رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

معبر ملاحى عالمى وصرح صناعى استثمارى


14-6-2025 | 20:22

.

طباعة
تقرير: منار عصام

منذ اللحظة الأولى التى تولى فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الحكم وتولى الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا بتعظيم مواردها من النقد الأجنبى، على رأس تلك الموارد قناة السويس، ذلك الشريان الملاحى العالمى الذى يُدر على مصر سنويًا مليارات الدولارات، لذلك شرعت الدولة المصرية فى تطوير ورفع كفاءة كافة مرافق هيئة قناة السويس، بدءًا من المجرى الملاحى نفسه بتوسيعه وتعميقه وإضافة قناة جديدة لتسريع عبور السفن، مرورًا بإنشاء أنفاق عبور أسفل مجرى القناة، بخلاف تدشين عدد من مشروعات الاستزراع السمكى ورفع كفاءة أسطول القناة من الكراكات والقاطرات بأنواعها المختلفة، وصولاً لإنشاء المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لتحويل المرفق من مجرد مجرى ملاحى إلى صرح صناعى عملاق يستقطب كبرى الشركات العالمية.

فى البداية، يقول الدكتور على الإدريسى، الخبير الاقتصادى، إنه منذ تولى الرئيس السيسى إدارة البلاد وأولت الدولة المصرية أهمية كبيرة جدًا لهيئة قناة السويس، ويتجلى ذلك من خلال إطلاق استراتيجية وطنيه من شأنها تعظيم الاستفادة من قدرات وإمكانيات الهيئة، وكذا المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، موضحًا أن الدولة شرعت على الفور فى تنفيذ عدد من المشروعات المهمة داخل مرفق الهيئة، سواء على مستوى الأنفاق التى ساهمت فى ربط سيناء ببقية محافظات القطر المصرى فى الوادى والدلتا، فضلاً عن تطوير ورفع كفاءة عدد من الموانئ المصرية فى البحرين الأحمر والأبيض من أجل استقبال الزيادة فى حركة التجارة العالمية والمستهدف مرورها عبر قناة السويس، هذا بالإضافة إلى تطوير ورفع كفاءة شبكة الطرق عبر مختلف أنحاء الجمهورية من أجل توفير بنية تحتية قوية ومتطورة قادرة على استيعاب مخططات الدولة فى تنمية الصادرات والارتقاء بقطاع الصناعة.

وأشار «الإدريسى» إلى أن الدولة المصرية كانت تسير فى مسار التحول الرقمى جنبًا إلى جنب مع المسارات التطويرية السابق ذكرها، ما كان له بالغ الأثر فى تيسير العديد من الإجراءات خاصة فى قطاع الاستثمار وجذب المستثمرين لمشروعات المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، منوهًا بأن الدولة المصرية تحركت بشكل عاجل وإيجابى فى موضوعات التنمية المستدامة من خلال رؤية مصر 2030 فى قطاعات النقل والصناعة واللوجستيات.

وأكد الخبير الاقتصادى، على أن التحركات المصرية كانت مدروسة وتسير وفق مخطط، إلا أن الظروف والتحديات العالمية انعكست بالسلب على تحقيق الكثير من العوائد التى كانت منتظر تحقيقها، وعلى سبيل المثال، نجحت قناة السويس فى عام 2022/2023 من تحقيق إجمالى إيرادات قُدر بـ 9.4 مليار دولار، ولكن فى ظل الحرب الروسية الأوكرانية والتوترات الجيوسياسية التى تمر بها المنطقة، مستشهدًا بمشروع إقامة منطقة روسية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس والتى تأجل تنفيذها تأثرًا بالحرب الروسية الأوكرانية.

