رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

30 يونيو مسيرة بنـــاء الوطن الآمن

26-6-2025 | 21:55
طباعة

تحل علينا الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو المجيدة، وراية الوطن عالية خفاقة، أرضه آمنة، حدوده محروسة، سماؤه محفوظة، كلمته مسموعة بفضل روح يونيو العظيمة التى أثبتت أن الاصطفاف الوطنى فريضة ثابتة، والتضحية فى سبيل مصر عقيدة متينة، والفداء فى الدفاع عن استقرارها إيمان راسخ، مهما كثرت التحديات، وتنوعت المخاطر، فالجميع كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا فى مواجهة التهديدات، لتحصين البلاد، وحماية العباد من أية مهددات، والمحصلة التى لا تقدر بثمن، ولا توزن بالذهب نتيجة لتلك الإرادة الحرة، والسريرة الطيبة للمصريين أن مَنَّ الله علينا بنعمة الأمن والآمان فى إقليم مضطرب، تتخطف دوله غربان الظلام، وتنتزع سيادة عواصمه الضباع اللئام، جزاء وفاقا لحالة التشرذم، ورذيلة التفتت، وخطيئة الخيانة.

 
 

يكفى ثورة 30 يونيو الخالدة فخرا أنها قطعت الطريق على مؤامرة أهل الشر لاختطاف الوطن، وطمس هويته المصرية الأصيلة، والسطو على مبادئه وقيمه المستقرة، وتغيير ثوابته الدائمة، ورغم محاولات الجماعة الإرهابية المتعددة والمتتابعة لمحو الهوية تارة بالترغيب والحيلة، وتارة بالترهيب والتهديد إلا أن المصريين على قلب رجل واحد، وبإرادة لا تلين، وعزيمة لا تنكسر، فقد عزموا عزما أكيدا على التمسك بالولاء للوطن، والبراء من كل ما عداه، والعض بالنواجذ على مقدراته للحفاظ على الأرض والهوية، وضمان الاستقلال والحرية، واستمرار الوسطية، وتجنب الوقوع فى الطائفية المقيتة، والنجاة من الفاشية البغيضة، إن الشعب المصرى فى هذا اليوم المشهود تدفق كالطوفان الهادر بملايين المواطنين، رجالا ونساء، شبابا وشيوخا، فامتلأت الميادين والشوارع، وفاضت المدن والقرى بالرافضين لحكم المرشد، والمنددين بالخطة الجهنمية لأخونة مؤسسات الدولة كافة حتى تغلق الجماعة الإرهابية أبواب الوصول إلى الحكم لمدة نصف قرن أمام كل المنافسين، وتركل سلم الديمقراطية الذى صعدوا عليه إلى أسفل سافلين، إنهم لواهمون وفى غيهم يعمهون، لأن الشعب المصرى واعٍ لكل المؤامرات، وفطنٌ لجميع المكائد، إن المصريين لديهم فراسة المؤمنين، وشجاعة المحاربين، فقد أوصلوا مرشح الجماعة إلى كرسى الحكم بهدف اختبار قدراتهم بلغة الأفعال لا الأقوال والشعارات الجوفاء التى كان كوادر التنظيم وقواعده يتقنون توظيفها، ولا يملون من اللعب على أوتارها، وعندما انكشف كل شيء وبان، وافتضح أن مقاليد الأمور تدار من مكتب الإرشاد، والتوجيهات تأتى من جنبات مقر الجماعة فى المقطم والمنيل، وأن مندوبها فى قصر الرئاسة لا حيلة له على الخروج من هذا المسلك المرسوم سلفا، والمعد مسبقا عن سبق إصرار وترصد، وأن الأوضاع فى البلاد تسير من سيئ إلى أسوأ بعد ما ذهبت خطة الـ 100 يوم الأولى ووعودها أدراج الرياح، فلا حل للمشكلات، ولا علاج للأزمات، لأن الواقع غير الكلام، والممارسة تختلف عن التنظير، فضلا عن الفارق الشاسع بين رجال الدولة ومن تعلم الإدارة باحترافية وبين هواة السياسة ومدعى الخبرة، ثم تكررت الخطايا الإخوانية ضد جميع القوى السياسية وكل مؤسسات الدولة من القضاء إلى الإعلام، ومن القوات المسلحة إلى الشرطة بهدف تسريع الأخونة، ولجهل مكتب الإرشاد بعراقة المصريين، واصطفافهم وقت المحن، رفع خيرت الشاطر وميليشياته المسلحة والإلكترونية شعارات الوعيد بحرق البلاد عند التفكير فى إسقاط حكم الجماعة، وهنا كانت الطامة الكبرى على الجماعة، والغضبة القصوى للشعب الأصيل، لإصلاح الخطأ، وإثبات أنه أكثر وعيا مما تصوروا، وأقوى إرادة مما اعتقدوا، وأشد عزما مما توهموا، ومن هنا كانت البداية لإنهاء مؤامرة الأخونة وتأسيس الجمهورية الجديدة.

ولا أجد هنا أفضل من الاستشهاد بالعبارة التى قالها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الذكرى الرابعة لثورتنا العظيمة وهى: «لقد كانت ثورة الثلاثين من يونيو نموذجاً فريداً فى تاريخ الثورات الشعبية، حيث يثور الشعب ويعلن إرادته واضحة جلية، فتستجيب له مؤسسات دولته الوطنية، فى مشهدٍ تاريخى، لن يُمحَى من ذاكرة من عايشوه، وسيظل ملهماً لأجيالٍ مقبلة من أبنائنا وبناتنا»،.. نعم ستظل تلك الملحمة الوطنية قصة نجاح تحكى جيلا بعد جيل، ويفخر كل منا بدوره فى هذا اليوم مهما كان سهلا بسيطا، ويكفيه شرفا أنه تحدى غرور الجماعة الإرهابية وحلفاءها، وضرب بتهديداتهم ضمن أكثر من 30 مليون مواطن عرض الحائط، ليشهد العالم كله أن صلاحية مندوب الإخوان فى القصر الرئاسى قد انتهت بقرار الشعب صاحب السيادة، وأن استجابة القوات المسلحة لنداء المصريين كان تكليفا واجب النفاذ بحكم دورها الوطنى فهى جيش الشعب، ومهمتها المقدسة حماية مقدراته برا وبحرا وجوا على كل المستويات، وفى كافة الظروف، هذا الانتصار هو انتصار للإرادة الشعبية التى رفضت الحكم الفاشى الدينى، وتصدت للاستئثار بالسلطة رغم الإدراك المبكر لمخاطر التعرض للإرهاب والعنف، بل والإصرار على خوض معركة التنمية بالتوازى مع الحرب على الإرهاب، مما سيجعل المؤرخين والباحثين فى قادم السنوات يتوقفون كثيرا بالدراسة والتحليل والتفسير أمام وقائع وتحديات ونجاحات هذه الثورة الجليلة فى كل مراحلها وأهدافها التى تتجدد وتتطور مع كل ذكرى عطرة لها.

ويحسب لقائد ثورة يونيو الرئيس السيسى أنه وضع الوطن على الطريق الصحيح منذ تولى المسئولية بإرادة وطنية صلبة من أجل بناء دولة قوية ووطن آمن، مع توفير الحياة الكريمة للمصريين من خلال قيادة معركة التنمية الشاملة فى كل القطاعات وجميع المناطق، فلم ينشغل بمجال دون آخر، ولم يؤجل محافظة لصالح أخرى، ولم يجامل فئة على حساب مثيلتها، بل تحرك بجد وإخلاص ومعه مؤسسات الدولة جميعها وبمساندة شعبية متواصلة فى كل الملفات، والشواهد متعددة، والأرقام كثيرة، والمواقف عصية على الحصر، وذلك رغم التحديات الداخلية والأزمات الخارجية، من تداعيات سياسات الإصلاح الاقتصادى مرورا بجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وحرب غزة وأخيرا الصراع الإسرائيلى الإيرانى غامض المصير، مجهول التوابع حتى الآن، ولكن الدولة المصرية تعاملت باحترافية وتحركت بحكمة، من ترويض التحديات وحصار الأزمات، وحماية الأمن القومى الوطنى على مختلف الاتجاهات، وجميع الجبهات رغم اشتعال الأحداث على حدودنا المختلفة.

وأجدنى مدفوعا للحديث عن بعض إنجازات جمهوريتنا الجديدة التى تأسست على عبقرية ثورة 30 يونيو العظيمة، والنموذج الذى لا تخطئه عين، ويشهد له القاصى والدانى هو تطوير وتحديث قواتنا المسلحة وفقا لأحدث التكنولوجيات وأقوى الأسلحة مع جاهزية المقاتل المصرى لكل السيناريوهات المحتملة، إدراكا من القيادة السياسية لخطورة أوضاع إقليم الشرق الأوسط المضطرب خلال السنوات الأخيرة بشكل مقلق فى ظل تعدد الصراعات الداخلية، وتنوع القوى الدولية وأصحاب المصالح فى المشهد، وهنا لا عاصم لأى بلد إلا بجيشه القوى الأمين، ودرعه الحصينة، وسيفه الباتر لكل من يفكر فى الاعتداء على أمنه أو المساس باستقراره، وهو ما نجحت فيه قواتنا المسلحة بتوجيهات رئاسية على مدى أكثر من 11 عاما، ونرى فى كل المناورات العسكرية، والأنشطة التدريبية، أن أبطالنا وجنودنا فى أعلى درجات الكفاءة القتالية، وأنهم بالمرصاد لكل المهددات، فى ظل التدريب المتواصل، والتأهيل المستمر على كافة المستويات، وجميع الرتب استعدادا لمجابهة كل التحديات، وهزيمة كل الصعوبات، وحماية الأمن القومى من أى خطر.

كما أن قواتنا المسلحة تقوم بدور عظيم لا يقل أهمية عن حماية الحدود وصيانة الثغور، وهو قيادة مسيرة التنمية فى مجالات عدة من الزراعة إلى الصناعة، ومن الطرق إلى الإسكان بالتنسيق مع مختلف الوزارات والجهات المعنية، وبتناغم محكم وتخطيط دقيق من أجل رفع مستوى معيشة المواطنين، مع الوفاء باعتبارات الأمن القومى فى ملفات الغذاء والدواء وزيادة الإنتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتى من مختلف السلع والمنتجات، سواء داخل منظومة القوات المسلحة أو خارجها لعموم المواطنين عبر سلسلة متكاملة من المشروعات القومية العملاقة مثل مشروع مستقبل مصر الزراعى والصناعى، ومدينة الغذاء، ومدينة الدواء، وغيرها الكثير، والمشروعات تتحدث عن نفسها سواء بحجم استثماراتها الضخمة، ومساحاتها الشاسعة، وإنتاجها الوفير، وفرص العمل التى أتاحتها، وعمار يا مصر.

وبنفس العزيمة، وتلك الهمة وضعت دولة 30 يونيو، الفئات الأولى بالرعاية على رأس اهتماماتها بداية من قاطنى العشوائيات، وأقامت لهم الكمبوندات من الأسمرات بالقاهرة إلى بشائر الخير فى الإسكندرية وصولا إلى روضة محفوظ بالمنيا، وتكرر هذا الإنجاز الحضرى فى كل المحافظات بتكلفة عدة مليارات من الجنيهات لتوفير سكن كريم لأهلنا وناسنا الطيبين، مع حزمة تتصاعد كل عام من الحماية الاجتماعية، وأيضا الطبقة الوسطى كانت ومازالت على رادار الدولة من مشروع الإسكان الاجتماعى العملاق إلى مشروع سكن مصر ودار مصر وغيرها من مشروعات الإسكان.

وكان لأهل القرى والنجوع نصيب الأسد من خطة التنمية الشاملة فى الجمهورية الجديدة من خلال مشروع القرن «حياة كريمة» لتطوير أكثر من 4500 قرية وتوابعها بتكلفة إجمالية تتعدى تريليون جنيه، لتغيير شكل الريف المصرى حسبما أكد الرئيس السيسى، ويصل عدد المستفيدين من هذا المشروع إلى قرابة 60 مليون مواطن بتطوير كل المرافق وجميع الخدمات، ومن الأرقام الدالة هنا أن المرحلة الأولى من هذا المشروع القومى وصل إجمالى تكلفتها نحو 360 مليار جنيه فى أعمال تأهيل البنية التحتية بـ 1477 قرية يعيش بها 18 مليون مواطن، ومازالت ملحمة العمل مستمرة. 

وهذه المشروعات التى ذكرناها بمثابة غيض من فيض لقائمة طويلة من المشروعات القومية التى تستهدف تحسين مستوى معيشة المصريين فى كل المجالات، ولمواصلة مسيرة بناء الدولة التى تمتلك القدرة الشاملة، وضمان استمرار مسار الوطن الآمن، علينا كمصريين التمسك بروح ثورة يونيو المجيدة، والاصطفاف مع القيادة السياسية كتفا بكتف، ويدا بيد فى معركة التنمية لأن مستقبل الأوطان لا تصنعه الأمانى البراقة ولا الشعارات الرنانة بل الجهد والعرق مع الوعى الشعبى، والتصدى لصناع الشائعات، وأصحاب المخططات من أهل الشر ومن لف لفهم، فهم لا يريدون لنا دوام نعمة الأمن والاستقرار، وما أعظمها من نعمة، وما أجلها من منحة.

حمى الله مصر وشعبها وقيادتها 

ومؤسساتها الوطنية من كل سوء.

    كلمات البحث
  • الذكري
  • الثانية
  • عشر
  • لثورة
  • 30 يونيو

أخبار الساعة

الاكثر قراءة