رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

مدن صناعية.. شهادات عالمية.. و«صنع فى مصر» شعار تحول إلى واقع.. «توطين الصناعة».. إرادة دولة


6-7-2025 | 22:33

.

طباعة
تقرير: محمد رجب

عكفت الدولة المصرية على مدار عشر سنوات من العمل الدؤوب على تحقيق تنمية صناعية شاملة، إدراكًا منها بأن الصناعة هى قاطرة التنمية المستدامة، لذا فقد حرصت الدولة على تدشين الاستراتيجية الوطنية للصناعة، وذلك بالتزامن مع إقامة المدن والمجمعات الصناعية التى تشكل ركيزة أساسية لتعزيز الإنتاج الصناعى والنهوض به، وتوفير بيئة صناعية متكاملة تسهم فى رفع كفاءة الإنتاج وتحقيق أعلى مستويات الجودة، نظرًا لما تمثله هذه المجمعات من بيئة محفزة للابتكار.

كما عملت الدولة على نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعات الحديثة، مع إطلاق المبادرات الصناعية، بهدف تعزيز التنافسية ورفع جودة المنتجات لتتوافق مع المعايير العالمية، مما يسهم بدوره فى فتح أسواق جديدة أمام الصادرات المصرية، وتحقيق الاكتفاء الذاتى وتقليل الاعتماد على الواردات، وهو ما ينعكس على توطين وتعميق الصناعة الوطنية، وكذلك تحسين الرؤية الدولية لجهودها فى هذا القطاع الحيوي.

ووفق تقارير رسمية أبرزها تقرير المركز الإعلامى لمجلس الوزراء، تقرير أشار إلى جهود الدولة المتواصلة لتوطين وتعميق الصناعة الوطنية تحقيقًا للتنمية الاقتصادية، وذلك فى ضوء الاستراتيجية الوطنية للصناعة 2030، حيث تقدمت مصر 11 مركزًا فى مؤشر تنوع الصناعات المحلية الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، لتشغل المركز 34 فى 2024، مقابل المركز 45 فى 2021، علمًا بأنه مؤشر فرعى لمؤشر الابتكار العالمي، وصدر لأول مرة 2021.

كما أشارت «فيتش» إلى أن المنتجات المصنعة محليًا فى مصر أصبحت ذات تنافسية أكبر فى الأسواق الخارجية، ولذلك تسعى الكثير من الشركات إلى توسيع وجودها الصناعى فى مصر للاستفادة من ذلك.

أما «Oxford Business Group» فقد ذكرت أن الحكومة المصرية تعمل على تعزيز القدرات الصناعية، مع التركيز على التوطين والتخصص فى قطاعات معينة، مضيفة أن خطط التنمية تركز على وضع البلاد كمركز صناعى من خلال الاستفادة من موقعها الجغرافى وتكاليف العمالة المعقولة.

وحول مؤشرات أداء قطاع الصناعة، فقد بلغت زيادة معدل نمو قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية 5.9 نقطة مئوية، حيث سجل 7.1 فى المائة فى الربع الأول من عام 2024/2025، مقابل 1.2 فى المائة فى الربع نفسه من عام 2013/2014.

وحول أبرز القرارات الداعمة لقطاع الصناعة، فشملت إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة (2024-2030)، والتى من بين أبرز مستهدفاتها زيادة مساهمة قطاع الصناعة فى الناتج المحلى الإجمالى إلى 20 فى المائة فى 2030 بدلًا من 14 فى المائة، علاوة على إطلاق الخطة العاجلة للنهوض بالصناعة عام 2024 والتى تستند على 7 محاور رئيسية.

كما تتضمن القرارات، تأسيس المجلس التنفيذى لإحلال الواردات وتعميق المنتج المحلى عام 2021 لتوحيد الجهود والتنسيق بين الجهات ذات الصلة، بالإضافة إلى قرار خفض ضريبة الوارد عام 2022 على أكثر من 150 صنفًا من مستلزمات ومدخلات الإنتاج، هذا إلى جانب 152 فرصة استثمارية متاحة فى الصناعات المختلفة، وإطلاق منصة مصر الصناعية الرقمية لإتاحة جميع الخدمات الصناعية إلكترونيًا لتسهيل الإجراءات والتيسير على المستثمرين لإصدار خدمات الأراضى والتراخيص الصناعية مباشرة من موقع واحد فقط، وسداد جميع الرسوم من خلال منظومة الدفع الإلكتروني.

