رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

"الهوية المصرية في عالم مضطرب".. ندوة بمعرض دمنهور للكتاب

11-10-2025 | 16:30

جانب من الندوة

طباعة
بيمن خليل

شهد معرض دمنهور الثامن للكتاب، الذي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب، لقاءً فكريًا بعنوان "الهوية المصرية في عالم مضطرب"، شارك فيه الدكتور كمال اللهيب والكاتب الصحفي محمود دوير، وسط حضور جماهيري كبير ومناقشات ثرية أضافت زوايا متعددة للموضوع.

استهل الدكتور كمال اللهيب الندوة بتناول مفهوم الهوية من منظور فلسفي ومعرفي، مؤكدًا أن من المفارقات الكبرى في مجالات الفكر الإنساني أن أكثر المصطلحات التصاقًا بالإنسان هي في الوقت ذاته الأصعب تعريفًا، ومن بينها مصطلح "الهوية".

وأوضح أن الهوية تُفهم في أحد مداخلها البسيطة من خلال إسناد صفة أو خصيصة إلى موضوع محدد، مشيرًا إلى أن لكل كائن أو موضوع في الكون سمات تميزه عن غيره وتدخله في تصنيف خاص. وأضاف أن هناك نوعين من الموضوعات: الطبيعية، مثل الماء والهواء والنار، وهي ثابتة الخصائص منذ بدء الخليقة، والإنسانية الثقافية، التي تتشكل من أفكار وقيم ومثل، تحملها الذات الفردية ثم تتقاطع مع ذوات أخرى لتكوّن هوية جمعية.

وبيّن أن الهوية الجماعية هي محصلة التفاعل بين الذوات الفردية، وأنها تتطور عبر الزمن نتيجة التأثيرات الداخلية والخارجية. وطرح اللهيب مجموعة من الأسئلة حول طبيعة الهوية: هل هي موروثة أم مكتسبة؟ ثابتة أم متغيرة؟ مؤكدًا أن هذه الأسئلة هي جوهر النقاش حول مفهوم الهوية في عالم اليوم المليء بالتحديات الفكرية والثقافية.

من جانبه، أكد الكاتب الصحفي محمود دوير أن دعم مقومات الهوية يمثل أولوية قصوى في ظل عالم مضطرب تسوده التحولات السريعة والعولمة، مشيرًا إلى أن الهوية المصرية تتسم بالتفرد والثراء بفضل ما تحمله من عناصر التاريخ واللغة والدين والعادات والتقاليد.

وأوضح أن الهوية ليست حصنًا مغلقًا نحتمي به، بل يجب أن تكون جسرًا يربطنا بالحضارات والثقافات الأخرى، مؤكدًا أن العولمة سعت إلى فرض نسق اقتصادي وثقافي واحد تحت مظلة الرأسمالية العالمية، بما يؤدي إلى طمس الخصوصيات الثقافية. وأضاف أن التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة عمّقت هذا التحدي، إذ جعلت العالم قرية صغيرة تتداخل فيها الثقافات والعادات بصورة غير مسبوقة.

ودعا دوير إلى قراءة الماضي واستلهام دروسه دون الوقوع أسرى له، مشددًا على أن الهوية المصرية تراكم حضاري متصل لا يمكن إغفال أي حلقة من حلقاته. واستشهد بوصف المفكر جمال حمدان لمصر بأنها "سبيكة حضارية" انصهرت فيها كل الحضارات لتنتج نموذجًا فريدًا للتعايش والتكامل.

وأشار إلى أن الهوية المصرية مركبة ومضيئة، تمزج بين الشرق والغرب، وبين الفرعونية والعروبة والمتوسطية والإغريقية، وتوحّدها روح النيل التي شكّلت وجدان المصريين عبر آلاف السنين، مؤكدًا أن هذا التنوع هو مصدر القوة وليس التناقض.

وحذر دوير من التبعية الحضارية التي تُعد من أخطر ما يهدد الهوية الوطنية، مؤكدًا ضرورة بناء مشروع ثقافي وتنموي شامل يقوم على التعليم والبحث العلمي، فالأمم لا تحافظ على هويتها إلا إذا أنتجت المعرفة وساهمت في الحضارة الإنسانية.

واختُتمت الندوة بالتأكيد على أن الهوية المصرية قادرة على التجدّد والاستمرار ما دامت تستند إلى وعي حضاري متماسك، يرى في التنوع مصدرًا للثبات، وفي الانفتاح وسيلةً للتطور، لا ذوبانًا في الآخر.

أخبار الساعة