رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

سماء مصر تتلألأ بآيات الذكر الحكيم.. «السرد القرآنى».. يوم بـ«ألف مما تعدون»


4-9-2025 | 19:52

.

طباعة
تقرير: أميرة صلاح عدسة: نسمة السهيتى

ما إن تقترب من أروقة الأزهر الشريف أو أحد معاهده المنتشرة فى مصر، يأسرك المشهد المهيب؛ أصوات آلاف الأطفال والشباب والفتيات تتعالى بتلاوة آيات الله، كلٌ منهم يتسابق فى رحلة السرد القرآنى ليُسمع ما حفظه قلبه، وكأن الزمان قد عاد بنا إلى حلقات العلم الأولى التى انطلقت من رحاب الجامع الأزهر منذ أكثر من ألف عام.. مشهد إنسانى يفيض بالسكينة والفخر، حيث تجتمع أنفاس الصغار والكبار على مائدة واحدة، مائدة القرآن الكريم، فى يوم تحوّل من مبادرة محلية إلى حدث عالمى، يربط بين قلوب المسلمين فى أغلب دول العالم، إنّه «يوم السرد القرآنى» الذى لا يروى قصص الحفظة فحسب، بل يروى قصة أمة كاملة لا تزال تجد فى القرآن ملاذها وهوايتها. «يوم السرد القرآنى»، لم يعد مجرد مبادرة تعليمية فى المعاهد، بل صار موعدًا ينتظره الآلاف داخل مصر وخارجها؛ يحلم كل منهم بأن يختم القرآن فى جلسة واحدة، ليخرج بعدها وقد زاد يقينًا وطمأنينة، حاملًا شهادة حب جديدة مع كتاب الله. وما بين دموع أمهات يراقبن أبناءهن، وابتسامة شيوخ يختبرون تلاواتهم، وأجواء مفعمة بالسكينة، يتحوّل السرد القرآنى إلى لوحة إنسانية نابضة بالحياة.

وأكد الدكتور أبواليزيد سلامة، مدير شئون القرآن الكريم بالمعاهد الأزهرية، أن «يوم السرد القرآنى» كان يومًا مشرقًا من أيام القرآن، حيث اجتمع أبناؤنا وبناتنا فى الأزهر الشريف وفى معاهدنا المباركة داخل مصر وخارجها، الذى أُقيم يوم السبت 30 أغسطس الماضى، بدأ على مستوى البلاد بعد صلاة الفجر مباشرة، وشهد انطلاق جلسات التلاوة الجماعية بدءًا من الخامسة والنصف صباحًا تقريبًا، وكان اختتام الفعالية، عند الساعة العاشرة مساءً من نفس اليوم، لافتًا إلى أنه كان مشهدًا عظيمًا عانقت فيه الأرواح أنوار كتاب الله، وسُمع فيه القرآن غضًّا طريًّا من أفواه أكثر من مائة ألف مشارك فى مصر وعدد من دول العالم.

«د.أبواليزيد»، أوضح أن «السرد القرآنى» ليس مجرد مناسبة لتلاوة القرآن كاملًا فى مجلس واحد، بل هو تجديدٌ للعهد مع كتاب الله، وترسيخٌ لقيمه فى القلوب والعقول، وغرسٌ لمعانى العزة واليقين فى نفوس الناشئة، مضيفًا أن «الإدارة العامة لشئون القرآن الكريم ملتزمة بدعم هذه الجهود المباركة، وتوسيع نطاقها، حتى يصبح السرد القرآنى تقليدًا راسخًا يربط الأجيال بالقرآن، ويجعلهم يعيشون مع آياته عملًا وسلوكًا، لا حفظًا وتلاوة فحسب».

وفى أحد المقاعد تجلس رحيل هيثم سلامة، طالبة بالصف الثالث الإعدادى، وتعلو وجهها الملائكى ابتسامة صافية، بعد أن أنهت سردها للقرآن الكريم، وقالت: «سرد القرآن الكريم فى جلسة واحدة، شعور رائع لا يمكن وصفه» .

