رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

الدولار «يتصدع» واليورو «يعزز نفوذه» .. مصير عملة «احتياطى العالم».. غامض


13-6-2025 | 19:02

.

طباعة
تقرير : سلمى أمجد

أثارت السياسات الحمائية التى يتبعها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تحوّلًا فى ثقة الأسواق العالمية فى الدولار الأمريكى انعكست على انخفاض مؤشر الدولار - الذى يقيس قيمة العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات الرئيسية المنافسة - بأكثر من 8 فى المائة منذ بداية العام، واتجاه المستثمرين للذهب كملاذ آمن، وفى ظل تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، لم يعد يخفى المسئولون الأوروبيون رغبتهم فى أن يتحدى اليورو، الذى أظهر بعض الزخم مؤخرًا، الدولار المهيمن على النظام المالى العالمى، فهل يفقد الدولار عرشه كعملة احتياطية عالمية؟

فى خطاب ألقته فى مدرسة « هيرتى» فى برلين، صرحت رئيسة البنك المركزى الأوروبى، كريستين لاجارد، بأن النظام الاقتصادى العالمى المدعوم بالدولار الأمريكى «يتصدع»، وأن المشهد الجيوسياسى المتغير قد «يفتح الباب أمام اليورو للعب دور دولى أكبر»، وطرحت فكرة اعتماد اليورو كبديل للدولار وتحوله إلى عملة الاحتياطى العالمى.

وذكرت «لاجارد»أن «رفع مستوى اليورو كعملة احتياطية سيجلب فوائد جمة لأوروبا، بما فى ذلك انخفاض تكاليف الاقتراض للحكومات الإقليمية، والحماية من تقلبات أسعار الصرف، وحماية أوروبا من العقوبات أو غيرها من التدابير القسرية»، ولكن الطريق أمام اليورو لن يكون ورديًا، حيث أكدت «لاجارد» أن على أوروبا تطويرأسواق رأس مال أكثر سيولة، وتعزيز الأطر القانونية وامتلاك أساس جيوسياسى متين من خلال الحفاظ على التزام راسخ بالتجارة المفتوحة ودعمها بالقدرات الأمنية.

ولم تكن «لاجارد»، المسئولة الوحيدة فى البنك المركزى الأوروبى التى تروج لإمكانيات اليورو، مع تراجع الثقة فى الولايات المتحدة، حيث قالت إيزابيل شنابل، عضو المجلس التنفيذى للبنك المركزى، إن «منطقة اليورو قد تصبح ملاذًا آمنًا مع ترسيخ سياسات ترامب للتعريفات الجمركية، مما يمنح المنطقة فرصة تاريخية لتعزيز الدور الدولى لليورو».

وتأتى هذه التصريحات المثيرة للجدل بالتزامن مع مفاوضات تجارية جارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى إثر تهديدات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 50 بالمائة على الواردات الأوروبية، وبالرغم من أنه قام بإرجائها لإفساح المجال أمام المفاوضات لكن لا تزال لهجة التهديد مهيمنة على المشهد، خاصة فى ظل تعهده بمضاعفة واردات الصلب من 25 بالمائة إلى 50 بالمائة.

ومنذ بداية العام، ارتفع سعر اليورو بأكثر من 9 فى المائة مقابل الدولار الأمريكى، ومع ذلك ما يزال الدولار العملة الاحتياطية الرئيسية والأكثر تداولًا فى العالم، حيث يمثل ما يقرب من 60 فى المائة من احتياطيات النقد الأجنبى العالمية، ويلعب دورًا مهمًا فى تجارة الأصول مثل النفط والذهب، كما تربط أكثر من 66 دولة عملاتها بالدولار الأمريكى مما يجعل اقتصاداتها مستقرة وأقل عرضة للصدمات، أما اليورو، فهو يأتى فى المرتبة الثانية بفجوة كبيرة عن الدولار، حيث يشكل نحو 20 فى المائة فقط من احتياطيات النقد الأجنبى الدولية.

وفى هذا السياق، سبق وأن صرح محمود محيى الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، خلال مشاركته فى ندوة «انعكاسات التطورات الاقتصادية والتجارية العالمية على مصر» التى عقدتها مؤسسة كيميت بطرس غالى للسلام، بأن الدولار الأمريكى سيظل العملة المهيمنة على الاقتصاد العالمى، على الرغم مما ترتكبه الولايات المتحدة من «موبقات سياسية واقتصادية».

وأضاف «محى الدين» أنه على الرغم من تراجع نسبة مساهمة الدولار الأمريكى فى حجم الاحتياطيات الدولية من 70 فى المائة مطلع الألفينيات إلى 60 فى المائة فى الوقت الحالى فإنه سيظل مهيمنا بسبب عمق وسيولة الاقتصاد الأمريكى، واحترام القائمين عليه لتعهداتهم الدولية حتى الآن، فضلًا عن عدم ظهور عملة منافسة، فاليورو أغلب تعاملاته فى حدود دول الاتحاد الأوروبى، أما عملة «البريكس» فلم ترَ النور بعد، ومع ذلك لا يتوقع «محى الدين» استمرار هيمنة الدولار الأمريكى للأبد فى إشارة إلى الجيلدر الهولندى والجنيه الإسترلينى اللذين كانا مسيطرين على الاقتصاد العالمى قبل الدولار.

وبدوره، أوضح الدكتور أحمد عبود، أستاذ الاقتصاد بجامعة بورتسموث ببريطانيا، فى تصريح لـ «المصور»، أنه «رغم أن اليورو مسند إلى الاتحاد الأوروبى، وهو ثانى أكبر الاقتصادات العالمية بعد الولايات المتحدة الأمريكية، غير أنه لا يستطيع أن يحل محل الدولار فى الوقت الحالى، ويرجع ذلك إلى وجود تباعد بين بعض دول الاتحاد الأوروبى، فعلى سبيل المثال اقتصاد ألمانيا يختلف بشكل كبير عن دول أخرى مثل إيطاليا واليونان، كذلك هناك تفاوت كبير فى القوى الاقتصادية داخل الاتحاد، فضًلا عن المشكلات التى تواجه الكتلة الفترة الحالية مما يضعف من ثقة المستثمرين فى اليورو كعملة أساسية».

«عبود»، أضاف أن «الدولار يعد عملة أساسية لأن هناك سندات دولارية صادرة عن الخزانة الأمريكية تعتبر مركزا موحدا لحفظ القيمة بينما لا توجد سندات فى الاتحاد الأوروبى بقوة السندات الأمريكية، وأيضًا أسواق المال الأمريكية أقوى بشكل كبير من أسواق أوروبا، ولكن يستطيع اليورو أن يعزز من نفسه بشكل تدريجى كعملة قوية فى الفترات القادمة، وتخفيف الاعتماد على الدولار كما تحاول الصين وروسيا الفترة الحالية.

كما أكد «عبود»، أنه «فى المستقبل القريب سيبقى الدولار هو العملة الأساسية بسبب قوة النفوذ السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية فى العالم بأكمله كما نشاهد حاليًا، فعندما أراد ترامب تغيير معدلات الرسوم الجمركية اهتز الاقتصاد العالمى، وبالتالى لا يستطيع اليورو أن يحل محل الدولار لكن بإمكان الاتحاد الأوروبى تعزيز قيمة اليورو».

أخبار الساعة

الاكثر قراءة