ويرى «الإدريسى»، أنه بالرغم من التحديات إلا أن الدولة المصرية تمضى قدما فى أعمال التنمية والتطوير فى كافة مرافق وقطاعات الدولة، لا سيما قناة السويس، وذلك لإيمان القيادة السياسية بضرورة العمل والإنتاج من أجل وضع مصر فى مكانتها فى مصاف الدول، مضيفًا أن الرئيس السيسى دائمًا ما يضرب المثل بالتجربة السنغافورية الناجحة التى أعلت من شأن سنغافورة، والتى يمكن تكرارها فى مصر داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بحيث تصبح مركزًا إقليميًا للتصنيع وتقديم اللوجستيات والخدمات البحرية وهو ما تسعى الدولة لتحقيقه على قدم وساق، من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتيسير الإجراءات اللازمة.

وأوضح «الإدريسى»، أن الترويج والتسويق للفرص الاستثمارية المتاحة داخل قناة السويس ومنطقتها الاقتصادية، لازال يحتاج إلى المزيد من الجهد والعمل المتخصص فى هذا المجال، ولا مانع من الاعتماد على كفاءات وعناصر لها خبرات فى مجال التسويق والاستثمار من أجل تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الفرص المتاحة داخل قناة السويس، مؤكدًا على ضرورة تحويل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إلى منطقة صناعية فى المقام الأول وليس فقط منطقة لوجستيات، وذلك للاستفادة من الموقع المتميز لقناة السويس والذى يشهد مرور حركة ضخمة من السفن التى تمثل نسبة كبيرة من إجمالى حركة التجارة العالمية، وهو الأمر الذى سيساهم فى تقليل تكلفة نقل المواد المصنعة وتسريع عملية تصديرها إلى الخارج.

وأضاف الخبير الاقتصادى أن هيئة قناة السويس، يجب أن تستمر فى تقديم حوافز وإدخال خدمات متنوعة لخدمة النقل البحرى بغرض جذب شركات الشحن العملاقة عالميًا للمرور عبر قناة السويس، مع ضرورة النظر إلى المرافق المنافسة عالميًا، سواء قناة بنما أو جبل على بالإمارات والاستفادة من الإيجابيات التى يقدمونها من أجل الارتقاء بأداء قناة السويس.

وأشاد «الإدريسى» بجهود الدولة المستمرة فى تطوير مرفق قناة السويس، سواء بتوسعة المجرى الملاحى للقناة وتعميقه من أجل استيعاب نوعيات سفن عملاقة أو من خلال تطوير الخدمات المقدمة لعناصر عملية النقل البحرى ككل، مستشهدًا بنجاح الدولة المصرية متمثلة فى جهود هيئة القناة السويس فى إعادة تعويم الناقلة «Ever given» دون الحاجة إلى تفريغ حمولاتها، ولكن بجهود وسواعد أبنائها وقدرات قاطرات وآليات الهيئة استطاعت مصر إعادة تعويم الناقلة مرة أخرى.

وسلط «الإدريسى» الضوء على ضرورة توفير حزم تحفيزية وتشجيعية للمستثمرين من أجل زيادة حركة الاستثمار بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مع ضرورة الاستفادة من منتجات الهيئة ومنطقتها الاقتصادية، فضلاً عن التوسع فى الاعتماد على كفاءات بشرية فى مجال التسويق لاستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة، مضيفًا أنه يجب أن تولى الدولة اهتمامًا كبيرًا بالمؤشرات الاقتصادية واستقرارها، سواء على مستوى سعر الصرف وكذا معدلات التضخم والضرائب.

وفى سياق متصل، قال الدكتور ياسر شويتة، الخبير الاقتصادى وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والتشريع، إن قناة السويس تعد أهم شريان ملاحى على المستوى العالمى، ويُساهم فى نقل السفن العالمية بين الشرق والغرب، وتصل نسبة التجارة العابرة عبر المجرى الملاحى للقناة إلى 13فى المائة من حركة التجارة العالمية، وبالتالى تُساهم قناة السويس بكونها حلقة وصل بين سلاسل الإمداد فى الشرق والغرب، كما يعمل على تحقيق الاستقرار الاقتصادى على المستوى العالمى وتأمين احتياجات العالم من السلع الغذائية والمنتجات الصناعية التى تمر عبر القناة بين الشرق والغرب.

