رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

مفتي الجمهورية يلتقي وفدًا من الأئمة والدعاة من ثماني دول مشاركة في برنامج "إعداد الداعية المعاصر"

23-9-2025 | 19:42

فضيلة الدكتور نظير محمد عياد مفتي الجمهورية

طباعة

قال فضيلة الدكتور نظير محمد عياد مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم إن "العلم رحم بين أهله"، وإن الفتوى بطبيعتها تتغير باختلاف الزمان والمكان والأعراف؛ شريطة ألا تخالف نصًّا شرعيًّا ثابتًا، مشددًا على مرونة التشريع الإسلامي وصلاحيته لكل زمان ومكان .

جاء ذلك خلال لقاء المفتي، اليوم الثلاثاء، مع وفد من الأئمة والدعاة المشاركين في فعاليات الدورة التدريبية المتخصصة "إعداد الداعية المعاصر"، التي تنظمها أكاديمية الأزهر الشريف العالمية للتدريب، بمشاركة نخبة من الأئمة والدعاة من ثماني دول هي: غينيا بيساو، السودان، الهند، الجزائر، تنزانيا، بنين، توجو، ومدغشقر.

وأكد أن مثل هذه اللقاءات تجسد التعاون الوثيق بين المؤسسات الدينية المصرية الكبرى: الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، بما يعكس وحدة المنهج والهدف، ويعزز مكانة مصر في خدمة قضايا الأمة الإسلامية . 

وخلال اللقاء، استعرض فضيلة المفتي الأدوار المتنوعة التي تقوم بها دار الإفتاء المصرية من خلال إداراتها ووحداتها، مشيرًا إلى أن الدار أصبحت مؤسسة علمية شاملة تؤدي دورًا وطنيًا ومجتمعيًا إلى جانب دورها الإفتائي.

وأوضح فضيلته أن إدارة التدريب بالدار تؤدي دورًا محوريًا في إعداد المفتين وتأهيلهم، عبر برنامج علمي متكامل يجمع بين دراسة العلوم الشرعية واللغوية والإنسانية مثل علم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة والمنطق، مؤكدًا أن هذه العلوم تسهم في تكوين شخصية المفتي القادر على استيعاب الواقع، ورؤية الأمور بعمق وشمول، والتعامل مع القضايا المعاصرة بوعي ورحابة فكر.

وأشار إلى وحدة الحوار، التي تمثل عقلًا بحثيًا تحليليًا داخل الدار، وتقوم برصد القضايا الفكرية والدينية المعاصرة وإجراء دراسات معمقة حولها، مع تقديم استشارات فكرية ودينية وحوارية لمواجهة الشبهات التي قد تثيرها بعض التيارات الفكرية المنحرفة أو التي تسعى إلى زعزعة الثوابت الدينية، مبينًا أن هذه الوحدة تسهم أيضًا في تعزيز الوعي الديني الرشيد والتصدي لظاهرة الإلحاد .

وتناول فضيلة المفتي أيضًا، دور إدارة الإرشاد الزواجي التي أطلقتها دار الإفتاء في إطار دورها المجتمعي، موضحًا أنها تختص ببناء الوعي الأسري وحل المشكلات بين أفراد الأسرة الواحدة، خاصة قضايا الطلاق، عبر الجمع بين المنهج الشرعي والوسائل الحديثة في الإرشاد النفسي والاجتماعي.

وأكد أن هذه الإدارة لا تقتصر على معالجة المشكلات القائمة، بل تسهم كذلك في توعية الشباب المقبلين على الزواج، ومساعدتهم في اختيار شريك الحياة المناسب، وبناء أسرة مستقرة ومتماسكة .

وفي السياق، استعرض فضيلة المفتي جهود مركز سلام لدراسات التطرف والإسلاموفوبيا التابع للدار، موضحًا أنه مركز أكاديمي بحثي يدرس ظاهرة التطرف وآليات مكافحته والوقاية منه، ويرسخ لفكر الدولة المصرية ودار الإفتاء في المواجهة الفكرية الشاملة للتطرف والإرهاب، مؤكدًا أن هذا المركز يقدم دراسات معمقة لمساعدة صناع القرار والباحثين على فهم ظاهرة التشدد والإسلاموفوبيا وتطوير أدوات عملية للتعامل معها .

كما استعرض دور مركز الإمام الليث بن سعد لفقه التعايش، الذي يعمل على إبراز الأبعاد الفقهية والشرعية الداعمة لفلسفة التعايش السلمي، مشيرًا إلى أن الالتزام بالتعاليم الدينية لا يتعارض مع احترام التنوع الديني والثقافي، بل إن الإسلام ذاته يحض على التعاون بين البشر لما فيه مصلحة المجتمعات، مؤكدا أن هذا المركز يسعى إلى مد جسور التفاهم بين الشعوب، وإبراز الصورة الحضارية السمحة للإسلام.

وشدد على أن دار الإفتاء المصرية تُعد من أقدم دور الإفتاء في العالم، وقد توسعت في مهامها لتواكب مستجدات العصر وتواجه التحديات الفكرية والمجتمعية، مؤكدًا أن أبوابها مفتوحة أمام المتدربين والباحثين للاستفادة من خبراتها المتراكمة.

من جانبه، أوضح الدكتور أحمد ممدوح أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن الدار التي تجاوز عمرها الإفتائي 130 عامًا، تمثل ثغرًا مهمًا في بيان الحكم الشرعي وترسيخ الوسطية الإسلامية، وتؤدي دورًا وطنيًا ومجتمعيًا في الحفاظ على الهوية ومواجهة التشدد والانحرافات الفكرية.

وأضاف أن دار الإفتاء لم تكتفِ بدور الفتوى التقليدي، وإنما تطورت لتصبح مؤسسة شاملة تقدم خدمات بحثية وتدريبية واجتماعية، مواكبةً للتحولات الرقمية والتكنولوجية، حفاظًا على وعي الأجيال ومواجهةً لحالة السيولة المعلوماتية التي تشهدها المجتمعات، مؤكدًا أنها كانت ولا تزال المستشار الأمين في كل ما يتعلق بالقضايا الشرعية والفكرية .

وفي السياق، رحب الدكتور حازم داوود أمين الفتوى ومدير إدارة التدقيق اللغوي بدار الإفتاء، بالحضور، مؤكدًا أن هذا اللقاء يمثل امتدادًا لدور دار الإفتاء في التواصل مع العلماء والدعاة من مختلف الدول، بما يعكس رسالتها العالمية في نشر قيم الاعتدال والوسطية، مشيرا إلى أن الدار تسعى دائمًا إلى أن تكون جسرًا للتواصل الحضاري والديني، وأن تفتح أبوابها أمام كل راغب في العلم والمعرفة.

من جانبه، أعرب الدكتور علي طه مدير المكتب الفني بأكاديمية الأزهر العالمية للتدريب، عن شكره لفضيلة المفتي على حسن الاستقبال وحفاوته، مشيدًا بالتعاون المثمر بين الأكاديمية ودار الإفتاء المصرية. 

وأوضح أن برنامج "إعداد الداعية المعاصر" يأتي بإشراف مباشر من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، ويهدف إلى تأهيل الدعاة علميًا وفكريًا على المنهج الأزهري الوسطي بما يسهم في نشر قيم التسامح والاعتدال ومواجهة الفكر المتطرف في مختلف البيئات.

حضر اللقاء عدد من علماء دار الإفتاء ومديري الإدارات وأمناء الفتوى، الذين أكدوا أهمية هذه الفعاليات التدريبية في تعزيز التواصل العلمي والدعوي، ودعم جهود نشر المنهج الوسطي المعتدل في مختلف بقاع العالم .

وفي ختام اللقاء، قام وفد الأئمة والدعاة بصحبة علماء الدار بجولة في عدد من إدارات دار الإفتاء المصرية، حيث تعرفوا عن قرب على طبيعة عملها وآليات سير العمل داخلها، وأبدوا إعجابهم بالتطور المؤسسي والجهود المبذولة في خدمة القضايا الدينية والمجتمعية.

أخبار الساعة