محافظة أسيوط، المعروفة بعاصمة الصعيد، تتميز بالعديد من القصور الأثرية، كقصر ألكسان باشا، والمُشيد بمنطقة تطل على نهر النيل بوسط المحافظة، تصل مساحته إلى 7 آلاف متر مربع، ويتميز بالطابع المعمارى الفريد فى احتوائه على تصميم يضم الفن الإغريقي، ويتكون من طابقين والعديد من الحجرات وحديقة واسعة تُحيط بالقصر، علاوة على استقباله للملك فؤاد الأول عام 1935م، أثناء رحلته لوضع حجر الأساس لمعهد فؤاد الأول الدينى، ثم بعد ذلك، الملك فاروق أثناء رحلته لافتتاح معهد فؤاد الأول الدينى.
القصر تم تشييده عام 1910م، لصاحبه ألكسان باشا أبسخرون، من مركز أبنوب وعمل بالمحاماة، وتدرج فى المناصب حتى تم تعيينه عضوًا فى مجلس الشيوخ ورئيسًا للطائفة الإنجيلية، وتزوج بابنة ويصا باشا، من أعيان أسيوط فى تلك الفترة.
وعن أهمية القصر يقول الدكتور أحمد مصطفى على، عضو اتحاد كتاب مصر: إن أسيوط فى حاجة ماسة إلى سرعة افتتاح قصر ألكسان، كمتحف قومى، ومن أشد أنواع الظلم أن يكون قرار تحويل القصر إلى متحف قد مر عليه عشرون عامًا منذ صدوره فى فترة اللواء نبيل العزبى محافظ أسيوط، وهذا الأمر هو استهتار بحقوق المواطنة الجغرافية وعدالة الحقوق الثقافية بين المحافظات، وخصوصًا أنه لا يوجد بديل للمواطنين أو للأطفال، فالمتحف الوحيد الموجود داخل مدرسة السلام الخاصة، يخضع لما قبل قانون الآثار بنهاية السبعينيات، وبالتالى زيارته أمر مستحيل، ويحتاج إلى موافقات ومخاطبات وتعقيدات صعبة جدًا، وعدم افتتاح القصر هو إهمال وتقاعس من الجهات المختلفة المعنية بذلك، كما أنه أمر يثير الريبة فى ظل انهيار القصور الأثرية المتكرر فى أسيوط، خصوصًا أنه سبق وتم تحديد أكثر من 5 مواعيد لافتتاح القصر فى كل عيد قومى للمحافظة، ولكنه لم يحدث.
وأضاف «د. أحمد»: وجود المتحف هو أمر بالغ الأهمية والخطورة سواء من الناحية الثقافية أو الأمنية، فهو بناء وترسيخ للتسامح، ويسهم فى تشكيل الوعى بثراء المكونات الحضارية، كما أن له دخلا كبيرا بتعزيز الانتماء الوطنى والشعور بمكون الهوية المصرية المتفردة، وأنه كان من المفترض أن يُفتتح قصر ألكسان باشا كمتحف قومى فى عام 2008م، وإلى الآن مُغلق، فهل هذا يمكن أن يحدث مع أى مشروع آخر فى أى محافظة أخرى؟ هل هناك عدالة بين المحافظات؟
بدوره، قال الدكتور وجدى رفعت نخلة، أستاذ الأشغال الفنية والتراث الشعبى المتفرغ، عميد كلية التربية النوعية جامعة أسيوط السابق: إن «بلدًا بمركزية محافظة أسيوط لا بد من وجود متحف بما تحويه من آثار واكتشافات كثيرة، وذلك لأنها مركز هام لحضارات ما قبل التاريخ مثل حضارتى البدارى ودير تاسا والعديد من الاكتشافات المختلفة، ومن الممكن أن يكون المتحف شاملًا، وذلك لكبر القصر، واحتوائه على العديد من التحف للحضارات المختلفة بداية من حضارات ما قبل التاريخ مرورًا بالدولة القديمة والدولة الوسطى والدولة الحديثة والفن القبطي، كما أنها تحتوى على أديرة وكنائس بها أعمال أثرية من الفترة القبطية ثم الحضارة الإسلامية بفتراتها المختلفة، ولا بد أن يحتوى المتحف على جزء من الفن الحديث، ويوجد فى الحركة الفنية الحديثة فنانون تشكيليون راحلون، مسقط رأسهم بالمحافظة، وبهذا يكون القصر متحفًا شاملًا، وقبلة للعديد من باحثى الفن، وللآثار فى الصعيد عامة.
بينما تضيف الدكتورة ماجدة محمد عبدالباقي، عضو هيئة تدريس بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة أسيوط: لا بد من ترميم قصر ألكسان باشا، وتحويله إلى متحف قومي، وأن عملية هدمه خسارة كبيرة، كما أن المحافظة أصبحت بلدة جافة، كئيبة المظهر نتيجة طغيان العمائر السكنية على حساب المعمار الراقى للقصور القديمة.
فى حين أشارت سحر حسين، مدير مركز النيل للإعلام بأسيوط، إلى تكرار هذا المطلب على مدار عقود وسنوات، لافتة إلى أن قصر ألكسان باشا، هو بمثابة أثر تاريخى فريد، ويجب تحويله إلى متحف قومى ومزار سياحى يهدف للترويج إلى السياحة فى أسيوط، من خلال توصيات العديد من الأنشطة والحملات الإعلامية التى تم تنفيذها بالتنسيق والتعاون بين مركز النيل للإعلام بأسيوط التابع لقطاع الإعلام الداخلى بالهيئة العامة للاستعلامات والهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحى بأسيوط، وكانت تحمل عنوان «الترويج للسياحة الداخلية بأسيوط.. المعوقات والحلول المقترحة»، وأخيرًا استبشرنا الخير بصدور قرار بالاهتمام بقصر ألكسان باشا، وتحويله إلى معلم سياحى تحتفى به المحافظة.
فيما أوضح سعد زغلول، فنان تشكيلى، أن «أسيوط كانت مدينة الدور والقصور، كان الأشهر قصر موريس بك دوس، الكائن بشارع الجمهورية، وقصر حبيب باشا شنودة الكائن بمنطقة السادات لكن تم هدمهما، وهناك وكالتان بالقيسارية أوشكتا على الهدم، رغم أن عمرهما أكثر من 400 عام، ويمكن أن تصبحا مركزين للإبداع والثقافة، وبالتالى خلق مناخ تراثى كوكالة الغورى بالقاهرة، مطالبًا بالتدخل السريع لإنقاذ قصر ألكسان باشا قبل أن يتم هدمه، والاستفادة منه كقصر قومي.
فى المقابل، ذكر خالد أبو زيد عصعوص، مدير عام ترميم آثار ومتاحف أسيوط، أنه تم نزع ملكية قصر ألكسان باشا من ورثة القصر وتعويضهم ماديًا طبقًا لقانون حماية الآثار، وتم تسجيله فى سجل الآثار الإسلامية والقبطية بالمجلس الأعلى للآثار عام 1995م، وتمت الموافقة على تحويله إلى متحف قومى للمحافظة، وجارٍ اتخاذ اللازم للقيام بأعمال الترميم المعمارى والترميم الدقيق للواجهات الخارجية والزخارف والنقوش، كما أن القصر يتكون من بدروم ودور أرضى والدور الثانى والسطح، ويحتوى على العديد من الغرف والصالات والممرات فى كل طابق، وحديقة واسعة تضم أشجارا ونباتات.