رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

المفاوضات مع الصين على الأبواب..و«تغيير اللهجة» طمأن الأسواق «مؤقتًا» «ترامب» يتراجع


4-5-2025 | 14:34

.

طباعة
تقرير: سلمى أمجد

حالة من الانتعاش تشهدها الأسواق العالمية بعد تكبدها خسائر فادحة فى الأسابيع الماضية مع إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تراجعه عن فرض رسوم جمركية مرتفعة على الصين، وإقالة رئيس البنك الاحتياطى الفيدرالى جيروم باول، وجاء هذا التحول فى اللهجة بهدف تخفيف حدة الحرب التجارية الدائرة بين واشنطن وبكين، وتخفيف الضغوط على سلاسل الإمداد العالمية، بعدما أحدثت التعريفات الجمركية واسعة النطاق زلزالًا فى الأسواق العالمية وأثارت قلق المستثمرين، ومع انفتاح الطرفين على التفاوض برز سؤال حول إن كانت تلوح صفقة كبرى فى الأفق بين أكبر اقتصادين فى العالم؟

«ترامب» صرح بأن معدل التعريفات الجمركية على الصين البالغ 145 فى المائة سينخفض بشكل كبير، لكنها لن تُلغى تمامًا، وأعرب عن تفاؤله حول التوصل إلى اتفاق تجارى عادل مع نظيره الصينى «شى جين بينج»، مؤكدًا أنه سيكون «لطيفًا للغاية»، فى تغير واضح عن نبرته العدائية المعتادة. كما أعلن أنه لا ينوى إقالة رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالي، «جيروم باول»، بعد أن انتقده مرارًا وتكرارًا لرفضه خفض أسعار الفائدة.

وقد أدى تفاؤل البيت الأبيض إلى رفع معنويات المستثمرين على نطاق أوسع ما انعكس على ارتفاع مؤشرات الأسهم الأمريكية، حيث سجل مؤشر «داو جونز» الصناعى ارتفاعًا بأكثر من 800 نقطة، كما صعد مؤشر «ستاندرد آند بورز» 500 بنسبة 2.7 فى المائة، وحقق مؤشر «ناسداك» المركب قفزة بنسبة 3.6 فى المائة، بينما ارتفعت أسهم شركتى «آبل» و«إنفيديا»، بنسبة 3 فى المائة و6 فى المائة على التوالى، بعد أن شهدتا عمليات بيع مكثفة فى الأسابيع الأخيرة، وصعدت أسهم شركة «تسلا» بنسبة 7 فى المائة بعد إعلان الرئيس التنفيذى إيلون ماسك أنه سيخصص وقتًا أكثر لإدارة الشركة ابتداءً من الشهر المقبل.

فى سياق آخر، تراجعت أسعار الذهب بعد وصولها لمستويات قياسية تبلغ 3500 دولار للأونصة، بينما ارتفع مؤشر الدولار الأمريكى بعد سلسلة من الخسائر، وشهدت العملات المشفرة صعودًا، حيث عاد البيتكوين للتداول فوق 90 ألف دولار. وعلى الرغم من ارتفاع أسعار النفط قليلاً، لكنها سجلت انخفاضًا أسبوعيًا، تحت ضغط توقعات السوق بفائض المعروض وعدم اليقين بشأن محادثات بين أمريكا والصين.

 وتدرس السلطات الصينية تعليق الرسوم الجمركية البالغة 125 فى المائة على بعض واردات الولايات المتحدة، حسبما نقلت وكالة «بلومبرج» عن مصادر مطلعة، بعد ظهور تقارير عن دراسة إدارة «ترامب» خفض الرسوم المفروضة على السلع الصينية إلى ما بين 50 فى المائة لـ65 فى المائة، وعلى الرغم من أن الإشارات تبعث على انفراجة محتملة فى الحرب التجارية المتصاعدة بين القوتين العظميين، فإن بكين سارعت إلى دحض تأكيدات «ترامب» بأن المفاوضات جارية، ما زاد من علامات الاستفهام إذا ما نحن بصدد رؤية اتفاق تجارى بين الجانبين فى الزمن القريب أم لا.

 وجاء التغيير الملحوظ فى لهجة «ترامب» بعد يوم من لقائه الخاص فى المكتب البيضاوى مع الرؤساء التنفيذيين لأربع شركات أمريكية كبرى للبيع بالتجزئة، والذين أعربوا عن مخاوفهم بشأن التداعيات الاقتصادية المتزايدة لسياسته الجمركية، وما أحدثته من حالة من عدم اليقين فى الأسواق المالية. وحذر قادة الأعمال من أن رفوف المتاجر فى جميع أنحاء أمريكا قد «تفرغ قريبًا»، وفقًا لما ذكره شخصان مطلعان على الاجتماع لشبكة «سى إن إن».

