قال الدكتور عماد نبيل، أستاذ هندسة الطرق بجامعة القاهرة، والاستشارى المشرف على المشروع القومى للطرق، إن الغلق الجزئي للطريق الدائري الإقليمى لمدة أسبوع جاء بهدف تحقيق انسيابية أكبر فى حركة المرور، من خلال توجيه السيارات فى اتجاه واحد فقط، بعيدًا عن نظام الاتجاهين المتقابلين داخل نفس التحويلة، وهو ما يقلل بشكل كبير من احتمالات وقوع تصادمات أو حوادث أثناء الأعمال الجارية على الطريق.
وقررت وزارة النقل إجراء غلق كلي مؤقت للاتجاه القادم من تقاطع الطريق الإقليمي مع الإسكندرية الصحراوي وحتى تقاطع الإقليمي مع طريق السويس الصحراوي لمدة أسبوع بداية من الثلاثاء الماضي، لتدعيم وتحسين ورفع كفاءة وسائل التحكم المروري والسلامة المرورية للتحويلات المؤقتة.
«نبيل» أوضح في تصريحات لمجلة "المصوّر"، أن «ما يتم حاليًا لا يرتبط بعيوب فى الطريق أو تدهور حالته، بل على العكس تمامًا، الطريق يُعد من أفضل الطرق التى تم تنفيذها منذ سنوات، وحالته حتى اليوم ممتازة، إذ كنت أتوقع وجود هبوط أو انحرافات أو مشاكل فنية، لكن لم أجد شيئًا من ذلك، وما يجرى الآن هو تدعيم كامل للطبقة الخرسانية، بالإضافة إلى إنشاء طريق خدمة جديد يخدم سيارات النقل تحديدًا، خاصة أن الهدف من إنشاء طريق الخدمة هو فصل سيارات النقل الثقيل عن سيارات الركاب (الملاكى)، بحيث تسير كل فئة فى مسار مستقل، لأن 70 فى المائة من حوادث الطرق على الأقل ترجع إلى العامل البشرى، ونحو 50 فى المائة من هذه الحوادث تحدث بسبب تشارك سيارات النقل والملاكى فى نفس الحارة المرورية».
وعن أسباب تكرار الحوادث فى تلك المنطقة على هذا الطريق، لفت استشارى الطرق إلى أن «سيارات النقل تتمتع بارتفاع أكبر بكثير من سيارات الركاب، وبالتالى تختلف مجالات الرؤية بينهما، وعندما تشترك الفئتان فى نفس التحويلة أو المسار، وخصوصًا مع الكثافة المرورية العالية، تزداد احتمالات وقوع الحوادث بشكل واضح، كما أن الطريق الدائرى الإقليمى تم إنشاؤه فى الأساس لاستيعاب حركة مركبات النقل، ولكن مع مرور الوقت، أصبح يجذب أيضًا سيارات الركاب والميكروباص، خاصة فى المحافظات والمناطق الزراعية والدلتا التى كانت تفتقر إلى طرق سريعة».
وشدد على أن «عدم انضباط السلوك البشرى يمثل التحدى الأكبر، ويشمل ذلك مخالفات السرعة، والتجاوزات العشوائية، بل وأحيانًا تعاطى بعض سائقى النقل للمواد المخدرة، مما يشكل تهديدًا كبيرًا على السلامة العامة»، كاشفًا أن فلسفة وسياسات الطرق فى الوقت الراهن تعتمد على مبدأ أساسى هو فصل مسارات النقل الثقيل عن السيارات الخاصة، وهو ما ساهم بالفعل فى تقليل نسبة الحوادث بشكل ملحوظ، وجرى تطبيق هذا المبدأ فى عدد من المحاور الرئيسية، مثل محور 30 يونيو، ومحور السويس، وطريق القاهرة - العين السخنة، والقاهرة - الإسكندرية، وغيرها من الطرق القومية التى باتت تخصص حارات واضحة ومحددة لكل نوع من المركبات.
وكما يقول الدكتور عماد نبيل فإن معدل الحوادث على الطرق انخفض بنسبة تُقدّر بنحو 44 فى المائة منذ انطلاق المشروع القومى للطرق، بفضل الالتزام بتطبيق أعلى معايير الأمان العالمية، بما يشمل مواصفات التصميم والرؤية الأفقية والعمودية، والإشارات والعلامات، وسعة الحارات، والمواصفات الفنية الدقيقة، وحتى فى أوقات تنفيذ الأعمال، يتم غلق وفتح المسارات بشكل مدروس لضمان استمرارية الحركة بأمان قدر الإمكان.
وأضاف: «الذى يحدث حاليًا فى هذه الطرق لا يقتصر على الصيانة فقط، سواء صيانة عادية أو جسيمة، وإنما يتزامن معها إنشاءات جديدة تشمل مسارات الخدمة للملاكى والنقل، كلما توفرت المساحات المناسبة لذلك، لاسيما فى المناطق الصحراوية التى تتيح هذا التوسع، أما فى الأراضى الزراعية، فالوضع يختلف لأننا نكون مقيدين بعدم المساس بالرقعة الزراعية».
وفيما يخص حجم الإنجاز، قال: «فى تقديرى الشخصي، نفذنا ما يقترب من 7 آلاف كيلومتر من الطرق الجديدة حتى الآن، رغم أن الأرقام الرسمية قد تشير إلى أقل من ذلك بقليل، لكن للأسف، هناك من حاول التقليل من حجم الإنجاز الكبير الذى تحقق فى قطاع الطرق والكبارى خلال السنوات الماضية، وهو أمر كان متوقعًا، لسببين رئيسيين: الأول هو وجود بعض الجهات أو الأفراد ممن يهدفون إلى تشويه صورة مصر، واستغلوا بعض الحوادث للترويج الإعلامى الممنهج ضد الدولة؛ والثانى أن مصر بدأت تروّج لهذا المشروع القومى ضمن علاقاتها الإقليمية، وتسعى لتقديم نفسها كمركز متطور لخدمات البنية التحتية فى المنطقة، وبالتالى من مصلحتها أن تكون صورة مشروعها بهذا القطاع فى أفضل حال».
إلى جانب ذلك ، فإن الأمر الذى لا يقل أهمية عن تحسن الترتيب المصرى فى مؤشر جودة الطرق بحسب الدكتور عماد نبيل هو خلق محاور التنمية الجديدة، والتى لولا شبكة طرق قوية لم تكن لتتحرك مصر اقتصاديًا كما هى الآن، إذ لم تكن لتُرضى المستثمرين المصريين والعرب والأجانب على حد سواء شبكة الطرق القديمة والتى تقادمت بفعل الزمن وعدم الاهتمام سابقًا بصيانتها كما يجب، وبالتالى ساهمت شبكة الطرق الجديدة مع رفع كفاءة الشبكة القديمة وربطهما معًا، فى خلق ما يزيد عن 30 تجمعًا سكنياً جديدًا كما ساهمت فى خلق مشروعات تنموية بامتداد المحاور الجديدة، بداية من مشروع المليون ونصف المليون فدان، ومدن الجيل الرابع الذكية والمتطورة، والعاصمة الإدارية الجديدة التى لم تكن لتتواجد إلا إذا كانت هناك شبكة طرق متطورة.