة الطاقة بأكملها، بل على العكس يُحسن من معدلات الأداء، ومن كفاءة التشغيل، عبر تطبيق برامج الصيانة الدورية بما يضمن الاستدامة والاستقرار للشبكة الموحدة لمواجهة الفقد الفنى، والتصدى للسرقات لتقليص الفقد غير الفنى.
استثمارات الطاقات المتجددة وبطاريات التخزين لم تكن اختيارًا سهلًا، لعدم الرغبة فى تحميل خزانة الدولة عبئًا جديدًا، لهذا كان القرار، هو التوسع فى الاستثمارات الخاصة بمجال الطاقات المتجددة، لتشمل الطاقات الشمسية والرياح والمياه والهيدروجين الأخضر وبطاريات تخزين الطاقة.
أما تحويل المحطات التقليدية لتكنولوجيا الدورات المركبة فكان أكثر يسرًا، فى ظل الخبرة التى تمتلكها مصر فى محطات سيمنس العملاقة الثلاث التى تعمل بنظام الدورات المركبة، الذى يقلل من هدر الوقود المستخدم، وبالتالى خفض استهلاكه.
وفى هذا الإطار، قال منصور عبدالغنى المتحدث الرسمى لوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، إن الاستعداد للصيف الجارى تم التعامل معه على مدار الـ12 شهرًا الأخيرة، من خلال مواصلة العمل والالتزام بالمخطط الزمنى لمشروع دعم الشبكة الموحدة، وزيادة قدرتها على استيعاب الطاقات المتجددة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
«خفض استهلاكات الوقود محور مهم فى خطة استعدادات قطاع الكهرباء عبر إيجاد حلول لمواجهة ارتفاع استهلاكات صيف 2025»، أو كما أوضح «منصور» قائلًا: «تم استخدام أنماط تشغيل جديدة من أجل استخدام أمثل للوقود، وتحقيق زيادة العائد على وحدة الوقود المستخدم فى إنتاج الكيلوات ساعة، بالإضافة إلى مراجعة احتياطات الوقود اللازمة لتشغيل وحدات الإنتاج من أجل ضمان التغذية الكهربائية واستمرارية الكهرباء مع ارتفاع الأحمال وزيادة الاستهلاك مع موجات الحرارة المرتفعة فى فصل الصيف».
وبحسب «منصور» تم الاتفاق بين وزارتى الكهرباء والبترول، على تشكيل لجان عمل مشتركة بين القطاعين من أجل توفير الوقود اللازم لعمل محطات إنتاج الكهرباء، وتنفيذ خطة عمل لمراجعة الاستعدادات، والديناميكية والبدائل الممكنة من أجل توفير التغذية الكهربائية وتحقيق الاستقرار للشبكة الموحدة خلال فترات الذروة وزيادة الأحمال طوال صيف 2025.
الطاقات المتجددة وبطاريات تخزين الطاقة محوران مهمان فى خطة تأمين التغذية الكهربائية كما أشار «منصور»، حيث تم إدخال 2000 ميجاوات من الطاقات المتجددة و 300 ميجاوات من بطاريات التخزين على الشبكة الكهربائية قبل بدء الصيف، ليكون إجمالى القدرات المتولدة من الطاقات المتجددة 6597 ميجاوات، منها 2832 ميجاوات من الطاقات المائية، و1884 ميجاوات من طاقات الرياح و1881 ميجاوات من الطاقة الشمسية.
كما أكد المتحدث الإعلامى لوزارة الكهرباء، أن خطط التوسع فى زيادة مساهمة الطاقة المتجددة فى مزيج الطاقة، تعمل على رفع كفاءة الشبكة، وبناء شبكة قوية مرنة وآمنة تستوعب القدرات التوليدية الكبيرة، وتحقق استقرار واستمرارية التغذية الكهربائية.
زيادة حجم القدرات المتولدة وتوفير الوقود المستهلك تبعه بالتوازى برامج الصيانات الدورية كمحور مهم فى استعدادات صيف 2025.. وهنا أوضح «عبدالغني»، أنه «تم تنفيذ برامج العمرات والصيانات على مستوى كافة المحطات وشبكات النقل والتوزيع، للتعرف على جاهزية كافة الوحدات للشبكة الكهربائية، والتعرف على احتياطى التشغيل، واحتمالات معدلات الخروج الاضطرارى فى أوقات الذروة».
الانتهاء من كافة جداول الصيانة مع بدء فصل الصيف، أمر آخر نوه عنه المتحدث الإعلامى، حيث قال: كافة الوحدات جاهزة بكفاءة عالية للدخول على الشبكة، وتم الاستعداد لمواجهة حدوث أعطال وحوادث أثناء الارتفاع المتوقع فى درجات الحرارة، وخاصة فى المناطق التى بها قياسات تحميل مرتفعة ونقاط ساخنة، هذه الاستعدادت لضمان تأمين التغذية الكهربائية، وسلامة المهمات، ومكونات الشبكة الكهربائية لهذه المناطق.
«التحكم فى الطاقة عبر الاستعانة بالأنظمة الذكية لمواجهة فقد التيار الكهربائى سواء الفنى أو غيره، هو المحور الرابع لقطاع الكهرباء ضمن استعدادت الوزارة لصيف 2025».. وفى هذا الشأن قال متحدث «الكهرباء»، إن «خطة الاستعدادات شملت التحكم فى الطاقة لتقليل الفقد الفنى الناتج من فقد القدرات الكهربائية أثناء عمليات النقل والتوزيع أو الفقد غير الفنى الناتج من السرقات الكهربائية». «الاستعدادات المبكرة» ما يميز استعدادات قطاع الكهرباء لصيف 2025، كما أوضح الدكتور حافظ سلماوى أستاذ الكهرباء والرئيس الأسبق لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، حيث يعلق قائلًا: إن «نجاح قطاع الكهرباء فى التصدى لأول تحدى فى صيف العام الحالي، يرجع إلى أنها استعدت مبكرًا حتى قبل انتهاء صيف 2024 عبر توفير مخصصات الوقود اللازمة، كونه سبب أزمة الصيف الماضى، فالعمل المشترك بين وزارتى الكهرباء والبترول منذ يوليو العام الماضى، وذلك لضمان توفير مخصصات الوقود الكافية لعمل محطات الكهرباء التقليدية طوال فترة الصيف.
« د. حافظ»، أكد أيضًا أن وزراة الكهرباء استطاعت أن تقدم حلولاً مختلفة لأزمة حقيقة ممثلة فى نقص الوقود، وهو تحدٍ يمكن أن يظل مستمرًا، لهذا كان التوجه نحو مشروعات الطاقات المتجددة، ولم يكن حلًا لصيف 2025 وإنما ركيزة لعمل قطاع الكهرباء مستقبليًا.
