رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

3 يوليو.. إرادة شعب وبطولة قائد

3-7-2025 | 20:06
طباعة

3 يوليو 2013 من أعظم الأيام فى عمر الوطن، ومن أفضل الأوقات فى مسيرة مصر، ومن أهم الأحداث فى مسار البلاد، ومن أبهى المشاهد فى قصة كفاح المصريين، فما أروعه من عيد قومى على مر الأزمان!، وما أجمله من مناسبة وطنية عبر تتابع السنوات!، وما أرفعه من ملحمة مصرية على مدى توالى الدهور!، ومن حق شعبنا العظيم جيلًا بعد جيل أن يفخر بما قدّمه من تضحيات على طريق الوصول إلى تلك اللحظة الفارقة، ويعتز ببطولاته فى سبيل عودة الأمور إلى نصابها الصحيح، ويتباهون بخروجه الكبير فى ثورته الهادرة لإنهاء حكم المرشد، وإفشال مخطط الأخونة رغم المخاطر العديدة، والمخاوف الشديدة من عنف جماعة الإخوان الإرهابية؛ لأن حلم التمكين والسيطرة تحول إلى كابوس أفقد كوادر مكتب الإرشاد فى الداخل والخارج صوابهم، وأفلت أعصابهم، وأطلق ألسنتهم بمر الكلام، ولاذع التهديدات ضد الرافضين لمؤامرة اختطاف الوطن من تلك الجماعة الضالة فكريًّا، والمارقة وطنيًّا.

 
 

إنه يوم البيان العظيم، الذى جسّد إرادة المصريين على أرض صلبة، وأثبت أن هذه الأمة العريقة بطول التاريخ، الأصيلة بمعالم الجغرافيا، المتمسكة بهويتها بشهادة السابقين واللاحقين -لا تجتمع أبدًا على ضلالة أو خطأ، سواء كان قولًا أو فعلًا أو اعتقادًا، فهم أهل الحق، وحراس العدالة، وحماة الوطن فى كل المراحل، ولا يهابون الموت فى سبيل الله والدفاع عن مقدّرات بلادهم، إما النصر وإما الشهادة لا ثالث لهما، لا تراجع وقت الضرورة، ولا استسلام فى زمن الحرب. إن جموع المصريين الذين سارعوا منذ شهر أبريل 2013 بالتوقيع على استمارات سحب الثقة من مندوب مكتب الإرشاد فى قصر الاتحادية، ثم صعّدوا من الاحتجاجات المتعاقبة، والوقفات المتلاحقة بالشوارع والميادين مع كل خطيئة إخوانية، خلال سنة حكم المرشد -كانوا على يقين أن ميليشيات الجماعة تستهدفهم، ولن يمر الأمر مرور الكرام، بل الثمن سيكون دماءً تنزف وأرواحًا تُزهق انتظارًا ليومالخلاص، لتكون كلمة المصريين هى العُليا وكلمة الجماعة هى السُفلى. وعلى مدى عام كامل تحمّل المصريون تهديدات الجماعة بشجاعة، وتصدّوا بأجسادهم لعنف عناصرها، وقاوموا إرهابها فى مواقع عدة، وأماكن شتى، فمنهم مَن قضى نحبه خلال جولات مواجهة جرائم التنظيم وحلفائه ليحمى مستقبل بلده من الفوضى، ومنهم مَن واصل المشوار، وخاض غمار معارك فضح مخطط الأخونة، حتى جاء اليوم المشهود، والوقت المعلوم مسبقًا للجميع، بعد عدة إنذارات شعبية، ومهلات رسمية، من قيادة القوات المسلحة، حامى حمى الوطن.

