فى ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، جاء إعلان الأمم المتحدة تفشى المجاعة رسميًا فى القطاع ليكشف جانبًا آخر من المأساة، إذ يعانى مئات الآلاف من نقص حاد فى الغذاء والمياه والدواء، فى ظل انهيار كامل للبنية التحتية الصحية. هذا الاعتراف الأممى لا يُعد مجرد توصيف للوضع، بل دليل دامغ على أن القطاع يعيش كارثة إنسانية غير مسبوقة فى العصر الحديث، الأمر الذى وضع المجتمع الدولى أمام مسئولية عاجلة للبحث عن حلول، فى وقت تتزايد فيه حركات التضامن الشعبية والاحتجاجات فى العواصم العالمية ضد استمرار الحرب.
وأوضح د. صلاح عبدالعاطى، رئيس الهيئة الدولية للدفاع عن الشعب الفلسطيني، لـ«المصور»، أن إعلان الأمم المتحدة قطاع غزة منطقة مجاعة يُعد اعترافًا صريحًا بأن الاحتلال استخدم سلاح التجويع كسلاح إبادة جماعية، وهو ما يحمله مسئولية مباشرة عن إبادة السكان المدنيين عبر سياسة ممنهجة ترتقى إلى مستوى جرائم الحرب، وتؤكد وقوع جريمة الإبادة الجماعية. وأشار إلى أن هذا الإعلان الصادم، الذى يُعد الأول من نوعه فى الشرق الأوسط والخامس فى التاريخ الحديث، جاء بعد تنامى مؤشرات المجاعة منذ مايو الماضي، حيث يواجه أكثر من نصف مليون إنسان خطر الموت جوعًا، فضلًا عن تسجيل نحو 300 حالة وفاة، بينهم ما يقارب 120 طفلًا.
ولفت إلى أن هذه الجريمة تأتى ضمن سلسلة من الإجراءات الممنهجة التى ارتكبها الاحتلال، بدءًا من إغلاق المعابر وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، وحتى حين فُتحت المعابر مؤخرًا لامتصاص النقمة العالمية، لم يدخل القطاع خلال أربعة أسابيع سوى أقل من 2000 شاحنة، أى ما لا يتجاوز 15 فى المائة من احتياجات المدنيين. وأضاف أن الاحتلال تعمد أيضًا عرقلة دخول الأطباء والأطقم الطبية والمستلزمات الحيوية كحليب الأطفال والمكملات الغذائية، ما أدى إلى انهيار المنظومة الصحية وعجزها عن مواجهة أمراض سوء التغذية والإصابات الخطيرة الناجمة عن المجازر.
وأكد «عبدالعاطى» أن هذا الوضع الكارثى هو نتيجة مباشرة لعجز المجتمع الدولى، غير أن إعلان الأمم المتحدة سبب غضبًا واسعًا وأظهر بوضوح أن المنظمة الدولية ودول العالم ضاقت ذرعًا بممارسات الاحتلال. وانتقد بشدة تأخر الإعلان الأممى أكثر من ثلاثة أشهر، مشيرًا إلى أن ظهوره الآن جاء نتيجة الضغط الشعبى الدولى والتحركات العالمية للضغط على إسرائيل لوقف حرب الإبادة وضمان تدفق المساعدات. لكنه حذر من أن الاحتلال يسعى إلى إنكار المجاعة رغم الاعتراف الأممى، بل يواصل تصعيد عدوانه عبر القصف والهجمات على غزة وتهديد المدن بالتدمير وتهجير السكان النازحين، فى وقت يعانى فيه المدنيون من الجوع.
وقال: «نحن نحذر من مغبة الصمت واستمرار العجز أمام هذه الجرائم التى تشكل حكمًا بإعدام جماعى على مئات المدنيين، وتدميرًا لشبكات الغذاء، وفرضًا للقيود على المساعدات الإنسانية». وطالب بضرورة تحرك دولى جاد للامتثال للقانون الدولى، وضمان فتح المعابر والممرات الإنسانية لدخول المساعدات والعاملين فى المجال الطبى والإغاثى، وفرض عقوبات على دولة الاحتلال الإسرائيلى.