يزخر تاريخنا الثقافي والفني بنجوم مضيئة، عاشت تتلألأ في حياتنا، من مؤلفين وممثلين ومخرجين، ونجومًا خلف الستار، أضافوا الكثير بالتزامهم وإخلاصهم و مواهبهم وإبداعهم في مسيرة المسرح المصري والعربي، واسعدوا الجمهور بكل ما قدموا، تركوا إرثًا فنيًا في الحركة الفنية المصرية وحفروا أسماءهم في عالم الإبداع بما قدموه بعروض مسرحنا المصري.
ومع بوابة «دار الهلال» نواصل تسليط الضوء يوميًا على رحلة أحد صناع رحلة المسرح المصري على الخشبة، ومن عالم الكواليس، وخلف الستار، ومن المؤلفين والمخرجين، والمشاركين في خلق العرض، و لنسافر معه من خلال سطورنا تحت عنوان «نجوم المسرح المصري».
ونلتقي اليوم مع حسن مصطفى .. «ناظر مدرسة المشاغبين»
ولد حسن مصطفى بمحافظة القاهرة في 26 يونيو 1933م، والتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتخرج فيه عام 1957 م، وبدأ رحلته مع فن المسرح من خلال فرقة إسماعيل يس، ومن بعدها بفرقة الفنانين المتحدين.
شارك حسن مصطفى على مدار مسيرته في العديد من الفرق المسرحية منها فرقة إسماعيل يس والفنانين المتحدين ومسرح التليفزيون، حتى اشتهر من خلال فن المسرح، وقدم مسرحيات عديدة منها: «أصل وصورة، وسيدتي الجميلة، و الكدابين قوي، حواء الساعة 12، دو ري مي فاصوليا، عائلة عصرية جدا».
حضرة الناظر
كان حسن مصطفى صاحب بصمة خاصة في كل عمل فني يشارك فيه، وأصبح أحد أشهر نجوم المسرحيات التي عاشت في أذهان الجمهور، وفي مقدمتها أيقونة الكوميديا المصرية «مدرسة المشاغبين»، المقتبسة عن الفيلم البريطاني «إلى المعلم مع الحب» وعرضت في 1971 م، من تأليف الكاتب المصري علي سالم للمخرج جلال الشرقاوي، لفرقة الفنانين المتحدين المصريين
وقدم فيها حسن مصطفى دور«ناظر المدرسة»، وتميز بخفة ظله المعهودة ومع النجوم الكبار واستطاع أن يسعد الجمهور بأدائه المميز وتظل إفيهاته وكلماته يرددها الجمهور حتى الآ، وشاركه البطولة النجوم سعيد صالح، عادل إمام، يونس شلبي، أحمد زكي، سهير البابلي وهادي الجيار، عبد الله فرغلي.
صدفة تمنحه الدور
ومن المفارقات العجيبة أن الفنان عبدالمنعم مدبولي، كان سيقدم شخصية الناظر، لكن أثناء عرض المسرحية في إحدى المدن خارج القاهرة، فرشح مدبولي حسن مصطفى ليقوم بدور«ناظر المدرسة» ، بدلا منه، وعندما تم تصوير المسرحية تلفزيونيا كان حسن مصطفى هو الذي يقوم بدور ميزه كثيرًا، وكان من بين أشهر أدواره في المسرح وفي الفن المصري بصفة عامة.
الأب «رمضان السكري»
و كان من الأدوار المتفردة للفنان حسن مصطفى أيضًا من خلال فن المسرح دور الأب «رمضان السكري» في المسرحية الشهيرة «العيال كبرت» مع نجوم الفن والمسرح المصري، كريمة مختار ونادية شكري، وثلاثة من فناني مسرحية مدرسة المشاغبين» هم سعيد صالح وأحمد زكي، يونس شلبي ، ومن تأليف سمير خفاجي وبهجت قمر عرضت عام 1979م، وإخراج الفنان القدير والمخرج سمير العصفوري.
شارك حسن مصطفي في أكثر من 25 فيلما منها:«الحرام، نار الشوق، أضواء المدينة، عفريت مراتي، نص ساعة جواز، يوميات نائب في الأرياف، الزواج على الطريقة الحديثة، غريب في بيتي، مولد يادنيا، حسن ومرقص، أفواه وأرانب، معلش إحنا بنتبهدل، الدادة دودي ، بنات العم، مرجان أحمد مرجان».
القاضي الظالم
وحقق حسن مصطفى نجاحًا كبيرًا من خلال مشاركته في الفيلم «يوميات نائب في الأرياف»، و المستوحى من قصة الأديب توفيق الحكيم، وقدم حسن مصطفى من خلال الفيلم شخصية القاضي «المتعجل»، الذي يريد الانتهاء من جميع القضايا قبل «الساعة 12» حتى يلحق القطار، ويسافر لأبنائه بالبيض والسمن والطيور، وفي مقابل ذلك كان يظلم الناس، ودار الفيلم في إطار الكوميديا السوداء، و التي حاولت أن ترصد أبرز مظاهر الفساد والظلم في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي .
مع الأستاذ فؤاد المهندس
قدم حسن مصطفى مع فنان الكوميديا النجم الأستاذ فؤاد المهندس العديد من الأفلام، منها «أرض النفاق»، والذي قدم من خلاله شخصية المدير المتسلط أحيانا والجبان أحيانا أخرى، وكان دائما في صراع مع قلمه الذي ظل طوال الفيلم يبحث عنه، وشارك أيضا في أفلام: «أخطر رجل في العالم، مطاردة غرامية، العتبة جزاز، و فيلم فيفا زلاطا».
في التلفزيون
شارك حسن مصطفى في العديد من المسلسلات التلفزيونية منها: «بكيزة وزغلول، أهلا بالسكان، البخيل وأنا، يتربى في عزو، ترويض الشرسة، رأفت الهجان، يوميات ونيس جزء 5، 6، من الذي لايحب فاطمة، أنا وأنت وبابا في المشمش، ملح الأرض، شيخ العرب همام، العميل 1001، عباس الأبيض في اليوم الأسود».
شارك في برامج ومسلسلات الأطفال من بينها مسلسل الأطفال الشهير «بوجي وطمطم»، وقدم برنامج من أشهر برامج التسعينيات في القرن العشرين «من غير كلام»
عُرف حسن مصطفى بطيبة قلبه ونقائه، وتزوج من الفنانة ميمي جمال في عام 1966 م، وأنجب منها نورا ونجلاء.
رحيل وأثر باق
ورحل الفنان القدير حسن مصطفى عن عالمنا في مثل هذا اليوم 19 مايو عام 2015 م، توفى عن عمر 81 عامًا، بعد أن ترك بصمة وأثرًا كبيرًا في تاريخ المسرح المصري والكوميديا والفن المصري والعربي بصفة عامة حاضرًا دومًا في ذاكرة وأذهان الجماهير.
