رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

لقاء نادر مع: «سعاد محمد» صاحبة الألف أغنية…؟


27-6-2025 | 12:22

.

طباعة
بقلـم: سناء السعيد

إنها الفنانة صاحبة الألف أغنية، والتى صممت ألا تتوقف عن الغناء. وقفت على المسرح فى لبنان وعمرها اثنا عشر عاما وغنت «حبيبى يسعد أوقاته». إنها العاشقة المتيمة بالغناء، وهو ما أكدته لى عندما التقيتها فى مايو 2010. وصل إنتاجها الغنائى إلى أكثر من ألف أغنية. تقول: (كنت أريد أن أتواجد وأثبت للناس أننى موجودة وأننى أغنى وأقدم للجمهور ما أحبه). من أجمل أغانيها: (فتح الهوا الشباك، مظلومة، وحشتنى). رحلت عنا فى الرابع من يوليو 2011.

كان يتم تقديمها للجمهور دائما بوصفها خليفة لأم كلثوم، لذلك أشيع عنها فى الماضى بأن «أم كلثوم» حاربتها، وفرضت عليها حصارا، ولكنها تقول فى بساطة وتواضع: (لا يمكن أن يكون هذا حقيقة. أين أنا من أم كلثوم؟ إن أم كلثوم هرم رابع، وما أنا إلا مجرد تلميذة أنتمى لمدرستها). إنها «سعاد محمد» الصوت الشامخ الذى يُجمع الكثيرون على حلاوته وأصالته. ورغم المعاناة الشديدة التى لاقتها منذ كانت طفلة تجاوزت تسع سنوات تريد الالتحاق بعالم الغناء، وظلت تقول: «سأستمر فى هذا المجال حتى أحصل على ما أستحقه من الفنانين ومن أجهزة الإعلام».

حدثتنى عن نشأتها فى لبنان وسط عائلة محافظة. وعلى الرغم من أن والدها كان يتمتع بصوت جميل فإنه لم يحترف الغناء. بل رفض الغناء فى الحفلات العامة وجعله مقتصراً على جلسات الأصدقاء. فى المدرسة ظهر وتألق صوت «سعاد» التلميذة الصغيرة حينما كانت تغنى الأناشيد. أعجبت بها مدرسة الموسيقى. اكتشفها جارها الفنان الذى كان يعمل فى الإذاعة اللبنانية، ولقد أدرك أن الجدار الذى يفصل بينه وبين جيرانه يخفى وراءه صوتا ساحرا، مما دعاه للتعرف على شقيقها الذى استعان بأساتذة من أجل شقيقته؛ لكى يقوموا بتعليمها القراءة السليمة والموشحات.

تم إجازة سعاد محمد فى الإذاعة، وعملت لفترة بين لبنان وسوريا، وكان يتم تقديمها للمستمعين دائما بوصفها خليفة أم كلثوم. أول أغنية قدمتها كانت «على فراقك كان لسه بدرى» فى عام 1948 التى لحنها لها الموسيقار «حليم الرومي»، ثم أغنية «مظلومة يا ناس» التى عُرفت بها فيما بعد. وأسألها هل هذه كانت بدايتك نحو الانطلاق فنيا؟ فتقول: (نعم، فى هذا العام كنت فى لبنان، وجاء المخرج والمنتج السينمائى «محمود ذوالفقار» لزيارة أحد أصدقائه، ووعده هذا الصديق أن يسمع صوتا جميلا لفتاة صغيرة. واستمع ذو الفقار لصوتي، وقع فى تناقض شديد. لقد أعجبه الصوت، ولكن صغر سنى وقتئذ جعله يحتار فى إمكانية الاستفادة بى كفنانة. حيث إنه كان يبحث عن ممثلة، بينما لم أكن أعرف شيئا عن التمثيل). وأخيرا استقر رأى «ذو الفقار» على أن يأخذ «سعاد» إلى مصر؛ ليكون بذلك قد كسب صوتا جيدا قال عنه كل منْ سمعه إنه صوت له مستقبل رائع.

