دون ملل علىّ يسطو.. دون أمان نحوه أسير.. فى نزهة من عقل لمجون؟!.. أسترق السمع والبصر فى فتون.. بأفكار ورؤى فى اشتعال.. بصيحة إكبار تحفز النفس.. بتعويذات سحر تقرأ على القلب المغدور والعقل المسلوب.. يخرج المارد بزوبعات الأفكار وصيحات الجنون.. صوت يعلو وصمت يتلاشى.. ما عاد للرضوخ مكان.. لذوات أحرقت تحت أقدام نفس تحللت من العلل وصار للفوضى عويل يرعب القلوب.. بريح هوجاء صار اليقين سائرا وبالوعيد حاملا قسوة لغرابة وربما غرور؟!.. حان وقت زئير الحياة بانقلاب على خنق نفس بزيف طال.. بخروج يلتهم كل عذر لهزيمة؟!.
سقط المعنى وحارت مرادفاته؟!.. لكنى تجاوزت مفردات تستوعب ما تحمله نفسى من فوضى.. ربما انتهاكات تحت مسميات وأعذار عديدة؟!.. من تباطؤ وتكاسل.. من رعونة وحماسة.. من تحمل أفعال من المروءة والكرم والحب؟!.. دفعت لأفخاخ وما جنيت غير استنزافات واستمرار فى صفقات متسلقة نحو وهم وهبوط؟!.
تتعلم وما زلت لا تتعلم؟!.. ترفع القيمة لباطل سعى واقتنص وتحسر على حق تكاسل وانتظر المعجزة الإلهية ليظفر؟!.. يتكلم ويفتقر كل معانى التصويب والتغيير؟!.. يحمل من الأسباب ويفتقر التصورات الدافعة للأفضل؟!.. يملك البصيرة ويعدم السلوك؟!.. يمتلك يقين التوقع ويجابه بالهروب.. يلاحق نفسه بنفسه ويلاحقه كل مستفز بالخنق والكبت، فتصير دواخله أشبه بالحفلات التنكرية؟!.. يراهن الخاسر بواقع يهاجمه بقوة فى فوضى ومحنة.. يحيا الخلل الكامن بين الحياد والنقيصة.. بروح تنتحب وتستهلك وتنتهك من فرط صراع وتنازع.. وأخرى يصيبها الجزع واللؤم بنفس الهزيمة؟!.. منْ أخذ أصيب؟!.. ومنْ اغتصب أصيب وما بلغ أحد الحياد والطمأنينة؟!.. كل ناقص مجتزأ بين المعقول واللامعقول؟!.
نترنح بالجنون بين نمطى وغريب الأطوار يعلو على أعراف الملل والروتين.. بتساؤل كيف تنشأ هذه الحالة؟!.. باقتناع أو بدونه.. حالة وجدانية لا تملك تلابيبها ولا تملك إشارة البدء.. نحمل إليها لنكسر أشياء تقيدنا من كل شىء يعصف بنا.. خيبات.. حنين..
ذكريات فى عشوائية وفوضى.. نقبل عليها بكل عبثية؟!.. نحمل المخاوف دون حذر من الاقتراب.. دون حواف نحتمى بها.. بل نحن منْ نهرول إليها؟!.. نحمل اللهفة والرغبة فى الشفاء؟!.
ندور فى أفلاك أنفسنا فيشتد الدوار.. وحيدون دون تريث بين حزن وفقد وامتلاء.. صدمات جعلت منا هذه الحالة وخلقت فينا عدم الاكتراث؟!.. قدر ولعنة تلاحقنا.. يتقاذفنا الجموح.. يقتحمنا دون استئذان.. محملين بذنوب وخطيئة ودنس من الأسرار المخفية فى تقافز.. ربما أحرقنا أنفسنا أو ربما نحرق ما بأنفسنا؟!.. أرواح تحشر فى شيطان التفاصيل بسيريالية العشوائية.. نتعاطى فى عذابات ربما معها ذهبنا للجحيم؟!.. أو ربما خلف عيوب نتدثر لنعود شامخين؟!.. نتحدى واقعا يرفضنا وبحذر نخفى زلاتنا.. فى أى مواجهة تربكنا وأوقات عصيبة.. أو قد نستسلم لضعف أنفسنا.. نقابل مساحات الخطأ والنفاق والتملق داخلنا.. ببوح وضجيج ربما اغتلنا أنفسنا أو ربما تغلبنا على مخاوفنا؟!.. بطيش غير محسوب العواقب نكون حلقات التناغم ولو حتى بالاختلاف لتجنب لعنتها.. لعالم صار اختيار وجودى لا يحتمل التنازل عنه أو تجاهله.. فتدرك أنفسنا تلك العلائق وتتجاهلها وتنكرها فى ومضات وزيارات غالبا تكون مفاجئة نتيجة للتراكم والكبت من فرط ضغوطات الحياة والآخرين.
