رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

النصف الآخر يتحدث... أحمد رامى: بفضل أم كلثوم.. رفعت الزجل إلى مستوى الشعر


27-12-2025 | 09:36

.

طباعة
حوار: عبدالتواب عبدالحى نشر فى 4 مارس 1960

وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى علقته الدولة على صدرى الفنانة ام كلثوم والفنان محمد عبد الوهاب ... وكل فنان مطرب له في دنيا فنه نصفه الآخر ... المؤلف أو الملحن .. وباجتماع النصفين بصبح العمل الفنى متكاملا.. وهنا يحدثنا أحمد رامى عن نصفه الآخر، أم كلثوم.

 

قلت لرامى:

كيف وصل بينك وبين أم كلثوم نهر المعرفة؟

ده تاريخ .. تاريخ قديم.. فى صيف سنة 24عدت من باريس بعد أن حصلت على شهادة فى فن المكتبات من مدرسة الوثائق بجامعة السوريون، كان أول من قابلنى فى القاهرة صديقى محمد فاضل، قال لى بعد الشوق والسلام: “الحق.. أم كلثوم بتغنى لك قصيدة الصبب تفضحه عيونه فى الكشك اللى هناك.. فى جنينة الأزبكية”..

“ولم أكذب خبرا.. أخذت بعضى وذهبت إليها وعندما قابلتها فى نهاية السهرة قلت لها أقدم نفسى: «أنا رجعت من باريس من يومين بس» .. و.. فقاطعتنى قائلة:

«أهلا بالأستاذ رامى»!

«والتقينا فى الفن من يومها.. وخضت من أجلها بحار الزجل لأول مرة.. وكانت أول أغنية غنتها لى بعد ذلك... “خايف يكون حبك لى شفقة على»..

ومن سنة 24 لسنة 60.. غنت لك أم كلثوم كم أغنية؟

ليس أقل من 200 قطعة آخرها “هجرتك لاجل ما انسى جفاك” والحقيقة أننى كسلت عنها هذا الموسم كنت فى الصيف فى أوروبا ولما رجعت وجدتها تستعد للموسم بأغنيتين جديدتين كسلت أكثر!.

كيف تتعامل مع أم كلثوم .. كيف تختار كلمات الأغنية وما حكمك على ذوقها الفنى؟

كل الأغانى التى غنتها كوكب الشرق قرأتها أولا لدرجة الهضم والحفظ والاستيعاب أحيانا أقرؤها لها، وفى الغالب تقرؤها هى أمامى بإلقاء منغم كأنها تستطعم كل معنى وكل كلمة.. وهى تزن الأغنية فى معناها ومبناها كأدبية مطلعة.. وأذكر ونحن نقرأ معا أغنية «ذكريات» وعندما قلت:

عشت فيها بيقينى ثم عاشت فى ظنونى

كيف أنسى ذكرياتى وهى أحلام حياتى

إنها صورة أيامى على مرأة ذاتى

“قاطعتنى أم كلثوم: لأ .. هذه القطعة غير واضحة كفاية .. كيف عاشت فى يقينك .. دى حاجة لا يفهمها إلا شاعر مثلك يا رامى وجمهورى ليس كله شعراء”!

“وعدلت الكوبليه وأضفت:

عشت فيها بيقينى وهى قرب ووصال

ثم عاشت فى ظنونى وهى وهم وخيال

“أما عن ذوق أم كلثوم فيكفى أن أقول عنه كلمتين.. يكفى أن أقول إنه ذوق تربى وترعرع على معانى القرآن وشعر المتنبى ومهيار الديلمى والبارودى والشريف الرضى وأحمد شوقى وأحمد رامى .. لقد قرأت معها دواوين فطاحل الشعراء وقرأت هى كل ما أنظم أولا بأول!”.