وعن مبادرات دعم قطاع الصناعة، فتضمنت مبادرة تمويل المستثمرين الصناعيين لشراء الآلات والمعدات وخطوط الإنتاج عام 2024، حيث تم تقديم 30 مليار جنيه تسهيلات تمويلية للقطاع الخاص ضمن المبادرة، كما تستهدف 7 قطاعات صناعية ذات أولوية من أهمها صناعة الأدوية والصناعات الغذائية والملابس والغزل والنسيج.

وتشمل المبادرات كذلك، مبادرة وزارة البترول والثروة المعدنية عام 2024، والتى تستهدف تيسير سداد مديونيات الغاز للمستثمرين الصناعيين من خلال سداد حد أدنى من قيمة مديونية المتأخرات بدون فوائد، كما تخدم نحو 1700 عميل بما يمثل نحو 50 فى المائة من إجمالى العملاء الصناعيين.

كما شملت المبادرات، المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ»، والتى تستهدف دعم وتعميق الصناعات الوطنية للاعتماد على المنتج المحلى وتقليل الواردات، من خلال تعزيز دور القطاع الخاص فى توطين التنمية والابتكار بقطاع الصناعة، كما تعمل وزارة الصناعة على توطين 23 صناعة واعدة.

عن أبرز المدن الصناعية فى مصر، فكان على رأسها مدينة الجلود بالروبيكي، والتى تقع على مساحة 506 أفدنة، وقد تم تشغيل 213 مصنعًا بالمرحلة الأولى منها، و135 مصنعًا بالمرحلة الثانية، و43 مصنعًا جاهزًا تم طرحهم بالمرحلة الثالثة.

من جانبه قال سمير رؤوف، الخبير الاقتصادي: إنَّه من الأهمية تشجيع المنتج المحلى والتوسع فى الصناعات القائمة لما له من أهمية وآثار إيجابية على الاقتصاد الوطنى وتخفيف الضغوط والأعباء على الموازنة العامة عبر تقليل فاتورة الاستيراد، والحقيقة أن مصر فى عهد الرئيس السيسى شهدت انطلاقة غير مسبوقة بدأت بتمهيد الأرض من خلال بنية تحتية شملت آلاف الكيلو مترات من الطرق وترفيق المدن الصناعية كانت عاملا مهما فى جذب الاستثمارات الأجنبية، ورأينا فى الفترة الأخيرة إقبالا غير مسبوق من كبرى الشركات العالمية من أجل الاستثمار فى مصر.

وأضاف أن السوق المحلى رغم التحديات إلا أنه مليء بالفرص الواعدة التى لابد من اقتناصها واستغلالها، مشيرا إلى بعض هذه الفرص فى مختلف القطاعات خاصة صناعة الملابس الجاهزة واستخلاص الزيوت والصناعات الغذائية بصفة عامة، بالإضافة إلى تصنيع السيارات الكهربائية.

كما أكد على الميزة النسبية لمصر فى صناعة الملابس الجاهزة والقادرة على المنافسة فى الأسواق العالمية خاصة الملابس والمنسوجات القطنية، وبالفعل نصدر للسوق الأوروبى والأمريكي، وتحديدا الولايات المتحدة وإنجلترا، ويتم التصدير بشكل مباشر.

ولفت «رؤوف» إلى وفرة الحاصلات الزراعية فى مصر والتى يتم تصدير جزء منها بمليارات الدولارات سنويا وتسهم فى زيادة حصيلة النقد الأجنبى للبلاد وتوفير العملة الصعبة، ولكن عبر وضع خطة لتصدير هذه المنتجات مصنعة سنرفع حصتنا من الصادرات والعائد منها، ناهيك عن فرص زيادة الاستثمار المباشر ببناء المصانع وتشغيل الأيدى العاملة وتحقيق الأمن الغذائى والاكتفاء الذاتي.

وضرب العديد من الأمثلة فى قطاع الصناعات الغذائية، مثل تصنيع المربات واستخلاص الزيوت من البذور التى لابد من التوسع فى زراعتها محليا، خاصة الزيتون والنخيل والذرة، وعلى الشركات الزراعية أن تخلق الشتلات والبذور لتوفيرها لمصانع العصر وإنتاج الزيوت، وبدلا من تصدير منتجات مثل الطماطم وغيرها اصنع جزءا منها لتصديره تام الصنع، مثل الصلصة والكاتشاب.

وأكد الخبير الاقتصادى، قدرة الدولة المصرية فى الدخول بقوة فى الصناعات الثقيلة والمتطورة المعتمدة على التكنولوجيا، حيث قال: لدينا ترسانة من البنية التحتية والمصانع الجاهزة لتصنيع السيارات الكهربائية والتقليدية»، مشيرا إلى مصنع حلوان للسيارات الذى تم تطويره لإنتاج سيارات كهربائية ودخل مرحلة الإنتاج الفعلى، ولكن ينقصه تصنيع البنية التحتية لمحطات الطاقة الكهربائية وشحن السيارات الكهرباية لتزويد الطرق السريعة بها والمدن الكبرى، «نناشد بضخ استثمارات فى بناء محطات الشحن اللازمة لتصنيع السيارات الكهربائية والتى نصنع أجزاء منها، وتوطين صناعة بطاريات السيارات الكهربائية التى يتم استيرادها».

وأضاف أن تبنى سياسات الإحلال محل الواردات سيدفع السوق المحلى لتوفير منتجات بديلة أو تصنيعها محليا عبر صناعات وطنية، وفى النهاية تخدم هذه القرارات الاقتصاد من خلال تقليل الاستيراد وتوفير العملة الصعبة ويبدأ المنتج المحلى يتحسن تدريجيا لينافس فى الأسواق عالميا ومحليا من خلال مطابقة المواصفات والمعايير..

من جهته، أكد الدكتور وليد جاب الله الخبير الاقتصادى، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسية، أن مصر وضعت استراتيجية وطنية متكاملة لدعم وتطوير القطاع الصناعى بتوجيه رئاسى على مدار السنوات العشر الأخيرة تتضمنت تهيئة البنية التحتية عبر ضخ استثمارات كبيرة فيها، وتطوير البنية التشريعية والانخراط فى الكثير من التكتلات الاقتصادية العالمية، كما قدمت مصر خلال السنوات الماضية الكثير من الحوافز والضمانات للمستثمرين بصفة عامة ولمستثمرى القطاع الصناعى بشكل خاص، حيث تسعى بذلك إلى تطبيق استراتيجيتين: الأولى تتعلق بإحلال الواردات، والثانية تخص بناء صناعات من أجل التصدير.

وأوضح أنه فى مجال إحلال الواردات، هناك مبادرات أهمها، برنامج تعميق التصنيع المحلى لتعزيز إنتاج عدد محدد من المنتجات التى يتم استيرادها من الخارج، إلى جانب مبادرة «ابدأ» لتوطين الصناعة التى نتج عنها إنشاء شركة «ابدأ»، التى حددت أيضا عددا من مستلزمات الإنتاج التى يتم استيرادها من الخارج، ليتم إنتاجها فى مصر، لا سيما فى مجالى السيارات والأجهزة الكهربائية وغيرها من المجالات الأخرى، منوها بأن مصر قدمت كذلك حوافز متنوعة على الجانب المالى والضريبى للشركات التى تعمل فى مجال توطين الصناعة، كما قامت من أجل دعم القطاع الصناعي، بإنشاء عدد من المدن المتخصصة، مثل مدينة الأثاث فى دمياط ومدينة الجلود والمجمعات الصناعية المختلفة فى كل أنحاء مصر.

وفى مجال تطبيق استراتيجية بناء صناعات من أجل التصدير، قال «جاب الله» إن مصر اهتمت بصورة كبيرة باستغلال المزايا النسبية التى تمتلكها من أجل بناء صناعات من أجل التصدير، لاسيما فى مجال قطاع الصناعات الغذائية وقطاع الأدوية والغزل والنسيج والصناعات الهندسية وغيرها من الصناعات التى قدمت فيها مصر دعما للصادرات ساعدت به المصدرين، كما قدمت أيضا عددا كبيرا من الإعفاءات الضريبية، بالإضافة إلى تنظيم المعارض فى الخارج، فضلا عن دعم هذه القطاعات من خلال العمالة اللازمة عن طريق إنشاء عدد من المدارس والجامعات التكنولوجية التى تساعد القطاع الصناعى فى الحصول على العمالة الفنية التى يحتاجها، مضيفا أن هذه الإجراءات حققت نجاحات خلال الفترة الماضية، حيث يتم افتتاح الكثير من المصانع بصورة دورية وبشكل شبه أسبوعي.

من جهته، قال المهندس شريف الصياد رئيس المجلس التصديرى للصناعات الهندسية، إن الحكومة تعمل وفق توجيهات الرئيس السيسى التى أكد عليها فى أكثر من مناسبة من أجل توطين عدد خاصة الصناعات الهندسية، حيث قامت بالتركيز بشكل خاص على صناعة الأجهزة المنزلية والكهربائية، والتى شهدت نموا ملحوظا فى الصادرات، مشيرا إلى أن صادرات هذين القطاعين وصلت إلى ما يقارب 953 مليون دولار خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من عام 2024، ما يعكس الجهود الكبيرة التى تبذلها الدولة لتعزيز مكانتها كمركز إقليمى للصناعات الهندسية.

وأضاف أن الصادرات الهندسية تلعب دورا محوريا فى الحد من العجز فى الميزان التجارى المصري، حيث تجاوزت قيمة الصادرات الهندسية 5 مليارات دولار فى عام 2024، كما تستهدف مصر تحقيق صادرات بقيمة 6 مليارات دولار بحلول نهاية عام 2025، مضيفًا أن استراتيجية الدولة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، أسهمت فى جذب 5 شركات عالمية رائدة فى قطاع الأجهزة المنزلية من تركيا والصين ودول الاتحاد الأوروبي، مما أسهم بشكل كبير فى زيادة الصادرات المصرية، وتعزيز القدرة التنافسية للصناعات المحلية فى الأسواق العالمية، كما نوه بأهمية التسهيلات الجمركية التى تسمح بدخول مكونات الإنتاج دون جمارك، مما يسهم فى خفض تكاليف الإنتاج وزيادة القدرة التنافسية للصناعة المصرية.

فى حين أكد الدكتور محمد أنيس، الخبير الاقتصادى، أن مصر شهدت خلال السنوات الأخيرة طفرة غير مسبوقة فى عدد المصانع وحلولا جذرية واضحة للمصانع المتعثرة وخطوات يشهد لها الجميع من أجل تسريع خطوات توطين الصناعة فى مصر بشكل يسهم فى سد العجز بالميزان التجاري، والتغلب على فاتورة الاستيراد، مشددا فى هذا الصدد على ضرورة تشجيع الاستثمار الأجنبى المباشر المستهدف للتصدير، وأن يكون ذلك هو العنوان الرئيسى للاستراتيجية المصرية خلال الفترة المقبلة.

من جانبه أشاد الدكتور شادى المنزلاوى، الخبير الاقتصادى، بقطاع الصناعة فى مصر، مشيرًا إلى أنه قطاع ذو شأن كبير فهو قطاع له جذور تاريخية تمتد منذ عهد الفراعنة، لكنه شهد تأخرًا خلال الفترات الماضية بسبب الضغوط الاقتصادية التى تعانى منها الدولة.

كما أوضح «المنزلاوى»، أن الدولة تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، تبنت رؤية شاملة لتطوير القطاع الصناعي، حيث تم ضخ تريليونات الجنيهات فى مشروعات البنية التحتية التى غيرت معالم الدولة المصرية، ووضعت مصر فى المكانة التى تليق بها، ما أسهم فى تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار الصناعى من خلال توفير الأراضى والموانئ وتحسين سلاسل التوريد، بجانب تأمين مصادر الطاقة اللازمة.

وأضاف، أن مصر حققت إنجازات حقيقية فى مجالات متعددة، فقد تم تقديم حوافز وضمانات تشجيعية لمستثمرى القطاع الصناعي، مشيرًا إلى أن مصر نجحت فى عقد العديد من الاتفاقيات الدولية، كان أبرزها الانضمام إلى تكتل «بريكس».

الاكثر قراءة