وقد ننتبه لانزلاق أنفسنا بعيدا عن التماسك والاستسلام للذة الغفوة.. نندفع متسائلين: أين نحن من أنفسنا ومن واقع لم نفلح فى تحقيق شىء يذكر معه رغم أننا توقفنا عن المقارنة بيننا وبين غيرنا؟!.. بين منْ وصل ومنْ تعثر؟!.. بين منْ عانى وبين منْ رفض الثمن الباهظ ؟!.. ولو بقدر خلق لدينا التعثر والفشل بمقاليد الواقع؟!.. نتقزم وننتفض ونرفض ونطلب نفس المكاسب أو نتجمد فى أماكننا.. بجبن أو بمجابهة؟!.. كل ما نستطيع فعله هو الكلام والحديث البالى الذى قد تسأم منه حتى أنفسنا.؟!.
وسط واقع يتخذ منحنى يشتد خطورة كلما تقدمت أعمارنا ووهنت عزائمنا نندفع نحو الهجرة بحالات شتى قد تدفع لضيق أشد أو حالة من الانفلات؟!.. وعبثا نحاول التقاط طرق النجاح وننسى أننا صرنا فاشلين.. ابتعدنا كل يوم عن الوصول إليه وما أصبحنا عليه هو التعبير عن حالات اليأس بقتل أنفسنا التى عكفت الكهوف سنوات طويلة.. تجاهلت معها قانون الحياة.. وصارت معها مسرحا لكل غريب دون تصد أو مقاومة.. تتأهب أو لا تتأهب للانفجار وتساقط أجزائها أيا كانت الإصابات.. هكذا نلتقى بأريحية بكامل إرادتنا وعاطفتنا وانهماكنا، فما عدنا نقدر على التحمل وتلفيق الأكاذيب.. وما عدنا نقدر على صياغة صكوك غفران حتى الصمت صار غير مقبول فى حالتنا؟!.. صرنا نثرثر لنخرج مكنون لغات غير مفهومة واستعراض القوة الهشة.. متفرجون على واقع نعجز على أن نكون جزءا منه بلا استنكار أو حياد.. ربما نهضنا من الحضيض وربما صرنا نحن الحضيض؟! .
قد تكون حالات متقطعة وقد نكمل هكذا لكنها حالة لابد منها لا نتحسس بها أية معاناة؟!.. فنحن المعاناة نفسها حتى ولو حققنا مكاسب سلبت منا سعادة أو راحة أو احتراما لذواتنا أو حتى تضحيات أفقدتنا ما يعز على النفس فقده؟!.. حالات تترك بأعقابنا ما يشعل المعاناة والعنت ويجعل القلق والحزن دافعا لحالات الجنون والهذيان التى قد تكون مريحة فى بداياتها خبيثة تملكنا لدرجة عدم القدرة عن التملص منها؟!.. الكل فى منحدر على حوافه أو مشارفه يخشى السقوط أو قد يسقط منتحرا ظانا أنه يعبث وقتما يشاء؟!.. فعقولنا أول الأشياء التى تتبرم من سلوكنا الضاغط عليها، وهى من تغرقنا بالأنين المختلط بين القلب والعقل.. وهى ما تغرس فى نفوسنا الاستياء والتعاسة.. وهى ذاتها التى تدفعنا للصبر وللصبر حدود، فالذات لا تصمد كثيرا أمام مرارته حتى ولو صارت جزءا منه؟!.. فهى كفيلة بالقضاء عليه بالموت البطىء.. قد تتسلل لحظات الجنون فى مفاجأة بمصارعة الأمل حتى ولو كان ميئوسا منه؟!.. نذرف الدموع وننهمر فى البكاء فى خضم الأسرار المنهارة.. فى ضجيج التحمل نخطف السكينة ومظاهرها.. نفزع ونكشف عن جراحنا التى ضنت بها الأعماق. فى رغبة مماثلة ومشابهة بين الجميع هى النهاية لما نحن عليه بعدما عجزنا عن اللحاق بقطار أحلامنا.. ونتساءل: هل علينا أن نحيا هكذا؟!.. ألا يقصر بنا المطاف بصور لمقاصد أرهقنا الوصول إليها؟!.. فلم يعد أمامنا غير تخوم الجنون سبيلا لننتقل من مأساتنا إلى راحة بعدما خارت قوانا؟!.. اختلط الحلم بالحقيقة وما عدنا نفعل شيئا غير اللعنة فى علة وتوجع وقهر؟!.. نتحدى ونهزم وننتصر؟!.. ربما ينقشع غبار الأمل لمعركة أصرت على مناكدة النفس دون سلامة العيش؟!.
