رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«ملفات عاجلة» على طاولة «محافظ المركزى»


21-8-2025 | 19:45

البنك المركزي

طباعة
تقرير: أميرة جاد

«استكمال مسيرة إصلاح وتنمية القطاع المصرفى»، الوصف الأمثل الذى ينطبق على محافظ البنك المركزى، حسن عبدالله، الذى أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى، الاثنين الماضى، قرارًا، بتجديد تكليفه قائمًا بأعمال محافظ البنك المركزى المصرى لمدة عام، اعتبارًا من يوم 18 أغسطس 2025.

«عبدالله»، الذى صدر له «قرار بالتجديد»، يستكمل مهمته فى توقيت يواجه فيه الاقتصاد تحديات لا يُستهان بها، فيما يتعلق بمعدلات التضخم المرتفعة والزيادات المستمرة فى مستويات الدين الخارجى، بالإضافة إلى المعادلة الصعبة لاستقرار سعر الصرف مع الحفاظ على مرونته واستجابته المستمرة لمبدأ العرض والطلب، ولذا فنجاح محافظ البنك المركزى فى فترته القادمة مرهون بإعادة رسم السياسة النقدية، بما يخدم استقرار الاقتصاد الكلى إلى جانب نجاحه فى تحقيق التوازن بين كبح التضخم والحفاظ على معدلات نمو مستدامة، إلى جانب استعادة ثقة المواطن والمستثمر على حد سواء فى الاقتصاد المصرى.

التوجيهات الرئاسية الأخيرة لمحافظ البنك المركزى جاءت متسقة تمامًا مع التحديات التى يواجهها الاقتصاد والاحتياجات النقدية، حيث وجّه الرئيس السيسى بإتاحة الموارد الدولارية بشكل كافٍ لينعكس بصورة إيجابية على توفير مخزون مطمئن من السلع المختلفة، والمنتجات البترولية، وكذا مستلزمات الإنتاج للمصانع، مشددًا على ضرورة استمرار جهود زيادة الحصيلة الدولارية، وخاصة من الموارد المحلية، وتواصل التنسيق بين الحكومة والبنك المركزى لضمان الحفاظ على سعر صرف مرن ومُوحد للعملة الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز الحوافز للاستفادة من الفرص الاقتصادية المُتاحة، وإتاحة الفرص للقطاع الخاص لدفع النمو الاقتصادى، بما يسهم فى جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية إلى جانب ضرورة مواصلة العمل المكثف لتوفير الظروف الملائمة؛ لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتمكين القطاع الخاص.

ورسم خبراء المالية العامة والاقتصاد الكلى خريطة عمل للسياسات النقدية على المديين القصير والمتوسط، تضمن لصانع القرار التوازن بين مصلحة المواطن والمستثمر على حد السواء وتراعى استدامة النمو الاقتصادى، حيث قال الدكتور على عبدالرءوف، أستاذ الاقتصاد الكلى، إن «مهمة محافظ البنك المركزى فى الفترة المقبلة تتلخص فى التعامل مع مثلث التحديات النقدية، وهو التضخم والدين الخارجى وسعر الصرف».

«عبد الرءوف»، أضاف أن «معدل التضخم السنوى، وفق أحدث بيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عن شهر يوليو 2025، بلغ نحو 13.9 فى المائة، وعلى الرغم من الاتجاه الهبوطى لمعدلات التضخم منذ عدة أشهر، فإن التحدى الذى يجب أن يتعامل معه محافظ البنك المركزى فى الفترة القادمة يتمثل فى الحفاظ على الاتجاه التنازلى لمعدلات التضخم وضمان عدم ارتدادها للأعلى مرة أخرى»، موضحًا أن «كبح جماح التضخم يتم من خلال آليات مختلفة تضمن السيطرة على التضخم دون خنق معدلات النمو، وهو الأمر الذى يمكن تحقيقه من خلال تنويع أدوات السياسة النقدية، بدلًا من الاعتماد المفرط على رفع الفائدة».

كما أشار إلى أنه «يمكن للبنك المركزى استخدام أدوات السوق المفتوحة، وإدارة السيولة قصيرة الأجل للحد من الضغوط التضخمية، وكذلك تشجيع الإنتاج المحلى من خلال دعم القطاعات الزراعية والصناعية يساهم فى زيادة العرض الكلى من السلع والخدمات، وبالتالى تقليل الضغوط السعرية من جانب العرض»، لافتًا إلى أن «خفض التضخم بشكل مستدام لا يعتمد على السياسة النقدية فقط، وإنما يحتاج إلى سياسات متكاملة تشمل تشجيع الإنتاج، وإصلاح المالية العامة، وضبط الأسواق، وهو ما يتم من خلال التنسيق بين صانعى القرار فى البنك المركزى والمجموعة الاقتصادية فى مجلس الوزراء، وعلى رأسهم بالطبع وزير المالية».

وأكدت منى مصطفى، المحلل المالى بأحد بنوك الاستثمار، أن «إدارة سعر الصرف بما يضمن استقراره واحدة من أصعب المهام أمام محافظ المركزى، والمطلوب ليس تثبيت الجنيه، ولا تركه للانفلات الحر، بل الوصول إلى مرونة منضبطة تحقق التوازن بين قوى العرض والطلب، وفى نفس الوقت تحمى الاقتصاد من الصدمات، وهذه المعادلة يمكن تحقيقها من خلال وضع إطار تدخّل، بحيث يضع البنك المركزى حدودًا واضحة للتدخل فى السوق عندما تشهد تقلبات مفرطة، بما يمنع المضاربات العنيفة، وكذلك الاعتماد على أدوات تحوّط: مثل عقود آجلة (Forward) مشتقات العملة، لتمكين المستوردين والمصدرين من إدارة مخاطر تقلب الجنيه، إلى جانب إدارة التدفقات الرأسمالية من خلال استهداف استثمارات طويلة الأجل بدلًا من الاعتماد على الأموال الساخنة، واعتماد الشفافية لبناء الثقة بين المستثمرين، مع الأخذ فى الاعتبار أن المستثمر الأجنبى والمحلى يتأثر بالوضوح المعلوماتى أكثر من السعر نفسه، كلما كان البنك المركزى شفافًا، قلّت فرص المضاربة.

محمد مؤمن، الخبير المصرفى، قال إن «الشمول المالى واحد من أهم الملفات التى يجب على محافظ البنك المركزى الاستمرار فى العمل عليه واستكمال مسيرة السنوات السابقة»، موضحًا أن «الإنجازات التى تمت فى الملف ليست قليلة وينبغى البناء عليها واستكمالها، لا سيما أن زيادة معدلات الشمول المالى فى مصر خلال الفترة من ديسمبر 2016 حتى يونيو 2024 بلغت بـ181 فى المائة، حيث ارتفع عدد المواطنين الذين يمتلكون حساب معاملات مالية، سواء فى البنوك أو البريد المصرى أو محافظ الهاتف المحمول أو البطاقات مسبقة الدفع، إلى 48.1 مليون مواطن من إجمالى 67.3 مليون مواطن فى الفئة العمرية (16 سنة فأكثر)، والذين يحق لهم التعامل مع البنوك، لتبلغ نسبة الشمول المالى 71.5 فى المائة فى يونيو 2024 وفق بيانات البنك المركزى نفسه، وهو الأمر الذى ينبغى استمراره والحفاظ على مكتسباته كواحدة من أهم آليات دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى.

«مؤمن»، شدد على ضرورة الاستمرار فى سياسات البنك المركزى الداعمة للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، والتى سجلت أرقام التمويل المخصصة لها طفرة خلال السنوات الأخيرة. وبحسب بيانات «المركزى»، فقد ارتفع حجم التمويل الممنوح لتلك المشروعات بنسبة 388 فى المائة خلال الفترة من ديسمبر 2015 وحتى يونيو 2024، فيما زادت التمويلات الموجهة للقطاع الصناعى بنسبة 61 فى المائة، ووصل حجم النمو فى التمويلات الموجهة لهذه المشروعات فى محافظات الدلتا لـ72 فى المائة، ومحافظات الصعيد لـ59 فى المائة عن الفترة من ديسمبر 2020 وحتى يونيو 2024، وفى نفس السياق شهدت محفظة التمويل متناهى الصغر بالقطاع المصرفى وغير المصرفى تطورًا كبيرًا، حيث حققت معدل نمو تجاوز 1350 فى المائة، بدعم من المبادرات والإجراءات المتخذة من البنك المركزى فى هذا الخصوص، وذلك خلال الفترة من ديسمبر 2016 وحتى يونيو 2024 «وفقًا للاتحاد المصرى لتمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر».

الاكثر قراءة