وفى مطار القاهرة وجدت الفنانة الناشئة الصعوبات منذ البداية، فلقد منعت يومها من دخول مصر ولم تعرف السبب وراء منعها. بيد أن الفنانة الناشئة نجحت كمطربة وفشلت كممثلة، وتكررت تجربة الفشل السينمائى حينما قامت ببطولة فيلم «أنا وحدي»، وغنت أحلى أغانيها: «فتح الهوى الشباك»، و«القلب ولا العين». ولم تحاول بعد ذلك الدخول فى مجال السينما.

وأسألها عن رؤيتها لأم كلثوم، فتقول: «أنا مجرد تلميذة صغيرة فى مدرسة أم كلثوم. لقد كانت بالنسبة إلى هى سحر الشرق كله. حاولت أن أقلدها فى البدايات فى أغنيات: «غلبت أصالح فى روحى»، و«سلوا قلبى»، وأؤكد أنها لن تعوّض أبدا. وفى آخر مرة قالت لى: «سعاد أنت صوت رائع وجميل، وفنانة كبيرة». ولهذا لا يمكن أن تكون أم كلثوم قد حاربتنى كما يدعى البعض. لكن ماذا أقول؟ إن جو الفن عندنا سيء ينسج القصص والشائعات ويروج الأكاذيب. وربما لهذا السبب لم يلحن لى الموسيقار الكبير «محمد عبد الوهاب» الذى قال لى فى البداية إنه سيقدم لى ألحانه ولكن لم يحدث هذا إلى الآن، رغم أنه قدم ألحانا لجميع المطربين، حتى أنه لحن لنجوى فؤاد «مقطوعة قمر 14» . وما زلت أنتظر لحن عبد الوهاب، وأدعو الله أن يطيل فى عمره لأنه عملاق وهرم لا يُعوض».

شكت لى سعاد محمد مما تعانيه من جو الود المفقود فى الوسط الفنى المصرى وتقول: «إن الغرور آفة تعجل بقتل صوت الفنان، ولهذا فيجب أن أبتعد عن الغرور أميالا وأميالا»، إن الفنان حس مرهف يتأثر دائما بعوامل تموج حوله، بعضها قد يثبط الهمم، والبعض الآخر قد يشحذها. وعن نفسى فقد عانيت الكثير لأنى تمسكت بالطريق المباشر دون التواء أو نفاق. ومع ذلك أقول إن الطريق المباشر لا يوصل الفنان إلى ما يريد. ورغم ذلك فإننى أتمنى من أعماقى أن يعيش الفن فى جو نظيف. ولهذا يجب أن تكون هناك رقابة فنية واعية تضع الحدود بين الجيد والمسف. ما ذنب الجمهور أن يسمع هذا الإسفاف؟. ولا شك أن المسئولية هنا تقع على عاتق الفنانين الكبار، فهؤلاء يجب أن يضحوا ويفتحوا الطريق للأصوات الجميلة. ويجب أن يسود الإخلاص. وهنا آخذ على بعض هؤلاء الفنانين أنهم تناسوا المبدأ وساروا مع التيار. أتمنى أن يعود الفن كما كان. حتى الإذاعة والحفلات العامة يسيطر عليها الشلل دائما، ولهذا ظللت خمسة عشر عاما بغير عمل فى انتظار الإذاعة، لقد أخذت عهدا على نفسى بألا أدخل الإذاعة المصرية حتى تنصفني، أما عن ترويج أعمالى فأكتفى بالكاسيت».

وفى ختام اللقاء مع «سعاد محمد» تقول فى نبرة حزينة: «ابنتى المطربة «نهاد» صوت رائق حلو. لم أرد لها أن تمر فى إطار المعاناة الذى مررت به. لقد تخطت المستحيل وخسرت أموالا كثيرة، وأخيرا عادت لتقول لى: «صدقت يا أمى إن طريق الفن وعر جدا».

 
 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة