عقد في القاهرة مساء أمس، اجتماعا ثلاثيا بين وزير الخارجية ونظيره الإيرانى والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في خطوة شهدت توقيع اتفاق استئناف التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد أشهر من توقفه جراء الحرب الإسرائيلية على إيران وما تبعها من تداعيات، إلا أن مصر استضافت مشاورات تناولت الملف النووي الايرانى أسفرت عن التوصل الى اتفاق بين إيران والوكالة.
اتفاق إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية
واستقبل د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، أمس عباس عراقجي وزير الخارجية الإيراني، ورافائيل جروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث اعرب وزير الخارجية الايرانى والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن تقديرهما للرئيس السيسي على رعايته لهذا الحدث الهام بالقاهرة، وللجهود التى بذلتها مصر لتيسير المشاورات بين ايران والوكالة وصولا إلى التوقيع على اتفاق لاستئناف التعاون بينهما.
وجاءت المشاورات بالقاهرة فى إطار الجهود الدبلوماسية المكثفة التى بذلتها مصر خلال الفترة الأخيرة لخفض التصعيد وتهيئة الظروف لاستئناف المفاوضات بين ايران والوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الملف النووي الإيراني، حيث شهدت الفترة الأخيرة اتصالات مكثفة للدكتور بدر عبد العاطى مع نظيره الايرانى ومدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتقريب وجهات النظر للتوصل لتسوية مرضية تراعى مصالح جميع الأطراف، تسهم في تحقيق التهدئة واستعادة الثقة وإيجاد مناخ داعم لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي.
وكان المسار التفاوضى بدأ في شهر يونيو الماضي بتيسير من مصر لاستعادة التعاون بين الجانبين، وأسفر عن التوقيع على اتفاق بين ايران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لاستئناف التعاون، والاتفاق على خطوات عملية للتحقق فى المنشآت النووية الإيرانية وزيادة إجراءات الشفافية، بما يمثل إطاراً عملياً جديداً لاستعادة الثقة المتبادلة بين إيران والوكالة، ونقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة في العلاقة بين الطرفين تتسم بمزيد من الشفافية تسهم فى معالجة الشواغل الفنية، وتعزيز الأمن والاستقرار الاقليمى والدولى.
مصر وسيط يتمتع بالمكانة والمصداقية
وقال السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن توقيع الاتفاق بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، يأتي في إطار جهود التفاهم والوساطة والدور المصري الرامي إلى تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، موضحا أن مصر تدرك أن الحملة العسكرية الإسرائيلية–الأمريكية على إيران، التي جرت في يونيو الماضي، خلقت مناخًا من انعدام الثقة بين الوكالة وطهران، مما يستدعي تدخل طرف يتمتع بالمكانة والمصداقية، مثل مصر، للمساهمة في إعادة بناء الثقة بين الوكالة والحكومة الإيرانية، بما يعزز الأمن في المنطقة.
وأوضح حجازي، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الاجتماع الثلاثي، إضافة إلى اللقاءات التي عُقدت مع الرئيس عبد الفتاح السيسي بالأمس، مع وزير خارجية إيران ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يؤكد أن العمل الدبلوماسي يمكن أن يكون أداة فعالة لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وهو ما لا يمكن أن يتحقق عبر الإملاءات أو الحروب أو التصعيد العسكري.
ولفت إلى أن الدور المصري والمباحثات المستمرة مع إيران، على الصعيد الثنائي والإقليمي، تعكس رغبة مصر في أن تتحرك بفاعلية خلال المرحلة المقبلة، خاصة في ضوء البيان المصري–السعودي الصادر بعد اجتماع مجلس جامعة الدول العربية الأسبوع الماضي، والذي دعا إلى إقامة منظومة تعاون إقليمي تشمل دول المنطقة، على أن يكون الأمن الإقليمي هدفًا مشتركًا.
وأكد أن هذه الرؤية تقوم على إشراك دول ذات ثقل إقليمي مثل تركيا، وإيران، والسعودية، ومصر، بالإضافة إلى دول أخرى كالأردن والإمارات، ومن يرغب في الانضمام لهذه المنظومة، لتشكيل إطار داعم للأمن العربي وتعزيزه، بعيدًا عن المشاريع المشبوهة التي تضع أمن إسرائيل فوق مصالح جيرانها.
وأضاف أن هذا التجمع الإقليمي يمكن أن يشكل قاعدة لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية، وتعزيز العلاقات بين الدول وفقًا لقواعد القانون الدولي والأعراف المستقرة، على غرار ما قامت به أوروبا بإعلان هلسنكي عام 1975، والذي ساهم في ضمان أمن واستقرار القارة الأوروبية.
وأشار إلى أنه من اللافت أنه لا توجد منطقة في العالم تفتقر إلى منظومة إقليمية للأمن والتعاون سوى منطقة الشرق الأوسط، ولذلك فإن الدعوة المصرية–السعودية تُعد خطوة بالغة الأهمية، لا سيما بعد التحديات التي واجهتها دولة قطر بالهجوم الإسرائيلي الخطير، والتهديدات التي تعرض لها الأمن القومي العربي والخليجي.
وشدد على أنه يجب الاستجابة لتلك الدعوة ودعم المبادرة المصرية–السعودية لتأسيس كيان إقليمي يُعنى بالأمن والتعاون، وتكون حمايته بأيدي أبناء المنطقة أنفسهم، مع دعوة المجتمع الدولي لدعم هذا التوجه الشامل، بدلاً من السياسات المنحازة لأمن إسرائيل فقط.