رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

علي إسماعيل.. صانع الهوية الموسيقية الحديثة ومكتشف نجوم القرن العشرين

28-12-2025 | 09:19

علي اسماعيل

طباعة
ياسمين محمد

تحل ذكرى ميلاد الموسيقار الكبير علي إسماعيل، أحد أبرز رواد الموسيقى في مصر خلال القرن العشرين، والذي ترك إرثا فنيا ضخما لا يزال حاضرا في الوجدان المصري والعربي، لم يكن مجرد ملحن أو مؤلف موسيقي، بل كان مؤسسا لمدارس فنية وفرق موسيقية، ومكتشفا لنجوم صنعوا تاريخ الغناء والاستعراض، ليبقى اسمه علامة فارقة في مسيرة الموسيقى الحديثة.

ولد الموسيقار علي إسماعيل في 28 ديسمبر عام 1922 بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، ونشأ في بيئة فنية خالصة، حيث كان والده، إسماعيل أفندي خليفة، قائدًا لفرقة الموسيقى العسكرية الملكية. انتقلت الأسرة إلى السويس عقب انتداب والده للعمل هناك، ليقضي علي إسماعيل جزءًا من شبابه بالقرب من كورنيش السويس القديم.

تلقى تعليمه الأساسي بمدارس السويس، وتخرج في مدرسة السويس الثانوية الصناعية البحرية ببورتوفيق، ثم التحق بالجيش المصري عام 1938 بعد حصوله على الدبلوم، وخلال فترة تجنيده نجح في الالتحاق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى، ليبدأ رحلته الحقيقية مع الاحتراف.

جمع معهد فؤاد الأول للموسيقى علي إسماعيل بعدد من الأسماء التي أصبحت لاحقا علامات في تاريخ الغناء والتلحين، حيث كان زميلا للعندليب عبدالحليم حافظ، وضمّت دفعته موسيقيين بارزين مثل كمال الطويل، أحمد فؤاد حسن، وفايد كامل، في جيل أسهم بقوة في تشكيل ملامح الموسيقى المصرية الحديثة.

عمل علي إسماعيل عازفا لآلتي الساكسفون والكلارنيت مع عدد من الفرق الموسيقية الشهيرة، من بينها فرقة الأختين رتيبة وإنصاف رشدي، وفرقة ببا عزالدين، وإحسان عبده، ومحمد عبدالوهاب، وفي عام 1957، اعتمدته الإذاعة المصرية ملحنا رسميا.

وعند تأسيس فرقة رضا للفنون الشعبية، كان علي إسماعيل أحد أعمدتها الأساسية، وصاحب الدور الأكبر في صياغة موسيقاها، حيث وضع ألحان أغانيها والموسيقى التصويرية لأفلامها الشهيرة مثل «إجازة نصف السنة» و«غرام في الكرنك»، ليسهم في انتشار هذا اللون الفني داخل مصر وخارجها.

 

قدم علي إسماعيل أعمالا موسيقية خالدة في الإذاعة والسينما والمسرح، ووضع الموسيقى التصويرية لأكثر من 350 فيلمًا سينمائيًا، من أبرزها «السفيرة عزيزة»، «بين القصرين»، «الأيدي الناعمة»، «مراتي مدير عام»، «الأرض»، «الاختيار»، «العصفور»، «الحقيقة العارية»، و«معبودة الجماهير».

كما لحن عددا كبيرا من الأغاني الوطنية، وكان من أبرز إنجازاته تلحين النشيد الوطني الفلسطيني «فدائي»، الذي استخدم رسميا منذ عام 1972.

 

تميّز علي إسماعيل بابتكار أسلوب موسيقي جديد، حيث أدخل الهارموني إلى الأغنية المصرية في وقت لم يكن هذا اللون متعارفا عليه، بمساندة الموسيقار كمال الطويل عبر عمله في الإذاعة،كما قدم مونولوج «قلبي طرب» لزوجته وزميلته سعاد وجدي، المعروفة لاحقًا باسم الشاعرة نبيلة قنديل.

كان علي إسماعيل وراء انتشار عدد من نجوم الغناء والاستعراض، من بينهم محمود شكوكو، سعاد وجدي، سعاد محمد، ثريا حلمي، وعايدة الشاعر، وأسهم في ترسيخ فن المونولوجست. كما أسس فرقًا غنائية شهيرة مثل «الثلاثي المرح» و«ثلاثي النغم»، التي تركت أثرًا واضحًا في تاريخ الغناء الجماعي.

 

نال الموسيقار علي إسماعيل تقديرًا كبيرًا في حياته، حيث كرمه الرئيس الراحل أنور السادات في أكثر من مناسبة، ووجه بتحويل منزله إلى متحف بعد وفاته،كما منحه الملك حسين، عاهل الأردن الراحل، أعلى الأوسمة تقديرا لدوره في إعداد النشيد الوطني الفلسطيني.

في مساء 16 يونيو عام 1974، وأثناء إجرائه بروفة موسيقية على مسرح ليسيه الحرية لإحدى المسرحيات، سقط علي إسماعيل مغشيًا عليه، وتم نقله إلى مستشفى الجمعية الخيرية الإسلامية بالعجوزة، حيث فارق الحياة عن عمر ناهز 52 عاما، تاركا خلفه إرثا فنيًا خالدا لا يزال يُلهم الأجيال.

أخبار الساعة