أكد الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، أن التراجع الملحوظ في سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري ليهبط دون مستوى الـ49 جنيهًا، يعكس تحسناً حقيقياً في السيولة الدولارية داخل السوق المصرفي، وهو ما يعد نتاجًا مباشرًا لحزمة الإصلاحات التي نفذها البنك المركزي المصري مؤخرًا، والتي أسهمت في توحيد سعر الصرف وتعزيز تدفقات النقد الأجنبي إلى البلاد.
وأوضح غراب في تصريحات صحفية، أن استقرار وتراجع سعر الدولار خلال الأسابيع الماضية يُعد إنجازًا اقتصاديًا هامًا، يعكس تحسنًا واضحًا في المؤشرات النقدية وزيادة المعروض من العملة الأجنبية، مشيرًا إلى أن هذا الأداء القوي يعود إلى عدد من العوامل الإيجابية في مقدمتها ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج التي سجلت نحو 32.8 مليار دولار خلال 11 شهرًا من العام المالي 2024/2025، فضلًا عن ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي إلى 48.7 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي.
وأضاف أن الطفرة التي حققتها الصادرات المصرية، وزيادة إيرادات قطاع السياحة والتي يتوقع أن تتجاوز 17 مليار دولار بنهاية عام 2025، فضلًا عن تحسن عائدات قناة السويس، قد ساهمت جميعها في زيادة المعروض الدولاري، وتقليل الضغط على الدولار، ما أدى إلى تراجع سعره في السوق المحلية.

وأشار غراب إلى أن هناك عوامل خارجية دعمت تحسن قيمة الجنيه، أبرزها تراجع قيمة الدولار عالميًا نتيجة السياسات التجارية الأمريكية وتراجع أسعار النفط وانخفاض الطلب المحلي في الولايات المتحدة، مما أضعف من قوة العملة الأمريكية، في حين استفادت مصر من هذه التطورات بالتوازي مع عوامل محلية داعمة.
وفي السياق ذاته، لفت غراب إلى أن دخول استثمارات أجنبية قصيرة الأجل في أدوات الدين، وتوسع الحكومة في مبادرات مبادلة الديون باستثمارات، وتوقيع اتفاقيات الاستيراد بالعملات المحلية مع دول "البريكس" مثل الصين وروسيا والهند، إلى جانب الاتفاقيات الأخيرة مع دول الخليج وعلى رأسها الكويت وقطر، والتي تتجاوز قيمتها عدة مليارات من الدولارات، جميعها أسهمت في تعزيز الثقة في الاقتصاد المصري.
وتوقع غراب استمرار تحسن سعر صرف الجنيه أمام الدولار خلال الفترة المقبلة، ليستقر بين 47 و48 جنيهًا، مدعومًا بدخول استثمارات خليجية مباشرة تُقدر بأكثر من 10 مليارات دولار، إلى جانب تمويلات منتظرة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 4 مليارات يورو، واستمرار تحسن مصادر النقد الأجنبي الأساسية، شريطة استمرار الاستقرار الجيوسياسي في المنطقة.
وأشار إلى أن استدامة هذا الاتجاه الإيجابي تتطلب استمرار السياسات الإصلاحية، وتشجيع تدفقات الاستثمار الأجنبي، وتعميق الإنتاج المحلي الموجه للتصدير، لضمان مزيد من الاستقرار النقدي والاقتصادي.