وعلى سبيل التذكرة التى تنفع المؤمنين والوطنيين، وفى نفس الوقت توثيق الحقائق، وتسجيل المواقف لتعرّف الأجيال التى لم تشهد يوم الشعب «3 يوليو» أصل الحكاية؛ حتى لا تنطلى عليهم أكاذيب الجماعة الإرهابية حول المظلومية، وما أدراك ما أحاديث الإفك التى يروّجونها بغزارة مع كل ذكرى لثورة يونيو المجيدة، أو بيان 3 يوليو، الحاسم للفتنة، القابض على جمر الوطن فى خضم مؤامرات أهل الشر وحلفائهم داخليًّا وخارجيًّا. المعزول محمد مرسى فى قصر الرئاسة كان مجرد أداة يحرّكها خيرت الشاطر نائب المرشد وإخوانه فى مكتب الإرشاد، تحت وصاية أحمد عبدالعاطى، مدير مكتب مرسى، فى ذلك التوقيت، فلا قدرة لساكن القصر الجمهورى على اتخاذ قرار أو عقد لقاء، أو حتى التعليق على حدث جلل دون موافقة من كهنة الجماعة؛ لأن الانشغال الأول والأخير كان الرغبة العارمة فى تنفيذ مخطط أخونة الدولة بكل مؤسساتها وجميع جهاتها، ولدينا غيضٌ من فيض لهذه المآسى فى عام حكم الجماعة، منها إصرار مكتب الإرشاد على قيام مرسى بإصدار قرار عودة مجلس الشعب المُنحل للانعقاد رغم حكم المحكمة الدستورية العُليا بحلّه، ثم محاولات إقصاء متعمَّدة من ممثلى التيارات الدينية لأقرانهم من القوى المدنية ومندوبى الكنائس فى الجمعية التأسيسية للدستور، وبالفعل انسحب عدد منهم، وأيضًا دفع الشاطر وعصابته فى اتجاه إصدار المعزول مرسى للإعلان الدستورى المكمل -المشهور إعلاميًّا بالمكبل- لأنه حصَّن قراراته القادمة من مكتب الإرشاد من الطعن عليها، ومنع حلّ مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور، مع التعدى السافر على السلطة القضائية بإقالة النائب العام، وتعيين آخر محسوب على الجماعة، وغيرها الكثير من الموبقات فى حق المصريين.

ومن المؤكد أن هذا الإعلان الدستورى المكبّل هو القشة التى قصمت ظهر البعير، وفضحت كل مخططات التنظيم، وفتحت أبواب الغضب ضدّه على كل المستويات السياسية والشعبية، وحتى خارجيًّا بدليل أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان بجنيف أكدت أنه يتنافى مع العدالة والإنصاف، ومن هنا كانت البداية لتجميع القوى السياسية الفاعلة مع التفاف جموع المواطنين من أجل إجبار الجماعة على العودة إلى رشدها، والتخلّى عن أوهام القوة، وظنون السيطرة، وضرورة التوقف عن استفزاز الشعب بلغة التهديد والوعيد، لكنها الحماقة التى أعيت مَن يداويها، فساروا فى نفس الطريق بغباء، وواصلوا نفس المسلك بسفاهة، وفى ذات الوقت أعلن المصريون التحدى، فُرادى وجماعات، وحزب الكنبة قبل قيادات النخبة، وانطلقت صافرة معركة النجاة من ويلات الإخوان، وما أقدسهامن مهمة فى حماية هوية الوطن، وضمان حاضره، وتأمين مستقبله، مهما كثرت التضحيات، وتعددت التحديات، إنها إرادة شعب واثق الخطى، قوى العزيمة، شديد البأس، فكما قال شاعر الأمل أبوالقاسم الشابى

إذا الشعب يومًا أراد الحياة.. فلا بد أن يستجيب القدر

ولا بد لليل أن ينجلى.. ولا بد للقيد أن ينكسر

صحيح، ثورة يونيو المجيدة أثبتت قدرة أبناء هذا الوطن على التوحّد والاصطفاف كبُنيان مرصوص فى مواجهة التحديات التى تهدد مصيره، إلا أن تلك الثورة العظيمة كان يمكن أن تنتهى إلى مجرد يوم تاريخى نروى كواليسها، ونتحدث عن تفاصيلها فقط دون أن تتحول إلى واقع ملموس، ولا نجنى ثمارها، لكن من نعم الله علينا خلال تلك المرحلة الفارقة، والمحطة الفاصلة فى مسيرة الوطن، وجود قائد صاحب قرار صائب، وبطل صاحب عزيمة لا تلين، وهو الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع آنذاك، الذى استجاب إلى نداء الشعب، وتعهد بأن الجيش من الشعب وللشعب، وسيحمى إرادته، ويصون أمنه، فلا خوف على المصريين فى وطنهم، وبشهامة البطل، وبشجاعة المحارب أعطى الفرصة تلو الأخرى للمعزول مرسى ليسمع صوت الشارع المصرى، ويتدبر تقديرات الموقف من القوات المسلحة لمنع البلاد من الانزلاق فى وحل الاقتتال الداخلى بفعل خطايا كتائب الجماعة الإرهابية المسلحة التى تتربص بملايين المطالبين قبل وأثناء ثورة 30 يونيو بإسقاط حكم المرشد وإخوانه، ورغم ذلك منح قائد الجيش الجماعة مهلة الـ48 ساعة، مما يؤكد حُسن النية، وأنه لا غاية ولا وسيلة إلا وجه الله وصالح الوطن.

