الوصول لهذا الإنجاز تضمن تمكن مصر من خفض معدل انتشار التهاب الكبد B لأقل من 1 فى المائة بين الأطفال البالغين 5 سنوات أو أكثر، مع ثبات نسبة التغطية بالجرعة الثالثة من لقاح التهاب الكبد عند 90.8 فى المائة أو أكثر لمدة تزيد على 10 سنوات، كما ظلت نسبة التغطية بجرعة الولادة من اللقاح 90.8 فى المائة أو أكثر لمدة خمس سنوات .
وخلال الاحتفالية تسلّم الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، شهادة دولية من منظمة الصحة العالمية، توثق نجاح الدولة المصرية فى تحقيق الهدف الإقليمى للسيطرة على مرض الالتهاب الكبدى الفيروسى من النوع « B»، لتصبح بذلك أول دولة فى إقليم شرق المتوسط تبلغ هذا المستوى من السيطرة، فى خطوة وُصفت بالبارزة على المستويين الإقليمى والدولي، حيث أكد الوزير فى مستهل كلمته أن الدولة المصرية، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، تضع الملف الصحى فى صدارة أولوياتها، انطلاقًا من رؤية وطنية طموحة تستند إلى ترسيخ مفاهيم الأمن الصحى، وتوطين صناعة الأدوية واللقاحات.
الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمى لوزارة الصحة والسكان، تحدث هو الآخر عن الإنجاز وقال: هذا الإنجاز يضع مصر على الطريق الصحيح نحو القضاء على التهاب الكبدى الفيروسB، كما يعد دليلًا على التزام مصر الثابت بالصحة العامة وجهودها الريادية فى مجال التحصين، ويعتبر البرنامج الموسع للتطعيمات (EPI) حجر الأساس فى جهود الصحة العامة فى مصر منذ إنشائه، فمن خلال هذا البرنامج قلّصت مصر بشكل كبير الأمراض التى يمكن الوقاية منها باللقاحات، وحسّنت معدلات بقاء الأطفال على قيد الحياة، وعزّزت النظم الصحية، وفى ديسمبر 2024 تُوجت هذه الجهود عندما أصبحت مصر أول دولة فى إقليم شرق المتوسط تحقق شروط السيطرة على مرض الالتهاب الكبدى الفيروسى B كما أعلنت لجنة التحقق الإقليمية التابعة لمنظمة الصحة العالمية.
«د. حسام»، أضاف: من إنجازات قطاع الطب الوقائى والصحة العامة فى ملف الأمراض المستهدفة بالتطعيم، حصول مصر على ملف الإشهاد الدولى بخلوها من مرض شلل الأطفال والقضاء على الحصبة والحصبة الألمانى والتيتانوس الوليدى والدفتريا ومتلازمة الحصبة الألمانية الخلقية، وتتكامل هذه الجهود مع سائر الجهود التى يقوم بها القطاع فى مجالات مكافحة الأمراض المعدية ومن بينها مكافحة الفيروسات الكبدية، بالإضافة إلى أنشطة الترصد الوبائى والرصد المعملى وكذلك مكافحة العدوى، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات مع مختلف الجهات الوطنية والدولية الأخرى بهدف الحفاظ على هذه المكتسبات وتعزيزها، وقد دعَّمت وزارة الصحة والسكان إنشاء التحالف المصرى لمصنعى اللقاحات (EVMA) والذى يبرز التزام مصر بالإنتاج المحلى والابتكار فى مجال تصنيع اللقاحات، ويضمن الوصول المستدام إلى لقاحات عالية الجودة وبتكلفة معقولة للجميع، لتكون مصر نموذجًا للدول الأخرى الساعية إلى برامج تحصين قوية واكتفاء ذاتى من اللقاحات، وذلك من خلال الركائز الثلاث التى ساهمت فى تحقيق مصر لهذا النجاح، الركيزة الأولى: جهود الترصد والمراقبة، فيُعد الترصد القوى الأساس لأى برنامج تحصين ناجح وقد بذلت وزارة الصحة جهودًا كبيرة فى هذا الشأن، مما يدل على التزام قوى بمتابعة معدلات الإصابة بالأمراض وفاعلية اللقاحات والإنذارات المبكرة لتفشى الأمراض وتوفر هذه الجهود بيانات مهمة تدعم اتخاذ القرار، وتُحدد مجالات التحسين، وتضمن فاعلية استراتيجيات التحصين لحماية صحة المواطنين.
وتابع: الركيزة الثانية.. التحول الرقمى وميكنة الخدمات، فضمان التغطية الواسعة للتحصين يتطلب تواصلًا فعالًا مع الفئات المستهدفة، وقد نجح قطاع الطب الوقائى فى تطبيق منصة رقمية مبتكرة لتحقيق هذا الهدف، حيث تم توفير خدمة رسائل نصية قصيرة تُرسل للأمهات للتذكير بمواعيد التطعيم مما يساعد على الانتظام فى تلقى الخدمات فى موعدها، كما مكنت هذه المنظومة الرقمية من سهولة المتابعة واستخراج التقارير اللحظية التى تُسهم بشكل فعال فى اتخاذ القرارات الصحيحة فى الوقت المناسب.
وبحسب، المتحدث الرسمى لـ«الصحة»، فإن «الركيزة الثالثة» تتمثل فى الرؤية الاستراتيجية لمصر فى توطين إنتاج اللقاحات، حيث تتجسد رؤية مصر الطموحة فى الاستراتيجية الوطنية لتوطين اللقاحات، بالتعاون مع التحالف المصرى لمصنعى اللقاحات (EVMA) لضمان توافر اللقاحات المنتجة محليًا بشكل مستدام، ويشمل ذلك لقاح التهاب الكبد B إلى جانب اللقاحات الأخرى بالبرنامج الموسع للتطعيمات.
وتابع «د. حسام»: كما تمتد جهود مصر إلى مجال التشخيص، حيث تُنتج شركة مصرية (Reme-D) أدوات تشخيصية محلية لفيروس الالتهاب الكبدى B مما يُعزز من قدرات الكشف المبكر والسيطرة على المرض، وتتطور هذه الاستراتيجية باستمرار بدعم من العديد من الجهات، الأمر الذى وفر تمويلًا مخصصًا وكافيًا لتنفيذها وتحسينها وتؤكد هذه الركيزة التزام مصر بالاكتفاء الذاتى والأمن الصحى الإقليمى.
بدوره، قال الدكتور جمال عصمت، مستشار منظمة الصحة العالمية، نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق: فيروس بى فى مصر لم يكن بنفس حجم المشكلة الكبرى التى يمثلها فيروس سي، والسبب فى ذلك هو وجوده ميزة كبيرة جدًا تتمثل فى توفر تطعيم واقٍ من الإصابة بفيروس B بدأنا استخدامه منذ 1991- 1992 للمواليد، وهذا معناه أن الفئة العمرية من سن 35 سنة أو أقل حصلوا على تطعيم فيروس بى وهذه الفئة تمثل أكثر من نصف سكان مصر، وهذا التطعيم نسبة نجاحه وفاعليته تصل لأكثر من 98 و 99 فى المائة، وهذا أدى إلى أن نسبة انتشار فيروس بى فى مصر قليلة جدًا مقارنة بالمشكلات التى كنا نراها فى فيروس سي
«د. جمال»، أوضح أيضًا أنه «وفقًا لآخر إحصاء سواء الذى أُجرى فى عام 2015 أو الذى أُجرى بعد إجراء الحملة القومية للقضاء على فيروس سى والذى نُشر فى عام 2022 نسبة انتشار فيروس بى فى مصر أقل من واحد فى المائة، وهذا يرجع إلى الالتزام بالتطعيم الإجبارى لكل المواليد، وكذلك التطعيم للمخالطين للمرضى وكذلك للعاملين بالحقل الطبى، فى نفس الوقت اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية ألزمت نفسها بإتاحة الفحوص والتحاليل و العلاج لفيروس B لكل المصابين الذين تنطبق عليهم القواعد بالمجان منذ عدة سنوات، وكلما تُتاح علاجات وأدوية حديثة لفيروس بى يتم إدخالها من خلال اللجنة القومية وتوفرها الدولة، وهذا جعل فيروس بى تحت السيطرة من خلال التطعيم، خاصة أنه خلال السنوات الثلاث الأخيرة تم تحديد موعد الجرعة الأولى وقت الولادة مباشرة وهى الجرعة الصفرية، وبالتالى أصبحت الجرعة الأولى أنجح وأكثر فائدة، خاصة لو أن الأم مصابة بفيروس بى لا ينتقل للطفل بعد الولادة، وهذا نجاح قوى لمنظومة التطعيم».
وأكمل: أيضًا تم إتاحة التطعيم بالمجان من خلال مراكز العلاج التابعة للجنة القومية لكل المخالطين للمصابين بالفيروس، هذا جعل نسبة انتشار الفيروس أقل من واحد فى المائة، وهذا يحقق أهداف منظمة الصحة العالمية بالوصول للمعدل المرجو قبل 2030، هذا تحقق فى مصر، لكن للأسف لم يتحقق فى بعض البلاد العربية المحيطة وفى معظم البلاد الإفريقية التى لا يزال التطعيم قليلاً ولا توفر الجرعة الصفرية وقت الولادة، وكذلك الفحوص والتحاليل غير كافية والعلاجات غير متاحة، لذا نحاول مد المظلة العلاجية لفيروس بى للدول المحيطة بنا .
ولفت «عصمت»، إلى أنه «من أكبر الإنجازات التى حققتها مصر خلال السنوات الماضية القضاء على البلهارسيا وفيروس سي، لأنه كانت نسب انتشارهما عالية جدًا، ولم يكن أحد على مستوى العالم يتوقع أن تنجح مصر فى القضاء على البلهارسيا التى وصلت نسبتها فى بعض الأحيان لأكثر من 40 فى المائة من الشعب المصرى فى عام 1980، ولكن استطاعت مصر القضاء على البلهارسيا بالتدريج حتى وصلت نسبتها لأقل من نصف فى المائة وفى أماكن محدودة جدًا، والنجاح الثانى الأكبر هو القضاء على فيروس سى بعدما كانت نسبة انتشاره تعادل 22 فى المائة وكان سببا لمشكلات كثيرة بالكبد من تليف بالكبد والأورام، أيضًا القضاء على الملاريا وعدم دخولها مصر إنجاز مهم، أيضًا فيروس بى النسبة كانت قليلة لأننا اعتمدنا التطعيم مبكرًا، بالإضافة إلى اتباع وتطبيق وسائل وإجراءات مكافحة كثيرة منها الحقن التى لا يعاد استخدامها، الدم الآمن، وغيرها من الإجراءات التى جعلت من انتشار فيروس بى ضئيل، وأن تحقق مصر الوصول للهدف الخاص بفيروس بى فهذا إنجاز يضاف للإنجازات الأخرى».
كما أشار «عصمت»، إلى أن «مضاعفات فيروس بى تقترب من مضاعفات فيروس سي، فمع الوقت يؤدى إلى حدوث تليف بالكبد وأورام بالكبد، لكن للأسف فيروس بى أخطر من فيروس سى وأسرع فى حدوث مشكلات صحية للمرضى، ونحمد الله على توفر تطعيم لفيروس بى لأنه مرض خطير جدًا، ولا يوجد علاج شافٍ يؤخذ لمدة محددة مثلاً، لكن تتوفر علاجات توقف تطور المرض وتوقف انتشاره ولكنها ليست شافية، لذا نقول إن التركيز الأعلى والأقوى هو تطبيق التطعيم المثالى لكل الأشخاص من مواليد وعاملين فى الحقل الطبى والمخالطين للمرضى، مشكلة أخرى هى أن مريض فيروس بى احتمال أن ينقل العدوى للمخالطين والمحيطين به تعادل عشرة أضعاف لو كان مريض فيروس سي، أيضًا فيروس بى ينتقل من الأم للجنين فى حين فيروس سى لا ينتقل من الأم للجنين إلا بنسب محدودة وضئيلة جدًا، لذا فيروس بى أخطر من فيروس سي، لكن الميزة الرئيسية أن له تطعيمًا فعالاً وناجحًا وتم اعتماده فى مصر منذ أكثر من 35 سنة».
وحدد «د.جمال» ثلاثة أمور مهمة، أولاً أى سيدة حامل يجب إجراء فحص للتأكد من عدم إصابتها بفيروس بي، وفى حال الإصابة اتخاذ الإجراءات اللازمة حتى لا ينتقل للجنين، ثانيا: أى شخص مخالط لمريض فيروس بى عليه إجراء الفحوص اللازمة للتدخل فى الوقت المناسب، ثالثا: أى شخص لديه احتمال التعرض للعدوى يجيب الحصول على التطعيم، على سبيل المثال من يمارسون ألعاب رياضية ينتج عنها إصابات وتلامس دماء الأفراد عليهم التطعيم وكذلك العاملون فى القطاع الطبى.
فى السياق، قال الدكتور مرتضى الشبراوى، أستاذ طب الأطفال بكلية طب قصر العيني: فى ديسمبر 2024 اُعتبرت مصر الدولة الأولى فى منطقة شرق البحر المتوسط التى حققت السيطرة على فيروسB، وهذا النجاح سببه أن وصل معدل حدوث فيروس بى فى الأطفال الأكبر من خمس سنوات أقل من واحد فى المائة، التطعيمات فى الأطفال سواء الجرعة الصفرية أو الجرعات الثانية والثالثة تخطت نسبة تغطيتها أكثر من 90 فى المائة، التطعيم فى مصر بدأ من سنوات وإجباريًا فى المواليد، كل هذا أدى إلى تحسين النظام الصحى من خلال نظام التطعيم للمواليد، وكذلك الفحص خلال الحمل أو خلال العمليات أو حتى الفحوص الروتينية المختلفة، وبالتالى استطعنا تشخيص حالات فيروس بى ونقل المخالطين من العدوى ومعالجة هذه الحالات، وكذلك النظام المعملى فى الكشف عن فيروس بى وتدريب الطواقم الطبية بمساعدة الجهات الدولية، خاصة منظمة الصحة العالمية التى أعطتنا الدعم القوى لهذا العمل، وبالتالى السيطرة على فيروس بى بنسبة كبيرة.
«د. مرتضى»، أوضح أنه «أيضًا كان لمصر السبق فى 2023 أن حققت المسار الذهبى فى القضاء على فيروس سى، وهذا يدل على أن مصر بها برنامج قوى جدًا للسيطرة على الفيروسات الكبدية ويتحقق القضاء عليها فى 2030 بكل قوة».