كيف تمارس لذتك وأنت مع صوت أم كلثوم .. وهى تغنى؟

فى الكرسى نمرة واحد على الشمال فى الصف الأول تجدنى دائماً فى حفلاتها .. وصوت أم كلثوم وجو الحفلة يعطينى إحساسا بأننى فى معرض لى فيه شيء أعرضه .. أو كأنى فى حفلة مدرسية لى فيها ابن يمثل على المسرح !

حدثنى – بصراحة- عن أغنية غنتها لك أم كلثوم وأحسست أنها “دون المستوى”؟

إننى أسمح لأم كلثوم بأن تتدخل فى كلامى وتعدل فيه.. وأسمح بذلك كذلك للملحن ... وأم كلثوم تعاملنى بالمثل وأنا وهى والملحن نعمل معاً “تريو” كل همنا خلق أغنية رائعة .. وقبل أن تغنى أم كلثوم الأغنية أكون قد سمعت اللحن من الملحن وهو مجرد «كروكي» ثم أسمعه منها مع التخت عدة مرات أثناء البروفات ... وكل هذا بالتكتل فى الذوق والمجهود لا يمكن أن تنفذ منه أغنية “دون المستوى” !

إذن .. ما سر قصر عمر أغنية “الحار من نسمة الجنوب” ؟

لقد سقطت هذه الأغنية لأن معانيها فوق مستوى الجمهور، إن قطعة “أغار” من النوع الذى يقرأ أكثر مما يغنى!.

فى تاريخك مع أم كلثوم .. احك لى قصة خصام؟

اسمع يا أستاذ .. أنا عندى ولد دكتور وزوجة فى البيت وأم كلثوم أكثر من صديقة وزوجها أعز من صديق .. مفيش داعى، ثم هو فيه حد فى الدنيا يعيش بلا خصام.. الواحد يخاصم زوجته وبيخاصم ابنه الواحد يخاصم جلده بهرشه .. أحيانا!.

لن أسألك عن أغنية .. سأسألك عن كوبليه يرتعش له وجدانك وأنت تسمعه بصوت أم كلثوم؟

إنه الكوبليه من أغنية “ذكريات” الذى أقول فيه:

حرمت روحى من كل نسمة

كانت بتسرى بينك وبينى

وحرمت روحى من كل نعمة

كانت بتحلى وياك فى عينى

وقلت أعيش من غير ذكرى

تخلى قلبى يحن إليك

ما فضلش عندى ولا فكرة

غير إنى أنسى أفكر فيك !

وسر سحر هذا الكوبليه؟

كل شاعر له نبعان: نبع ذاتى ينبع من نفسه.. كالحالة مر بها، أو تجربة احترق بنارها .. ونبع تصويرى فيه يأتيه التأثير من العالم الخارجى، كموقف غرامى شاهده أو لحظة وداع.. إلخ، وأنا أعتبر هذا الكوبليه من أروع ما مدنى به النبع التصويرى!.

ألا تحس أنك ساهمت فى ذلك البناء الفنى العالى.. أم كلثوم.. ما أثرك عليها؟

لقد ساهمت بمجهودى كشاعر.. وهو مجهود متواضع!

وما أثرها عليك؟

لقد دفعنى دفعة واحدة من فرض الشعر إلى كتابة الزجل.. وكان لها الفضل فى أنى رفعت الزجل إلى مستوى الشعر وأودعته كل معانى الشعر وأوزانه.

بمناسبة فوزها بوسام الاستحقاق لف لأم كلثوم عواطفك فى شريط وردى..

لقد هنأتها هذا الصباح .. طلبتها فى التليفون وقلت لها “ألف مبروك يا ثومة يا أختى”.

“إن فن أم كلثوم لقى تقديره منذ زمن، منذ أسمعت الناس صوتها فى أول أيامها وقد جاء وسام الاستحقاق فكان بمثابة “تصديق” على هذا التقدير وختم بخاتم الدولة الرسمى!

أخبار الساعة

الاكثر قراءة