وأوضحت أن «سرد القرآن كاملاً يحتاج لتدريب وجهد كبير، بدأ الشيخ عبدالله المحفظ فى دار عرب القرآن بتدريبنا خلال ثلاثة أشهر» وشاركت العام الماضى وسردت فى 10 ساعات، فأرادت المشاركة متحدية نفسى هذا العام، بالفعل استطاعت ختم القرآن فى خمس ساعات فقط.

وجهت «رحيل» كلمة لغيرها من الطلاب قائلة: «عليكم بحفظ القرآن فهو المنجى يوم القيامة، وابدأوا بحفظه حتى لو آية».

وبنظرات مليئة بالسعادة والفرحة، أكدت ملك سيد، من محافظة القليوبية، أنها استطاعت سرده فى 4 ساعات فقط، معبرةً عن فرحتها لتحقيقها هذا الإنجاز الكبير، خاصة أنها المرة الأولى التى تشارك فيها فى «يوم السرد القرآنى»، لافتة إلى أن الفضل فى تحقيق هذا يعود لأمى وشيخى، فهى ظلت تشجعنى وتحثنى على الالتزام فى التدريب، أما الشيخ فجهز جدولاً للسرد خلال ثلاثة أشهر، ففى كل حلقة يضبط المؤقت ونبدأ بالقراءة والسرد وأيضًا هو من جاء بى إلى قاعة الأزهر للمؤتمرات للمشاركة فى يوم السرد.

أما محمد محمود صاحب الـ11 عامًا، فقال إن المشاركة فى يوم السرد القرآنى، كانت حلمًا بالنسبة له، موضحًا أنه «ظل يتدرب طوال ثلاثة أشهر ليتمكن من المشاركة ويسرد القرآن بطريقة صحيحة، وبالفعل استطاع تحقيق حلمه. فيما عبرت بسنت محمد عبدالسلام، عن سعادتها بالمشاركة وسرد القرآن أمام مشايخ الأزهر الشريف، وقالت: إن ختم القرآن الكريم شرف عظيم، وسرده كله فى جلسة واحدة شرف أعظم نشكر الله سبحانه وتعالى أنه مَنّ علينا بهذا الفخر.

ووجهت «بسنت» الشكر لوالديها اللذين دعماها وسانداها لتحقيق هذا الإنجاز الكبير، داعيةً الشباب لحفظ القرآن الكريم وأن يعملوا به ويتحلوا بخلق القرآن فى حياتهم اليومية.

أما أحمد إبراهيم، من محافظة الشرقية، قال إن «المشاركة فى السرد القرآنى أشعرتنى بالعزة، كأنى أحمل أمانة كبيرة أنا فخور إنى كنت واحدًا من مئات الآلاف الذين جمعهم كتاب الله فى يوم واحد».

وفى السياق ذاته، أوضح أحمد صلاح فهمى، عضو فنى بالإدارة العامة لشئون القرآن بقطاع الأزهر وأحد المختبرين فى يوم السرد القرآنى، أنه تم استقبال الآلاف من الطلاب والفتيان والفتيات للمشاركة فى السرد القرآنى، وبفضل الله منّ علينا بأبناء حافظين ومتقنين لكتاب الله سبحانه وتعالى، أكرمهم الله تعالى بالقرآن الكريم وجعل الله ذلك فى ميزان حساناتهم وحسنات شيوخهم.

«فهمى» أكد أن «الإقبال كان فوق التوقعات، ليس فقط فى مصر وإنما فى العالم أجمع، فاليوم تجد الحافظين مزينين المعاهد والأروقة، فكلٌ يسعى لينال رضى الله سبحانه وتعالى»، لافتًا إلى أنه ولله الحمد فإن نسبة 97 فى المائة من الشباب والأطفال الذين تقدموا للسرد نجحوا واستطاعوا ختم القرآن فى جلسة واحدة.

الاكثر قراءة