وفى هذا السياق، قال الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب، الخبير الاقتصادي، أن «الجميع يعرف أن الصين بدأت تسحب جزءًا من استثماراتها فى سندات الخزانة الأمريكية، وبعض المصانع الصغيرة المختصة بصناعة الرقائق الإلكترونية الخاصة بالسيارات توقفت عن العمل، هذا فضلًا عن تراجع قيمة الدولار بشكل كبير أمام عدد كبير من العملات العالمية، بجانب البيان الذى أصدره صندوق النقد الدولى والذى حمل مؤشرات متشائمة للاقتصاد العالمى والأمريكي، وهذه العوامل جعلت مجتمع الأعمال يلتقى بـ«ترامب» وعدد غير قليل من أعضاء فريقه للحديث عن هذه المخاوف نتيجة تصعيد هذا الصراع، ما دفع الرئيس الأمريكى إلى إعادة التفكير فى أسلوب إدارته للسياسات والقرارات بما فيها الرسوم الجمركية وأثرها على الاقتصاد. والتذبذب الكبير فى سوق أونصة الذهب من 3500 دولار ثم التراجع إلى 3380 دولارًا يؤكد وجود حالة من عدم اليقين فى العالم.

«عبدالمطلب»، لفت إلى أن «قرارات ترامب القادمة ستكون إلى حد ما مدروسة أو بالتشاور مع فريقه، كذلك تغيير لهجته مع رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى أكدت أنه لا يوجد أى سند قانونى أو دستورى يمكن رئيس أمريكا من التحكم فى قرارات الفيدرالي، ناهيك عن عزل رئيسه، ومن هنا تبرز ميزة ترامب وهى أنه رجل نفعى يبحث عن المصلحة أينما كانت، والعناد ليس من سماته؛ فهو بمجرد التأكد من أنه يبدأ فى معركة خاسرة يتراجع، لكن السؤال المهم: هل يعود لسابق عهده وقراراته المربكة للاقتصاد؟.. للأسف -كما قال ترامب نفسه- لا أحد يستطيع أن يتكهن بقراراته».

بدوره، أوضح الخبير الاقتصادي، الدكتور محمد البهواشى، أن «ترامب» عادة ما يتخذ إجراءات ذات سقف عالٍ فى الأفعال، وينتظر ردود الأفعال حتى يصل إلى منطقة التفاوض، وإلى نقطة أبعد عن رؤيته، أو على أقل تقدير النقطة التى وضعها فى حساباته بالأساس، فهو يتفاوض بشكل رأسمالى وليس بشكل اقتصادى، وخلال الفترة التى شهدناها منذ توليه الحكم دائمًا ما تكون ردود الأفعال ضعيفة من خلال تراجع الحكومات عن أى رد فعل تتخذه، لكن لا شك أن رد فعل الصين أثر بشكل كبير، حيث أصبحت هناك موجة تضخم، والمواطن الأمريكى استشعر القلق، وبدأ بسحب السلع الأساسية بسبب توقعه أن الفترة القادمة ستشهد ارتفاعا فى الأسعار، كما توقفت عدة خطوط إنتاج نتيجة عزوف الشركات عن استيراد المدخلات المستخدمة فى التصنيع بالرسوم الحالية وتسريح العمالة ما تسبب فى زيادة معدلات البطالة، وأصبح الفيدرالى الأمريكى، الذى كان يتخذ خطوات تخفّض من سعر الفائدة لتشجيع الاستثمار، أمام خيار تثبيت أم تخفيض أم رفع الفائدة فى اجتماعه المقبل، والأغلب هو التثبيت وإن كان يفضل تخفيض سعر الفائدة.

وأكد «البهواشى» أنه فى النهاية سيرفع الرسوم الجمركية وبعض الدول سترضى. فهو رفع 34 فى المائة أساس على الصين. ولو وصلت لـ20 فى المائة سيكون جيدا، والصين فقط مَن تقف عثرة أمامه، أما بقية دول العالم إن فرض عليها 10 فى المائة وأصبحت 5 فى المائة فستكون الأمور بالنسبة لها على ما يُرام، وبالطبع أيًا كان أسلوبه، فهو وضع العالم فى حالة من عدم اليقين.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة