ضمن برامج وزارة الثقافة الهادفة إلى دعم قضايا الطفولة وبناء الوعي المجتمعي، وبرعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، نظمت الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، فعاليات الدورة الأولى من ملتقى "بناء الوعي للطفل والأسرة.. ثقافة الحماية نحو طفولة آمنة"، بالتعاون مع المجلس الأعلى للثقافة، بأمانة الدكتور أشرف العزازي.
أدار فعاليات الملتقى الدكتور أحمد مجدي حجازي، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب، بجامعة القاهرة، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والمتخصصين، واستهله بكلمة رحب خلالها بالحضور، موجها الشكر إلى وزير الثقافة، ورئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، والأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة وجميع المشاركين، تقديرا لجهودهم في دعم هذه الفعالية المهمة.
أعقب ذلك محاضرة بعنوان "سياسات المواجهة والمسارات الوقائية نحو طفولة آمنة"، تحدثت خلالها د. جيهان حسن، مدير عام الإدارة العامة لثقافة الطفل والمشرف العام على المشروع الثقافي للمناطق الجديدة الآمنة، عن أهمية الوعي الذاتي والوعي المجتمعي، مشيرة إلى أن وعي الطفل يتشكل من خلال منظومة متكاملة تشمل الثقافة والأسرة والمدرسة، ووفقا لأهداف التنمية المستدامة، من أجل إعداد جيل جديد يتمتع بوعي ذاتي ومجتمعي يضمن له طفولة آمنة.
وأضافت "حسن" أن ثقافة الحماية تمثل مدخلا أساسيا لبناء الوعي لدى الطفل، لافتة إلى أن الاستراتيجية الوطنية تعتمد على سبع ركائز رئيسية، من بينها تفعيل التشريعات للحد من العنف البدني، وتعزيز ثقافة حماية الطفل من العنف، ودعم الوالدين ومقدمي الرعاية، والتمكين الاقتصادي، وتوفير خدمات الاستجابة والدعم والرعاية النفسية، والتعليم ومهارات الحياة، إلى جانب آليات تنفيذ مكثفة تشمل الاستفادة من تطبيقات الهواتف الذكية لرصد بعض المشكلات المجتمعية.
وأكدت أن مؤسسات الدولة تحرص على التكاتف لمناهضة العنف ضد الأطفال، موضحة أن بناء الوعي هو الخطوة الأولى لبناء إنسان واع قادر على مواجهة مختلف أشكال العنف، مع أهمية التدخل المبكر في القضايا الملحة، وترسيخ ثقافة الحياة من خلال الطفل والوالدين معا.
كما تطرقت إلى دور الفن والإبداع والمعرفة في بناء الوعي، من خلال القصص وورش التعبير الفني التي تساعد على فهم مشاعر الأطفال، إلى جانب المسرح التفاعلي والمسابقات الإبداعية والبرامج التوعوية لنشر ثقافة الحماية وحقوق الطفل، مع التأكيد على توصيل الرسائل دون تخويف، وكسر حاجز الخوف، وبناء الثقة لدى الطفل، وتعزيز دور الأم والأسرة، وتكامل الأدوار بين مؤسسات الدولة، ومنها مبادرات مثل "طفل واعٍ" بالتعاون مع المجلس الأعلى للثقافة.
أعقب ذلك محاضرة بعنوان "بناء الوعي والهوية الثقافية"، للدكتورة أمل حسن فراج، مدير مركز البحوث والدراسات الاجتماعية بكلية الآداب جامعة القاهرة، ناقشت خلالها مفهوم الوعي في ضوء حقوق الطفل والطفولة الآمنة، وموضحة أن فهم الحقوق يمثل الخطوة الأولى لبناء الوعي.
كما استعرضت دور الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام في تشكيل وعي الطفل، إلى جانب الاهتمام الدولي والمحلي بحقوق الطفل، كما ورد في اتفاقيات الأمم المتحدة وقانون الطفل المصري، خاصة المادة (92) المتعلقة بحماية حقوق الطفل وإعادة تأهيله.
كما تناولت أهمية الأمان الجسدي والنفسي، وقبول الاختلاف، ومواجهة التنمر، وإتاحة حرية التعبير، محذرة من الآثار السلبية لغياب هذه الحقوق، واختتمت حديثها مؤكدة دور الوسائط الثقافية الرقمية في تشكيل وعي الطفل، وضرورة توظيف الفنون لبناء هوية ثقافية متزنة تعزز قيم الانتماء وتقبل الآخر.
من ناحيتها، أكدت الدكتورة سهير صفوت، رئيس قسم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس، خلال ورقة بحثية بعنوان "التحليل الاجتماعي لآليات الحماية والدعم الأسري"، أن الحديث عن طفولة آمنة يستلزم بالضرورة الحديث عن أسرة آمنة، مشيرة إلى أن الطفل يحتاج إلى الاستقرار العاطفي والشعور بالأمان والحب غير المشروط، والقدرة على التعبير عن ذاته، مع أهمية الإصغاء إليه وفهم سيكولوجيته، وتطبيق الرقابة الذكية، والاحترام المتبادل بين الوالدين، والهدوء في التعامل، بما يضمن حماية الطفل قبل وصوله إلى مرحلة المراهقة.
وتناولت الدكتورة أمل شمس، أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية، جامعة عين شمس، محور "البيئة المدرسية الآمنة لحماية الطفل"، حيث ناقشت في ورقتها البحثية التحديات التي تواجه الأسرة والمدرسة في ظل التحولات الرقمية، مشيرة إلى تأثير الهواتف الذكية على الأطفال، وظهور ما يعرف بجيل"ألفا"، وما يصاحبه من تشتت وضعف الانتباه ومسخ الهوية، مؤكدة أهمية التوعية الأسرية، وتفعيل الأنشطة الرياضية والثقافية، وإعداد المعلم بشكل جيد، والعمل ضمن مبادرات مشتركة بين المؤسسات لتحقيق أهداف رؤية مصر 2030.
أما الدكتور أحمد رشاد أستاذ علم الاجتماع والمشرف على برنامج بحوث الشباب بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ناقش موضوع، "سبل الحماية والمواجهة للأطفال في العالم الرقمي"، مشيرا إلى مخاطر الإفراط في استخدام التكنولوجيا، وعلى رأسها الهواتف الذكية التي تعد سلاحا ذا حدين، موضحا أن الإفراط في استخدامها يؤدي إلى العزلة والقلق والاكتئاب، داعيا إلى تطبيق الرقابة الذكية، وترشيد استخدام الأجهزة، ورفع وعي الأسرة، والاستفادة من التكنولوجيا في تنمية المهارات بدلا من ترك الأطفال دون توجيه.
وتواصلت فعاليات الملتقى مع عرض فيلم تسجيلي توعوي لثقافة الحماية لطفولة آمنة، أداء صوتي أماني سعد، بالإضافة إلى مجموعة من الورش الإبداعية الموجهة للأطفال، شملت ورش رسم وعلاج بالفن، بهدف توصيل الرسائل التوعوية بأسلوب إبداعي مبسط، باستخدام الألوان المائية والأكليريك، تنفيذ الفنانة فاطمة تمساح، وورشة فنية للاحتفال بالعام الجديد تنفيذ سارة علي، وأخرى لتصميم لوحات عن مظاهر الاحتفال برأس السنة تنفيذ نجوى عبده.
أقيمت فعاليات الملتقى تحت إشراف الإدارة العامة لثقافة الطفل، وضمن برنامج الإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة د. حنان موسى، واختتم بعدد من التوصيات، من أبرزها تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني، الاستثمار في الوقاية، ودعم الوالدين، وتفعيل الحوار داخل الأسرة، وتطوير المناهج التعليمية بما يعزز الهوية والثقافة المحلية، مع التعريف بدور الإعلام في مكافحة التنمر والعنف الرقمي، وتشجيع البحوث النفسية والاجتماعية المعنية بقضايا الطفولة.
جاء ذلك بحضور عدد من طلاب مؤسسة التثقيف الفكري بمصر القديمة، ومجمع الخدمات المتكاملة بالأسمرات.