وسط زخم الحياة والتكنولوجيا الحديثة أهملت بعض الحرف اليدوية التى تشتهر بها القرى المصرية، وهذا ما حدث لحرفة «التلي» إحدى الحرف التراثية التى تميزت بها محافظة أسيوط منذ قديم الزمان.
يقول سعد زغلول، الفنان التشكيلي، وصاحب بيت التلى بمحافظة أسيوط، أن التلى الأسيوطى هو قطعة شفافة قطنية ذات مربعات صغيرة سميكة ومفتوحة مرسوم عليها بخيوط فضية أو ملونة معدنية رقيقة، وعام 1993م، كانت البداية الفعلية لتجميع قطع «التلي» الأسيوطى المختلفة والتعرف عليها، خاصةً أن تلك الحرفة كانت تسبقه بسنوات عديدة للغاية من أيام الوالى محمد على باشا، وكان مصدرا للدخل القومى آن ذاك، نظراً لازدهار الصناعة فى ذلك الوقت، ويرجع الفضل فى البحث عن تلك الحرفة وإعادة رونقها وجمالها، خاصةً بعد اندثارها بالمجتمع الأسيوطى إلى عزيزة الشعرانى زوجة الدكتور سليمان حُزِين أول رئيس لجامعة أسيوط، علاوة على اهتمامها بالحرف الأخرى، مثل (الكِليم ـ السجاد ـ النحت على العاج ـ مراوح ريش النعام)، حيث كانت تمثل أسيوط فى ذلك الوقت منطقة خان الخليلي.
«زغلول»، أضاف، أن «التلي» يشتمل على إبر فضية خاصة به وقطع القماش والخيوط المعدنية الخفيفة، بالإضافة إلى السيدات المتدربات، حيث بدأ بعدد 115 سيدة وفتاة، وذلك لإنتاج العديد من الأعمال التى تُلبى السوق، وذلك بتمويل من الصندوق الاجتماعى فى ذلك الوقت، والمعروف بجهاز تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة حالياً بمنحة تُقدر بـ 140 ألف جنيه، وذلك بمقر جمعية النور والأمل داخل المحافظة، ثم تم افتتاح «بيت التلي» عام 1994م، ليكون أول بيت يحافظ على التراث الشعبى الأسيوطي، وحضر الافتتاح اللواء سميح السعيد، محافظ أسيوط آنذاك، والعديد من الصحفيين والإعلاميين وكل مُحبى التراث الشعبي.
وأوضح أن «التلي» من أهم ملابس الأميرات والطبقات الاجتماعية الراقية، وموجود فى بيت كل عروس، يُكمل زغلول حديثه، لافتًا إلى أنه فى البداية تُعد المرأة الأسيوطية هى الرائدة فى صناعة «التلي»، والزى المفضل والخاص بزوجات الأثرياء داخل المنزل فقط ولا يجوز ارتداؤه بالخارج، علاوة على ذلك هو من ضمن ممتلكات صندوق العروس يوم زفافها، وكل رسمة به تدل على معنى ورمز للفرح ونصيحة من الأم للبنت، وليس مجرد رسومات عشوائية، ونجد فى السينما المصرية وأفلام الأبيض والأسود ارتداء فنانات الرقص الشرقى للتلى أمثال تحية كاريوكا وكيتى وهند رستم، كما أن السيدات الأجنبيات كنّ يفضلن اقتناء «التلي» ومن مدى حُبهن وشغفهن به بعد أن يأتين من دولهن يجئن عبر المراكب النيلية من محافظة الأقصر إلى محافظة أسيوط، لشراء المنتجات والتى تتمثل فى «الطرحة ـ الإيشارب ـ الجلباب»، والتى تُباع بأسعار عالية، نظراً لجودة المنتج.
وتابع: حصل «بيت التلي» على العديد من الشهادات، وذلك بمؤتمر المرأة للسكان بالقاهرة ومعرض سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية ودولة البحرين ودولة الصين.