وكأنى أسمع تلك الكلمات الآن: «إن القوات المسلحة تعيد وتكرر الدعوة لتلبية مطالب الشعب، وتُمهل الجميع 48 ساعة كفرصة أخيرة لتحمّل أعباء الظرف التاريخى الذى يمرّ به الوطن الذى لن يتسامح أو يغفر لأى قوى تُقصر فى تحمّل مسئولياتها. وتُهيب القوات المسلحة بالجميع بأنه إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة، فسوف يكون لزامًا عليها استنادًا إلى مسئوليتها الوطنية والتاريخية واحترامًا لمطالب شعب مصر العظيم، أنتُعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات، تُشرف على تنفيذها، وبمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة، بمن فيهم الشباب الذى كان ولا يزال مفجرًا لثورته المجيدة، ودون إقصاء أو استبعاد لأحد»، ومع مرض العناد العضال فى عقول قيادات مكتب الإرشاد، لم يعد أمام الرئيس السيسى إلا النزول على أمر الشعب، والاجتماع بممثلى القوى الوطنية كافة، ثم إعلان البيان العظيم مساء 3 يوليو، وما أعظمه من بيان، وما أخطره من قرار مصيرى لا يقدر عليه إلا بطل من نسل الأبطال، لأنه كتب نهاية الجماعة الإرهابية إلى الأبد، ووضع صاحبه فى مرمى أباطيلها باستمرار.

ومن هنا بدأت حكاية الجمهورية الجديدة، وتضافرت إرادة الشعب مع بطولة القائد لقهر كل الصعاب، وهزيمة جميع المشكلات لتغيير حياة المصريين إلى الأفضل فى الخدمات كافة بملحمة غير مسبوقة فى أى دولة من التنمية الشاملة، ويكفى أن تأهيل وتطوير البنية التحتية تعدت خلال 10 سنوات أكثر من 10 تريليونات جنيه عبر منظومة المشروعات القومية العملاقة على مستوى الجمهورية من الزراعة إلى الصناعة، ومن الصحة إلى التعليم، ووفرت ملايين فرص العمل للشباب، ونجحت سياسات الإصلاح الاقتصادى فى تقوية هيكل الاقتصاد الوطنى، رغم توابعها الصعبة على المواطنين، مما جعله قادرًا على امتصاص الصدمات، ومنحه القدرة على التعافى منالأزمات الداخلية والخارجية معًا، وكل هذه الإنجازات كانت تتواصل، بينما الدولة تخوض حربًا شرسة ضد الجماعة الإرهابية وحلفائها من التنظيمات المتطرفة على الاتجاهات كافة، وجميع الجبهات، ارتقى فيها شهداء كُثُر، وجُرح فيها مصابون عدّة، لكن عزيمة رجال الوطن فى القوات المسلحة والشرطة كانت وما زالت أكبر من أى مؤامرات، وقادرة على ردع أى مخططات تستهدف الأمن القومى المصرى.

ويبقى أن نقول: إن يوم بيان يوليو العظيم حالة مصرية متفردة، تؤكد أن الاصطفاف عقيدة ثابتة، والتمسك بهويتنا فريضة راسخة، واللُّحمة الوطنية متينة، وصورة البيان بمليون كلمة، كل القوى السياسية والوطنية حاضرة -ما عدا جماعة الإخوان الخارجة عن الإجماع-، والمصريون على المستويات كافة كانوا موجودين فى الميادين والساحات، متجمّعين حول الشاشات، ينتظرون على أحرّ من الجمر قرار الخلاص، وإنهاء حكم المرشد، من أجل أن تعود مصر للمصريين بلا تعصّب ولا إرهاب، وعلينا جميعًا أن نسير على هدى هذا اليوم التاريخى، ونتصدى لصُنَّاع الشائعات، ونهزم مروّجى مخططات الفوضى؛ حتى تستمر معركة البناء، وتتواصل جولات التنمية، ونحمى أمننا القومى من كيد الأعادى.

حمى الله مصر وشعبها وقيادتها

ومؤسساتها الوطنية من كل سوء.

 

    كلمات البحث
  • 3
  • يوليو
  • 2013
  • الوطن
  • مصر

أخبار الساعة

الاكثر قراءة