قد تكون حالة تمزق من عجز.. نسابق أوجاعا تكالبت علينا من فوهة خزائن النفس حملت واستعجلت وكأن يوما عليها الهجرة بلون حتى ولو بوساوس وفوضى؟!.. صوب الهلاك أو النجاة؟!.. لحظة اندلاع لمكنون يعانقك ولا تعلم ماذا يصيبك وكيف الخروج والالتفات عنه؟!.. سلامة وجودك لا تهمك.. فكل شىء داخلك فقد صلاحيته.. واقع أصابك بالضعف والهوان وما عاد الانسحاب والاختفاء يهم.. إحباط وغيظ وحتى الأسف صار لا يهم.. فالمهم الكشف عما لم تعد تطيقه.. حالة من الاحتراق الذاتى دون خطط للخروج، فقد امتلأت النفس بالاختلافات والمخاطر والخوف ولم يعد لديها سوى هذه الحالة كسفينة للنجاة.. ربما تلاقى حياة أخرى بظروف جديدة تغير مجرى حياتها.. ورغم الهرج والمرج الذى تموج به نفوسنا.. ما زلنا نبحث عن دليلنا الداخلى.. توسط.. اعتدال.. تضحية.. انتظار تألم يعقبه تألق؟!.. بحث دائم عن الحلم الضائع؟!.. قد نعلن الحداد وقد لا نكف عن الصراخ؟!.
نتحدى أنفسنا دون ليونة بعدما سئمنا الموجود التقليدى بنتائجه السلبية.. ربما انقلب الحال بفعل يطويه وربما كانت الفوضى والهوس.. فما عادت النفس ترأف بأوجاعها أو ربما أعيد تشكيل آهاتها أو ربما ساكنها السلام؟!.. لا أحد يعلم أية جناية سيكون عليها؟!.. بعدما صار للنفس ترصد بأفكار تدور حول محور الهوى دون رغبة فى درب آمن فحسب.. غرق فى التيه والتشابك؟!.. لا تخفى ولا تبقى ولا تهادن ولا تعافى ولا تغفر بالصمت ولا تماسك علَّها نهاية المطاف؟!.
لقلب أرهقه المستحيل.. ربما صارت الآهات دواء؟!.. وربما أفرغ المرض وترجل بعيدا.. ربما هنأت النفس بضلوع تكسرت.. ما عادت تقوى على علاج جراحها أيا كانت قاعدة اصطبارها.. من هشاشة أو قسوة.. فالقلب ما عاد يبغى السكن ولا العقل عاد يرضيه الحل.. إنما يبغى معانى تبالى بما صار إليه وبشرى فيض يغير ما هو عليه؟!.
اليوم أطلق سراح نفسه.. علَّل الفكرة وحرر مساراتها.. فى عشوائية تتصارع ورغبات تتجامح وهلوسات تعيد إليه الحياة بأنه القادر على الصراخ والعويل.. ما زاده الجنون غير عقل كشف المستور.. يتماسك ليصل أعالى السماء.. بمعايير التفضيل ونزعة المهووس لم يعد يهمه قيود المسميات ولا تأويلات المعنى.. قدر عليه أن يحيا غريبا رافضا كل رمزية ونسبية.. لم يعد القبح يستفزه ولا الجشع يحزنه.. توقف عن الصدمة والدهشة.. ولم تعد الحيرة تفنيه ولا تعنيه؟!.. لم يعد الضحية ولم تعد الأرض تضيق عليه بما رحبت.. عانق الرحابة وأطياف الحياة.. عاد لصراحته وشجاعته بعنفوان الجنون.. توقف عن الندم والتساؤلات وصار يتقبل الواقع السخيف ولم يعد يستغيث من غير منطق؟!.. تقبل الوحدة حتى ولو كان مغرورا؟!.. لم يعد يعنيه المجهول.. ينام وقتما يشاء ويصحو وقتما يشاء.. لا شىء يأخذ من وقته.. ولم تعد الكلمات تجدى ولا الفرح يعنيه ولا الحزن يؤثر.. تقلبات المزاج لا وجود لها فهو الثائر بكل الأمزجة؟!.. بلا ضيق يواجه الحياة بعين لا تراه.. بعدما أصبح كل شىء جائزا وكل شىء ممكنا.. لا بأس فالكل فى ثبات كاذب لا يدعمه سوى نفسه؟!.