وأضاف «شويتة»، أن القناة تمثل أهمية كبيرة على المستوى المحلى، حيث تعتمد عليها الدولة المصرية كمصدر أساسى فى الحصول على العملة الأجنبية، لذلك تهتم الدولة بتطويرها والارتقاء بمعدلات أدائها، وشاهدنا جميعًا خلال عامى 2014 و2015 أعمال توسعة وحفر قناة سويس جديدة تيسيرًا وتسهيلاً لحركة السفن العابرة للقناة لاختصار الوقت وتسريع عدد السفن المارة، الأمر الذى انعكس إيجابًا على تعزيز الموارد الاقتصادية العائدة على الدولة من قبل القناة. وسلط «شويتة» الضوء على أن الدولة المصرية أيضًا أطلقت العديد من المشروعات المهمة بقناة السويس، وفى مقدمتها مشروع منطقة قناة السويس الاقتصادية تنفيذا لاستراتيجية ورؤية الدولة المصرية فى تعظيم الاستفادة من هذا الممر المائى العالمى، وخططت الدولة للمنطقة لتضم عددًا من الصناعات المتعددة، من خلال جذب استثمارات عالمية وأن تصبح منطقة الجذب الأولى للاستثمارات على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لذلك تم تأهيل هذه المنطقة من خلال ضخ استثمارات تتجاوز 18 مليار دولار على أعمال البنية الأساسية، وإنشاء ما يقارب من 4 مناطق صناعية تمهيدًا لاستقبال وجذب الاستثمارات الأجنبية، وبعد سنوات أصبحت هناك على أرض الواقع عدد من الاستثمارات الروسية والهندية والصينية، وفى القريب سنشهد ضخ استثمارات أوروبية أيضًا.

ويرى «شويتة»، بأن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تستقبل العديد من الاستثمارات المباشرة فى العديد من الموضوعات الاقتصادية، وعلى سبيل المثال، صناعة القطارات وخطوط السكك الحديدية، كما تعتبر المنطقة من أكثر المناطق جذبًا للاستثمارات الأجنبية لإنتاج الطاقة من الهيدروجين الأخضر على اعتبار أن كافة المقومات اللازمة لإنتاجه متوفرة فى هذه المنطقة، لذلك شهدت السنوات السابقة إبرام العديد من العقود لدعم استدامة مصر من الطاقة والهيدروجين الأخضر، وتُعول الدولة المصرية على هذه المنطقة لتصبح بمثابة مركز إقليمى لدعم الطاقة.

وأوضح أن الدولة المصرية، قامت بتطوير كافة الموانئ المطلة على منطقة قناة السويس، تمهيدًا لأن تصبح القناة مركزًا عالميًا فى استقبال السفن والحاويات العملاقة مع تقديم كافة الخدمات اللازمة والمرتبطة بنقل الحاويات بحرًا، وذلك لتعظيم الموارد الاقتصادية لقناة السويس، مضيفًا أن الدولة المصرية قطعت خطوات كبيرة فى دعم البنية التحتية فى منطقة قناة السويس تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية بتعظيم الاستفادة من الموارد الاقتصادية الخاصة بها فى ظل التحديات الجيوسياسية التى تمر بها المنطقة، سواء على المستوى الإقليمى أو العالمى.

وشدد «شويتة» على أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، تُعتبر خطوةً جديدةً تعكس رؤية الدولة المصرية لدعم إيرادات الدولة عبر قناة السويس، لذلك تستمر الدولة المصرية فى الدراسات المستمرة لما تمر به المنطقة وخاصة البحر الأحمر، مع التنسيق المستمر مع الدول العربية من أجل تأمين منطقة باب المندب وحوض البحر الأحمر، وهو ملف يُعد من أهم الملفات التى يجب أن تركز عليها الدولة المصرية خلال الفترة المقبلة لضمان أمن الملاحة فى قناة السويس.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة