أفادت دار الإفتاء المصرية بأنها شهدت، مع تولي فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عياد منصب المفتي، نقلة نوعية على مستويات متعددة، تمثلت في تجديد آليات الإفتاء، وتوسيع الشراكات المؤسسية، والانفتاح على مستجدات العصر بما يحقق التوازن بين الثوابت الدينية ومقتضيات الواقع المتغير.
وأوضحت الإفتاء أن هذه النقلة جاءت انعكاسًا لرؤية واعية تجمع بين المنهج الأزهري الأصيل وفهم دقيق لتعقيدات الواقع الاجتماعي والتكنولوجي؛ ما جعل الفتوى أكثر حضورًا في الشأن العام، وأكثر قدرة على تفكيك إشكاليات الناس في قضاياهم المختلفة.
مليون فتوى خلال عام
وكشفت الدار، في بيان اليوم الأربعاء، تزامنًا مع مرور عام على تولي فضيلة مفتي الجمهورية مهام منصبه، أن هناك تحولًا نوعيًا شهدته دار الإفتاء تجلَّى بوضوح على صعيد تطوير الأداء المؤسسي، وفي مجال ضبط الخطاب الديني والتوسع الجغرافي المدروس، فقد أولى فضيلته منذ اليوم الأول أهمية بالغة لتنظيم العمل الإفتائي، وتفعيل المنظومة المؤسسية القائمة على العلم والانضباط، مع تطوير آليات إصدار الفتاوى الإلكترونية والهاتفية والمكتوبة، وهو ما مكَّن الدار من التعامل بكفاءة مع مئات الآلاف من الاستفسارات الفقهية الواردة من داخل مصر وخارجها.
وأعلنت الدار أن إجمالي ما أصدرته دار الإفتاء خلال هذا العام يزيد على مليون فتوى، توزعت على مختلف أبواب الفقه من الأحوال الشخصية، إلى المعاملات المالية، والقضايا الأسرية، والمستجدات الاجتماعية، بما يعكس مدى تنوع القضايا المطروحة وارتباطها الوثيق بحياة الناس. فقد سُجل نحو 450 ألف فتوى شفوية ومباشرة، إضافة إلى نحو 400 ألف فتوى عبر الإنترنت، في مؤشر واضح على تنامي ثقة الجمهور بالدار.
كما أصدرت الدار سلسلة من البيانات والتصريحات التي رفضت توظيف الدين في تأجيج العنف أو إثارة الفتن، ومن أبرزها الرد على دعوات الجهاد الفردي ضد الاحتلال الإسرائيلي بمعزل عن الضوابط الشرعية، والتصدي لدعوات المساواة المطلقة في الميراث، فضلًا عن التنبيه إلى حرمة قراءة القرآن مصحوبًا بالموسيقى أو التغني به على نحو يخالف الهيبة الشرعية للنصوص القرآنية.
الإفتاء تحذر من خطر ترويج الشائعات باسم الدين
كما حذرت الدار من خطر ترويج الشائعات باسم الدين، مؤكدة أن الشرع ينهى عن كل ما يؤدي إلى اضطراب المجتمعات، وبيَّنت مؤخرًا حرمة تعاطي مخدر الحشيش شرعًا بعد تداول آراء عبر مواقع التواصل تُجيز الأمر.
ولم يقتصر حضور مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم خلال عامه الأول على ميدان الفتوى وضبط الخطاب الديني، بل امتد دوره ليشمل مساحات أوسع من التأثير الوطني والدعوي والإنساني، في ترجمة عملية لرؤية متكاملة تُدرك أن الفتوى الرشيدة لا تنفصل عن الحضور الميداني الفعَّال والمشاركة المجتمعية النشِطة.
وشهد العام الأول من ولاية فضيلته حضورًا لافتًا على مستوى الأنشطة الميدانية والدعوية والإنسانية، فقد أطلقت الدار 50 قافلة دعوية بالتعاون مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف إلى شمال سيناء، التي هدفت إلى تعزيز القيم الإسلامية الوسطية، والتصدي للفكر المتطرف، ونشر الوعي الديني الرشيد في المناطق الحدودية، بما يسهم في تحصين المجتمع ومساندة جهود الدولة في بناء الوعي، بحسب بيان دار الإفتاء.
وعلى صعيد التوسع الجغرافي واللامركزية في تقديم الخدمة الإفتائية، شهد هذا العام تعزيز فروع الدار في محافظات مطروح والإسكندرية وأسيوط وطنطا، إلى جانب التنسيق ووضع الخطط لافتتاح فروع جديدة بمحافظات كفر الشيخ والدقهلية والسويس. كما قام فضيلته بجولات ميدانية لتفقد عدد من الفروع في المحافظات، وبحث سبل التعاون مع السلطات المحلية، بهدف ضمان وصول الفتوى المنضبطة إلى مختلف شرائح المجتمع، والحد من ظاهرة الفتاوى العشوائية في المناطق النائية.
وتعكس هذه الجهود المتوازية – على مستوى المحتوى والهيكل والانتشار – إدراكًا عميقًا لفضيلته لأهمية تجديد الخطاب الديني من داخل المؤسسات الرسمية، وتقديم الفتوى كرافد أساسي من روافد الاستقرار الاجتماعي والفكري والديني.