رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

٦٠ عامًا نفرح بأغنيته عبدالعزيـــز محمـــود


22-3-2025 | 03:01

.

طباعة
بقلـم: نجوان عبداللطيف

«مرحب شهر الصوم مرحب.. لياليك عادت فى أمان.. بعد انتظارنا وشوقنا إليك جيت يا رمضان»

أغانٍ تزف إلينا مجيء شهر رمضان، تجاوز عمرها ستين عامًا «عام 1966»، ومع ذلك ما زالت تتردد على موجات الإذاعة وفى محطات التلفزيون المصرية والعربية، وعلى الرغم من أن هناك أغانى جديدة احتفاءً برمضان، فإن الأغانى القديمة هى المتداولة على لسان العامة، ولا ننكر أن بعض الأغانى الجديدة جيدة كلامًا ولحنًا وغناءً مثل أغنية محمد منير«وحوى يا وحوى مرحب رمضان» كلمات نبيل خلف وألحان وليد سعد، وأغنية حكيم «رمضان كريم».

 

ستون عامًا عاشتها وما زالت أغنية «مرحب شهر الصوم» التى غناها ولحّنها عبدالعزيز محمود، وكتب كلماتها الشاعر محمد على أحمد فى عام 1966، وتقدم الشاعر حسن الشجاعى رئيس قطاع الموسيقى والغناء بالإذاعة الذى أُعجب بها واختار عبدالعزيز محمود لتلحينها وغنائها.

لماذا ما زالت الأغنية حية وتتردد حتى الآن؟ ولماذا يقوم مخرجون فى العشرينيات أو الثلاثينيات من عمرهم باستدعاء تلك الأغانى وإعادة تقديمها تلفزيونيًا ويستخدمونها كفواصل بين الفقرات فى الشهر الكريم؟

المسألة ليست مجرد ذكريات مرتبطة بالأغنية ولمَن عايشوا انطلاقها، هى رائحة زمن ومبدعين معجونين بتراب القرية والحارة والأرض، محمد على أحمد شاعر السهل الممتنع كل ما كتبه نجح ووصل للناس بسهولة، هو من أجمل مَن ربط بين الأماكن والمشاعر مثل أغنية «يا رايحين الغورية» لمحمد قنديل، و«بين شطين ومية»، وتنساب مشاعر الحب من أغانيه العاطفية برقة وعذوبة كما فى أغنيات عبد الحليم حافظ «على قد الشوق» و«أحن إليك» و«لا تلمنى» وغيرها، وكتب لعبد الغنى السيد أغنيته الشهيرة «البيض الأمارة» ولهدى سلطان «لامونى».

الشاعر محمد على أحمد يستحق أن نفرد له مقالًا لاحقًا، أما اليوم فنحكى عن عبدالعزيز محمود مغنى وملحن «مرحب شهر الصوم»، نتكلم عن فنان تكوينه مزيج من ربابة الصعيد فى قرية الفرجان بسوهاج مسقط رأسه، وموسيقى السمسمية التى عايشها فى بورسعيد فى صباه، والموسيقى الغربية التى كان يستمع لها من المراكب التى كان يعمل بها «بمبوطى»، هذا المزيج الفريد كان وراء إبداع عبدالعزيز محمود.

عبدالعزيز محمود.. مطرب وملحن من مواليد محافظة سوهاج عام 1914، غادر الحياة فى عام 1991، ورغم أن آخر ظهور فنى له كان عام 1980 فى فيلم «بياضة»، فإنه ترك خلفه حوالى 2000 لحن، ما بين أغانٍ وأوبريتات فى السينما والإذاعة، وتترات برامج ومسلسلات وإعلانات، بخلاف عدد من الأفلام الغنائية.

حكاية عبدالعزيز محمود قصة كفاح وإبداع وفن وصدق، كان محمود يحبّ الغناء، ويسير وراء شاعر الربابة فى قريته الصعيدية، ويحفظ المواويل التى ينشدها المغنون فى الأفراح، ويغنيها وسط أقرانه، تُوفى والده وهو وشقيقه ما زالا طفلين، وعلى الرغم من أنهم من أسرة ميسورة، فإنهم اضطروا لترك الصعيد هو وشقيقه وأمه وأسرتها بسبب مشاكل الميراث وسافروا لبورسعيد، حيث عمل محمود عبدالعزيز «بمبوطى» فى شركة شيل الأجنبية للشحن والتفريغ، وكان يجمع زملاءه ويغنى لهم، ونبّهه ملاحظ العمال، للتوقف عن الغناء أثناء العمل، وفى أحد الأيام زوّغ هو وبعض من زملائه وركبوا «لانش» فى البحر، وظل يغنى حتى فاجأهم الملاحظ الذى تابعهم بلانش آخر، وحاول عبدالعزيز محمود الهروب قبل أن يراه فقفز فى البحر، لكن للأسف جذب اللنش أحد ساقيه تحته، فكانت النتيجة فقدان عمله، وفقده أحد ساقيه، مما اضطره لتركيب ساق صناعية، وأصبح لا يستطيع العمل كبمبوطى، وكانت تلك نقطة التحول فى حياته حيث أصبح الغناء فى الأفراح والحفلات هو مصدر رزقه، واشتهر فى بورسعيد، وأثناء غنائه فى أحد الأفراح، سمعه مدحت عاصم الملحن ورئيس الرقابة الموسيقية فى الإذاعة، فأُعجب بصوته ونصحه للسفر إلى القاهرة، حيث آفاق أرحب، إذا كان يتطلع لأن يكون له وزن فى الفن وقد كان، وتم اعتماده فى الإذاعة، وبدأ مرحلة الصعود بثقة، ولحّن له مدحت عاصم ورياض السنباطى وزكريا أحمد ومحمد القصبجى، وذلك فى البدايات ولكن فيما بعد كانت كل أغانيه من تلحينه، والتقطه المخرج سيد زيادة، وأقنعه بأن يشارك بالغناء فى فيلم «عريس الهنا» عام 1944 وتكرر ذلك مما ساهم فى شهرته، إلى أن غنّى فى فيلم «قلبى دليلى» بطولة ليلى مراد وأنور وجدى، أغنية «يا نجف بنور يا سيد العرسان» كانت الانطلاقة والشهرة، وأصبح أهم مطرب مطلوب فى الأفراح، وكان الملك فاروق يطلبه بالاسم فى حفلات السرايا، كما غنّى فى فرح أنور السادات بناء على طلب العروس جيهان السادات.

وعلى الرغم من أنه ليس «جان» بالمقاييس المعروفة، إلا أنه أصبح بطلًا للعديد من الأفلام، منها «منديل الحلو»، وتقاسمت البطولة معه تحية كاريوكا، و«تاكسى الغرام» مع هدى سلطان و«شباك حبيبى» مع نور الهدى و«لهاليبو» مع نعيمة عاكف، شارك عبدالعزيز محمود فى حوالى 40 فيلمًا، وعلى الرغم من أنه جاء فى زمن يتربع فيه محمد عبد المطلب على قمة الغناء الشعبى، فإن عبدالعزيز محمود استطاع أن يجد لنفسه مكانًا على تلك القمة، وكملحن غنت له شادية وهدى سلطان ونور الهدى وفايزة أحمد ونعيمة عاكف، حيث لعب دورًا فى دخولها لمجال الفن بعد أن شاهدها فى سيرك عاكف. وأسس عبدالعزيز محمود شركة للإنتاج السينمائى أنتج من خلالها 4 أفلام منها «تاكسى الغرام»، وكانت ألحان عبدالعزيز محمود شديدة الثراء، من أغانٍ شعبية إلى عاطفية إلى وطنية، بخلاف الاستعراضات والأوبريتات فى الأفلام والبرامج الغنائية فى الإذاعة، وكان لعبد العزيز محمود السبق فى تقديم الإعلانات المغناة، والتى حققت جماهيرية رهيبة، مثل إعلان «أنا الميلامين.. أنا جامد ومتين.. أنا بدل الصينى» وإعلان «جبنة نستو سهلة تعمليها ساندوتش» وإعلانات للتوعية «ست سنية سايبة المية ترخ من الحنفية» و«مصر للتأمين» وكانت لديه قدرة على أن يقدم لحنًا متكاملًا فى دقيقتين أو ثلاث كما قال عنه عبدالحليم حافظ فى أحد البرامج، كما كان له 4 ألحان فرانكو أراب منها «لوليتا» الأكثر شهرة.

وتتميز ألحان عبدالعزيز محمود ببساطتها، وبقدرته على التعبير عن الكلمات، وكما كان مشهورا عنه خفة الدم، كانت أغانيه مبهجة وخفيفة الروح وراقصة، وكان له حضور كبير على المسرح، وقادرا على أن يجعل الجميع يتمايل على أنغامه.

كان والدى محبًا لعبد العزيز محمود، وأصرّ على أن يحيى فرح شقيقتى الكبرى فى نهاية السبعينيات قبل أن يعتزل بقليل، واستطاع أن يشعل الفرح طربًا ورقصًا، ويشيع البهجة لدى الحاضرين مع اختلاف أعمارهم.

المعروف عن عبدالعزيز محمود حبه للحياة والاستمتاع بها، تزوج من 4 سيدات، وأنجب منهن 7 أبناء، وتعرض لقضايا نفقة، وحكم القاضى لإحدى زوجاته بنفقة 300 جنيه فى الشهر، وهو مبلغ ضخم فى ذاك الوقت.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة